بعد الفضيحة التي تعرضت لها الشركة المنتجة للقاح أسترازينيكا المخصص لعلاج كورونا، توجه عدد كبير من المصابين بأعراض جانبية لهذا اللقاح بدعاوى قضائية بملايين الدولارات ضد الشركة التي اعترفت بأن اللقاح له أعراض خطيرة على صحة الإنسان، فيما بدأت تنكشف قصص لأشخاص عانوا من أعراض تهدد حياتهم بالفعل مصرحين بأن الشركة تهربت من أداء التكاليف الطبية.
رفعت امرأة أمريكية، شاركت في التجربة السريرية للقاح، دعوى قضائية ضد الشركة، مدعية أنها تركتها «معاقة بشكل دائم».
فقد رفعت المعلمة السابقة بريان دريسن، البالغة من العمر 42 عاما، دعوى ضد الشركة بتهمة انتهاك العقد، بعدما قالت إن أسترازينيكا فشلت في توفير الرعاية الطبية لآثار اللقاح الجانبية، حيث أصيبت بحالة عصبية حادة بعد مشاركتها في تجربة لقاح عام 2020.
تهرب الشركة من التكاليف الطبية
زعمت دريسن في المحكمة، الاثنين الماضي، أنها وقعت اتفاقاً مع الشركة التي وعدت فيه «بدفع تكاليف العلاج الطبي لإصابات البحث، بشرط أن تكون التكاليف معقولة، وألا تتسبب في الإصابة بنفسك»، بحسب تقرير لصحيفة «تلغراف» البريطانية.
وأشارت المعنية إلى أن الشركة لم تغط تكلفة الرعاية الطبية وذلك عندما شعرت بإحساس شديد مثل الدبابيس والإبر أصاب كل أنحاء جسدها بعد وقت قصير من تلقيها اللقاح في نونبر 2020.
وقالت دريسن إنها تُركت غير قادرة على العمل بعد تشخيص إصابتها بالاعتلال العصبي المحيطي، وهي حالة تسبب التنميل والألم بسبب تلف الأعصاب،
فيما صُنفت حالتها على أنها «اعتلال عصبي بعد اللقاح» بسبب ارتباطها بالحقنة.
وكشفت دريسن أن الإصابة أجبرتها على ترك وظيفتها، مشيرة إلى أنها ما زالت معاقة بشكل دائم، بالإضافة إلى الشعور الدائم المتمثل في الإحساس بالدبابيس والإبر التي تسري في جسدها، 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع، على حد قولها.
وبعد دخولها المستشفى عدة مرات بعد تطعيمها، قالت دريسن إن فواتيرها الطبية وصلت إلى آلاف الدولارات، وأنها رفضت دفع مبلغ صغير كان من شأنه أن يحد من مسؤوليتها في أي دعوى قضائية. ويُعتقد أن الدعوى القضائية التي رفعتها هي الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، حيث تم اختبار اللقاح بريطاني الصنع في التجارب السريرية لكن لم تتم الموافقة على استخدامه مطلقاً.
أكثر من 50 دعوى
رفع أكثر من 50 شخصاً دعوى قضائية جماعية ضد الشركة في المملكة المتحدة، في قضية يمكن أن تؤدي إلى دفع تعويضات بملايين الجنيهات الإسترلينية. وطلبت الشركة من الاتحاد الأوروبي سحب الترخيص للقاحها في الدول الأعضاء الأسبوع الماضي.
ويعتقد محامو هؤلاء أن بعض المطالب قد تصل تعويضاتها إلى 20 مليون جنيه إسترليني.
واعترفت AstraZeneca، ومقرها كامبريدج، والتي تطعن في هذه المزاعم، في وثيقة قانونية قدمت إلى المحكمة العليا في فبراير الماضي، بأن لقاحها «يمكن، في حالات نادرة جدا، أن يسبب TTS .
وكانت هذه الحالة تصفها أسترازينيكا على أنها «أثر جانبي محتمل». وهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها الشركة البريطانية أمام المحكمة بأن لقاحها يمكن أن يسبب هذه الحالة.
ويسمح قانون ولاية يوتا، التي تعيش فيها دريسن، للمشتكين الذين يرفعون دعوى قضائية بسبب خرق العقد، بالمطالبة بالتكاليف الناتجة عن الانتهاك والتعويضات، ما قد يؤدي إلى دفع تعويضات كبيرة لها إذا وجدت المحكمة لصالحها.
هناك، كذلك، صلة موثقة بين لقاح أسترازينيكا والحالات العصبية، مثل الاعتلال العصبي المحيطي في بعض الحالات النادرة للمرضى الذين تلقوا اللقاح.
ووجدت دراسة نشرت العام الماضي في مجلة Current Neurology and Neuroscience Reports حدوث أعراض عصبية شديدة أكبر من المتوقع بعد أنواع مختلفة من التطعيم ضد كوفيد-19، لكنها خلصت إلى أن الأدلة لم تكن قوية بما يكفي للتوصية بسحب اللقاح.
عقار «أسترازينيكا»
تصدر لقاح «أسترازينيكا» أو أكسفورد المضاد لفيروس كورونا الواجهة مجدداً، بعد اعتراف الشركة لأول مرة بأن لقاحها، الذي تم تطويره مع جامعة أكسفورد البريطانية، يمكن، في حالات نادرة جداً، أن يتسبب في آثار جانبية مميتة تؤدي إلى الإصابة باضطراب «متلازمة نقص الصفيحات الدموية (TTS)».
وتم إنتاج عقار كوفيشيلد، الذي طورته شركة أسترازينيكا البريطانية- السويدية وجامعة أكسفورد أثناء جائحة كوفيد 19، من قبل معهد الأمصال الهندي وتتم إدارته على نطاق واسع في الهند.
اضطراب يهدد الحياة
متلازمة نقص الصفيحات الدموية (TTS)» اضطراب نادر في الدم يهدد الحياة، حيث يتسبب في حدوث جلطات في الأوعية الدموية الصغيرة في جميع أنحاء الجسم.
ويمكن لهذه الجلطات أن تحد أو تمنع تدفق الدم إلى أعضاء الجسم، مثل الدماغ والكلى والقلب، وقد تتسبب، أيضا، في زيادة الجلطات في انخفاض عدد الصفائح الدموية.
ويمكن أن تتسبب هذه المتلازمة، أيضاً، في تفكك خلايا الدم الحمراء بشكل سريع ما يؤدي إلى شكل نادر من فقر الدم يسمى فقر الدم الانحلالي، بحسب ما ذكره موقع «ميديكال نيوز توداي» الصحي.
ويمكن أن تؤدي هذه المتلازمة، كذلك، إلى الوفاة في بعض الحالات، ومن دون علاج يمكن أن تسبب مشاكل طويلة الأمد، مثل تلف الدماغ أو السكتة الدماغية.
وتعد الأدوية المضادة للتخثر من أكثر الطرق شيوعاً لعلاج هذه المشكلة.
أعراض جانبية
* ألم في الصدر.
* ظهور بقع دموية صغيرة تحت الجلد.
* صعوبة في التنفس.
* صداع.
* عدم وضوح الرؤية.
* نعاس.
* تعب شديد.
* سرعة ضربات القلب أو ضيق التنفس.
* آلام البطن المستمرة.
* القيء والإسهال.
* تورم الساق.
وتظهر الدراسات المستقلة أن لقاح أسترازينيكا كان فعالا بشكل لا يصدق في معالجة الوباء، حيث أنقذ حياة أكثر من ستة ملايين شخص على مستوى العالم في السنة الأولى من طرحه.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن اللقاح «آمن وفعال لجميع الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما فما فوق»، وإن التأثير السلبي الذي دفع إلى اتخاذ الإجراء القانوني كان «نادرا جدا».
إلغاء في المملكة المتحدة
في الأشهر التي تلت طرح الدواء، حدد العلماء الآثار الجانبية الخطيرة المحتملة للقاح، وأوصوا بعد ذلك بإعطاء لقاح بديل لمن هم دون الأربعين لأن خطر لقاح أسترازينيكا يفوق الضرر الذي يشكله كورونا.
ويقول المحامون، الذين يمثلون العائلات التي تقاضي شركة الأدوية، إن اللقاح لم يكن آمنا كما يجب وبالشكل الذي يتوقعه الأفراد، إنهم يقاضون الشركة، ومقرها في كامبريدج، بموجب قانون حماية المستهلك لعام 1987.
يذكر أنه في ديسمبر 2020، أعلنت الحكومة البريطانية أن وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية سمحت باستخدام اللقاح المضاد لفيروس كورونا الذي طورته شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد.
وأسترازينيكا هي الشركة الثانية بين كبريات الشركات في المملكة المتحدة، حيث تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 170 مليار جنيه إسترليني.