شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

كل ما تجب معرفته حول ابتكار رحم اصطناعي بالصين

نظام ذكاء اصطناعي يمكن من مراقبة نمو الأجنة والعناية بها

مقالات ذات صلة

 

مفهوم الرحم الاصطناعي ليس جديدا، حيث نوقش أول مرة سنة 1923 في إنجلترا، ولم يتم تنفيذ الفكرة إلا بعد مدة طويلة. لكن هذه المرة جاءت الصين بفكرة جديدة كليا، فقد ابتكرت روبوت اصطناعي يرعى الجنين داخل الرحم الاصطناعي الشيء الذي قد يخلق زلزالا علميا.

 

سهيلة التاور

 

 

تماما كالرحم الطبيعي، الذي يحمل الجنين لمدة تسعة أشهر ويكون متصلا بالحبل السري، الذي يربطه بأمه طوال هذه المدة، فإن الرحم الاصطناعي يتصل بأجهزة متكاملة لتحقيق مناخ مناسب ومشابه للرحم الطبيعي، فهو عبارة عن كيس من بلاستيك معين مملوء بالماء شبه رحم ليتشابه مع رحم الأم، وهذا الماء هو ما يغذي الجنين، كما يساعد قلب الجنين في ضخ الدم إليه كما يفعل الحبل السري للأم، وذلك من خلال آلة لتبادل الغازات وهي تقوم بعمل المشيمة، ويراعي في عمل الرحم الاصطناعي عدم استخدام أي مضخات مع القلب لأنها تشكل ضغطا إضافيا يمكنه تهديد وقف عمل قلب الطفل.

ويعتبر الرحم الاصطناعي وسيلة حديثة ومبتكرة لاستكمال نمو الأطفال بطريقة صحيحة والذين يولدون قبل إتمام 9 أشهر في رحم الأم.

 

 

الولادة قبل الأوان

تبلغ مدة الحمل الطبيعي للإنسان 40 أسبوعا، وأي طفل يولد قبل 37 أسبوعا يعتبر سابقا لأوانه، أما الفترة بين 23 إلى 24 أسبوعا فهي المدة التي يمكن أن يبقى فيها الطفل على قيد الحياة.

وفي البلدان التي تضم مستشفيات جيدة، هناك فرصة بنسبة 24 في المائة لإبقاء الطفل على قيد الحياة في عمر 23 أسبوعا، لكن 87 في المائة من الناجين يعانون من مضاعفات كبيرة، مثل أمراض الرئة ومشاكل الأمعاء وتلف الدماغ والعمى.

الولادات المبكرة، أي تلك التي حدثت قبل الأسبوع الـ37 من الحمل، هي السبب الأول وراء وفاة حديثي الولادة في جميع أنحاء العالم. يولد كل عام ما يصل إلى 15 مليون طفل مبتسر، يعجز نصفهم عن البقاء على قيد الحياة، بينما يعيش النصف الآخر مهددًا بخطر الإصابة بإعاقات جسدية أو عقلية، وذلك لأسباب عدة، منها عدم اكتمال نمو الرئتين إلا في مرحلة متأخرة من الحمل. وغالبًا ما يعتمد علاج هؤلاء الأطفال المبتسرين على «تقنية التهوية» لمساعدتهم على التنفس، وهي ليست بالمهمة السهلة على الإطلاق.

 

أول رحم اصطناعي في العالم

تمكن فريق من ثلاثة أطباء متخصصين في طب الأطفال الخدج في مستشفى بمدينة فيلادلفيا الأمريكية، سنة 2018، من تصميم نموذج أولي لرحم اصطناعي يمكنه منح الأطفال المولودين مبكرا فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة أكثر من أي وقت مضى. وقال الفريق إن عمله هذا مدفوع فقط بالرغبة في إنقاذ الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم.

ويتكون الرحم الاصطناعي، الذي يبدو وكأنه كيس بلاستيكي، من مشيمة بديلة متصلة بالحبل السري وظيفتها إيصال الأوكسجين للجنين وإخراج ثاني أوكسيد الكاربون، تماما مثلما يحصل مع الرحم الطبيعي.

كما يحتوي الاختراع، الذي بدأت تجربته على جنينين لحيوان الماعز، على سوائل دافئة ومعقمة يتنفسها الجنين ويبتلعها، كما يفعل الجنين البشري.

وأخذ الجنينان من رحمي أميهما عبر ولادة قيصرية، ثم وضعا في الرحم الاصطناعي، في عمر حمل يعادل 23-24 أسبوعا عند البشر.

يقول الطبيب ماركوس ديفي، أحد أعضاء الفريق البحثي، «في المستقبل، نتصور أن يكون هذا النظام متوفرا في وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة وسيبدو إلى حد كبير مثل الحاضنة التقليدية».  ويضيف: «سيتم الاحتفاظ بالأرحام الاصطناعية في بيئة مظلمة لمحاكاة الرحم البشري، ولكن الأطفال سيكونون مرئيين كما لم يحدث من قبل، حيث يمكن للوالدين أن يشاهدا الجنين».

أما في عام 2019 أخذ فريق بحثي من معهد علم الحيوان في بكين بويضة قرد مخصبة إلى مرحلة تكوين العضو في رحم اصطناعي، وهي المرة الأولى التي ينمو فيها جنين خارج جسم الأم.

 

مربية اصطناعية

في الصين، ابتكر عدد من العلماء، هذه المرة، روبوتا مشمولا بنظام ذكاء اصطناعي كي يتولى مراقبة ورعاية أجنة بشرية تنمو في أرحام اصطناعية.

ويُعمل على تطوير هذا الروبوت الذي يتمتع بذكاء اصطناعي بوصفه حلا محتملا لمشكلات يشهدها النمو السكاني في الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم «الصين»، حيث انخفضت معدلات المواليد أخيرا إلى المستوى الأدنى لها منذ ستة عقود.

وفي التفاصيل أن مجموعة من الباحثين في «معهد سوتشو للهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا»Suzhou Institute of Biomedical Engineering and Technology في مقاطعة جيانغسو في شرق الصين، طورت الروبوت المذكور كي يضطلع بمهمة تتطلب عمالة مكثفة تتمثل في مراقبة وتوثيق وإدخال تعديلات يدوية على معدلات ثاني أكسيد الكربون، والتغذية والمدخلات البيئية الأخرى. وكذلك في مقدور الروبوت تصنيف الأجنة وفق قدرتها على النمو.

وعرضت ورقة بحثية نُشرت في «مجلة الهندسة الطبية الحيوية»Biomedical Engineering، تفاصيل بشأن المربية الروبوتية التي سبق أن بدأت تستخدم في تغذية أجنة حيوانات تنمو داخل بيئة رحم اصطناعي.

وذكرت الورقة البحثية أن «ألغازا كثيرة بشأن فسيولوجيا (علم تطور الأعضاء) التطور الجنيني البشري النموذجي لم تتبين إجاباتها حتى الآن»، مضيفة أن هذه التكنولوجيا (المربية الروبوت) «لن تساعد فحسب في فهم أصل الحياة والتطور الجنيني للبشر، بل ستوفر أيضاً أساساً نظرياً يفسح المجال أمام التوصل إلى حلول للعيوب الخلقية وغيرها من مشكلات كبيرة في الصحة الإنجابية».

ووفق الورقة البحثية، باستخدام هذا النظام من الذكاء الاصطناعي ينمو الجنين على نحو أكثر أماناً وكفاءة مقارنة مع البيئة الطبيعية لرحم المرأة.

وهذه التكنولوجيا مستوحاة من مربية آلية تحكي عنها قصة قصيرة بعنوانDacey’s Patent Automatic Nanny» » في المجموعة القصصية الشهيرة «زفير»Exhalation  الصادرة عام 2019 بقلم تيد تشانغ.

وفي القصة، يكبر طفل ليكون عاجزا عن التفاعل مع غيره من البشر، بعدما كان تربى على أيدي مربية آلية بمفردها.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنظومة لا تزال في مرحلة التطوير. أي لا يزال أمام البشرية ما يكفي من الوقت لمناقشة وحل هذه المشكلة الأخلاقية.

 

طريقة عمله

إن منظومة المربية الاصطناعية مع العقل الاصطناعي وعدة أرحام اصطناعية التي ابتكرها علماء معهد «سوتشو» للهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا تعمل فعلا وتقوم «برعاية» أجنة الفئران. وهذه الأجنة موجودة في رحم اصطناعي مملوء بالمواد المغذية وأما «المربية» الآلية فيتحكم بها العقل الاصطناعي.

وهذه المنظومة المعقدة لحاويات السوائل التي تنمو فيها أجنة الفئران، مزودة بعدد من أجهزة تنظيم السوائل وإمدادات الأكسجين، وثبتت فوقها كاميرا قادرة على تكبير صورة الجنين بتفاصيل مذهلة.

وتعمل هذه المنظومة بالشكل التالي: تتلقى «المربية» الآلية المعلومات الأساسية عن نمو وتطور الأجنة. ويمكن للمنظومة متابعة ورصد مراحل تطور الأجنة، دون أن تؤثر في النشاط الحيوي للأجنة. واستنادا إلى هذه البيانات يمكن للعقل الاصطناعي التمييز بين الأجنة على أساس حالتهم الصحية، إذا ما طلب الباحثون ذلك لاستخدامها في دراستهم.

ويشير الباحثون، إلى أن هذه المنظومة يمكنها «رعاية» الأجنة البشرية. ولكن القوانين الدولية في الوقت الحاضر تمنع إجراء مثل هذه التجارب. لذلك هي حاليا مبرمجة لرعاية أجنة الحيوانات.

ووفقا للخبراء، ستساعد هذه المنظومة على فهم عملية ولادة الحياة، وتطور الجنين البشري بصورة أفضل. وكذلك ستساعد على اكتشاف أسباب العيوب الخلقية والمشكلات الخطيرة المتعلقة بالصحة الإنجابية للإنسان.

 

انتقاد شديد

انتقدت أخصائية أمراض النساء والتوليد  وخبيرة منظمة الصحة العالمية لوبوف يروفيفا فكرة الرحم الاصطناعي مشيرة إلى الآثار الجانبية له وقالت: «يمكنني أن أقول شيئًا واحدًا: كلما ولد الطفل في وقت مبكر أعني في المراحل المبكرة من الحمل، كلما زاد خطر الإصابة بالشلل الدماغي».

وتابعت يروفيفا بقولها: « لكي يكتمل نمو جميع أعضاء الجنين، يجب أن يحدث كل شيء في الرحم الطبيعي. خاصة أن الجهاز العصبي لا يمكن أن يكتمل نموه بشكل كامل إلا داخل الرحم الطبيعي وبالتالي فإن الرحم الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الرحم الطبيعي».

ولفتت الخبيرة إلى أن التجارب التي يجريها الغرب على الجسم البشري، لم تثبت فعاليتها جميعا موضحة أنه لكي ينمو طفل خدج واحد  فقط من 0.5 كغ إلى 1.5 كغ خلال 3-4 أشهر، يحتاج إلى إنفاق نحو 300000 أورو للمحافظة عليه موضحة أن الأمر سيتطلب ملايين الدولارات.

وأضافت الخبيرة: «الرحم الاصطناعي لن يستعيض أبدًا عن الرحم  الطبيعي، ومن المحتمل جدًا أن يظل الطفل معاقا».

واختتمت قائلة: «في بعض الأحيان يرغب المهندسون والمتخصصون في علوم الأحياء في إثبات صحة أفكارهم الغريبة وأهميتها للبشرية، إذا حاولنا تغيير آليات الطبيعة، يمكن أن تنتقم منا بقسوة».

 

 

 

نافذة

انتقدت أخصائية أمراض النساء والتوليد وخبيرة منظمة الصحة العالمية لوبوف يروفيفا فكرة الرحم الاصطناعي مشيرة إلى الآثار الجانبية له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى