شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

لا أحد منتصر في الحرب

 

مقالات ذات صلة

أعرب المغرب، عبر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية، عن قلقه العميق جراء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة، مُدينا استهداف المدنيين من أي جهة كانت، وداعيا إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والعودة إلى التهدئة وتفادي كل أشكال التصعيد التي من شأنها تقويض فرص السلام بالمنطقة. ودعا المغرب، بتعليمات من الملك محمد السادس، رئيسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس على مستوى وزراء الخارجية العرب للتشاور والتنسيق بشأن تدهور الأوضاع في قطاع غزة واندلاع أعمال عسكرية تستهدف المدنيين، وكذا البحث عن سبل إيقاف هذا التصعيد الخطير.

بداية لا يمكن سوى أن نكون وراء هذه المواقف المتزنة والواقعية لدبلوماسيتنا الرسمية، مواقف لا تصب مزيدا من الزيت على النار كما يفعل تجار القضية الفلسطينية، وهذا ليس بجديد على المواقف الثابتة للمغرب التي لطالما التزمت موقف الدعم الفلسطيني عبر تكريس الخطاب الدبلوماسي الهادئ البعيد عن انفعالات العنف اللحظية، وهو ما جعل بلادنا تحظى بثقة الأطراف المتصارعة، ما يسمح لها بلعب دور الوساطة لتفادي جر المنطقة نحو حمامات الدم.

لذلك فالمواقف المغربية، التي ينبغي أن تلتف حولها الأحزاب والمؤسسات والقوى الحية، تنتصر للحل السلمي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وترتكن إلى منطق الرزانة والعقل، لأنها مواقف دبلوماسية تؤمن بأن أعمال العنف والعنف المضاد وقتل المدنيين لا يمكن أن يكون فيها منتصر بل الجميع سيخرج منها منهزما وخاسرا، طبعا إلا تجار الحروب والأزمات الذين يلبسون أثواب القومية العربية والإسلامية للدفع بالعنف إلى أقصى مدى.

ولعل التطورات الأخيرة في المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية لا تخلو من رهانات جيواستراتيجية في قلبها حسابات لفاعلين غير ظاهرين في هاته المواجهة الدموية، الذين يحاولون أن يجعلوا من القضية الفلسطينية موردا لشرعيتهم المترهلة ومخرجا لأزماتهم الداخلية، وهو ما يفرض على دبلوماسيتنا الاحتكام أكثر للواقعية والتهدئة، خصوصا وأن الخيارات الدبلوماسية بدل خيار العنف لا تزال ممكنة وأكثر ملاءمة لجميع الأطراف من بدائل التصعيد الدموي الذي لن يخدم أحدًا. لذلك فكلما تأخرت أكثر العملية الدبلوماسية زادت معاناة الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص لأنه في وضع أكثر هشاشة.

وإذا لم يحتكم الفلسطينيون والإسرائيليون للغة العقل لتجاوز هذا المنعطف الصعب، سيكون الخاسر الأكبر هو الدول الداعية للسلام التي تعمل على خيار حل الدولتين الذي بات يتحول إلى سراب أمام ارتفاع صوت الصواريخ والمدافع والمواقف المتصلبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى