شوف تشوف

لهذا سيفوز ترامب بولاية ثانية

أخطر ما قاله ترامب بعد مغادرته للمستشفى ليس هو حديثه عن الدواء المعجزة الذي جعله يقف على رجليه مباشرة بعد تناوله، وليس هو إعلانه تعميم هذا الدواء مجانًا على المستشفيات الأمريكية، ولكن تهديده المباشر للصين بأنها ستدفع ثمن ما اقترفته في حق أمريكا والعالم بسبب الفيروس الذي انطلق منها واجتاح الكرة الأرضية.
حتى أن هنري كيسنجر وزير الخارجية الأسبق من قمة عمره الذي وصل إلى قرن من الزمان خرج عن صمته وقال لوكالة بلومبرغ إن الولايات المتحدة والصين يجب أن تضعا حدودا للمواجهة، وإلا فإن العالم سيجد نفسه في وضع مماثل للحرب العالمية الأولى.
كيسنجر يرى أن الصراع بين واشنطن وبكين كان بسبب ظهور تقنيات جديدة غيرت المشهد الجيوسياسي.
ترامب وفي أوج حملته الانتخابية ذهب إلى حد تهديد الصين بدفع الثمن، مما يعد في اللغة الدبلوماسية بمثابة إعلان حرب.
لذلك فالدولة العميقة بأمريكا Deep State ممثلة بهنري كيسنجر تدخلت لتصحيح اتجاه الرصاصة الطائشة التي أطلقها ترامب وكنس الشظايا التي خلفها دخول الفيل إلى دكان الخزف. أو بالأحرى الحمار طالما أن هذا الحيوان المظلوم يمثل رمز الحزب الديمقراطي.
كيسنجر الملقب بالثعلب العجوز سبق له أن تنبأ بقرب اندلاع الحرب العالمية الثالثة عندما كتب “الدب الروسي وحامل المنجل الصيني سينهضان من هجعتهما، في الوقت الذي يتعين فيه على إسرائيل أن تقاتل العرب، بكل إمكاناتها، وتقتل منهم بقدر ما تستطيع، (وهو ما تفعله بطرق عديدة) والأمل أن يسير كل شيء كما هو مخطط له، وأن يصبح نصف الشرق الأوسط إسرائيلياً”.
وبحسب كسينجر فالأطفال الأمريكيون يتدربون، منذ العقد السابق، على ألعاب الحروب الإلكترونية، وسيكون الأمر مثيراً لهم، عندما يستدعون إلى الخدمة، عند نشوب “الحرب العالمية الثالثة”، وسوف يكتشفون أنهم أمام نسخةٍ واقعيةٍ، من لعبة الحرب التي تعلموها، ليصبحوا مقاتلين بارعين.
لذلك فهذه الحرب التي تلوح في الأفق لن تكون سوى حرب تجارية، تقوم فيها أمريكا بمحاصرة التنين الصيني في كل مكان، وخصوصا في إفريقيا.
وستكون أمريكا في هذه الحرب مجبرة على القتال بشراسة على عدة واجهات، ضد روسيا والصين، وضد أوروبا وتركيا، وضد الهند.
ولهذا فالدولة العميقة بأمريكا بحاجة إلى رئيس من طينة ترامب للبقاء في البيت الأبيض لولاية ثانية، أولًا لإتمام صفقة القرن، وثانيًا لأن كل خصوم أمريكا التجاريين نصبوا رؤساء سيظلون في الحكم إلى حدود 2030.
وسواء تعلق الأمر بالرئيس بوتين أو أردوغان أو ميركل أو شي جين بينغ، أو حتى نتانياهو، فكل هؤلاء الرؤساء نصبوا أنفسهم ملوكا غير متوجين على شعوبهم.
وواهم من يعتقد أن محرك الحرب التجارية سيكون هو البترول، فهذه الطاقة سيتم تجاوزها قريبا وتعويضها بالطاقة الهيدروجينية التي تعتمد على الماء.
وليس صدفة أن المغرب شرع قبل أشهر في عقد شراكة مع ألمانيا لتطوير مشروع للطاقة الهيدروجينية بالمغرب، خصوصًا بعدما انفكت عقدة برلين تجاه الرباط في الملف الليبي واعترفت بدور المغرب في حل هذا النزاع.
لهذا فالماء سيكون هو محرك الحروب القادمة، ومن يسيطر على مصادر المياه سيسيطر على سلاسل إنتاج الغذاء، ومن يملك الغذاء يسيطر على الشعوب.
ولذلك فليس صدفة أن إسرائيل حاضرة في إثيوبيا من خلال سد النهضة على النيل، كما أنها تفرض هيمنتها على دول بحيرات ومنابع النيل.
كما علينا أن نتذكر عندما اقترح ترامب على الدنمارك عرضا ماليا لشراء جزيرة غرينلاند التي توجد بها أنقى المياه الجليدية بالعالم.
وكما توجد بورصة للبرنت الخام والمواد البترولية وبورصة للذهب والقهوة فقريبًا سيتم افتتاح أول بورصة للماء في كاليفورنيا لبيع الماء للاستعمال الفلاحي.
العالم الذي يتم الإعداد له سيجعل من ضمان الأمن الغذائي أولويته القصوى، ومن تابع الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان لا بد أن يكون انتبه إلى التركيز الملكي على ضرورة أن تكون الفلاحة قاطرة للتنمية.
ولهذا تمت تعبئة مليون هكتار من الأراضي الفلاحية الجماعية لفائدة المستثمرين وذوي الحقوق، وتم تخصيص ما يقارب 38 مليار درهم كاستثمارات فلاحية لضمان نقطتين إضافيتين سنويا من الناتج الداخلي الخام وخلق مناصب شغل للشباب المقاول في المهن المرتبطة بالفلاحة.
المغرب لديه الإمكانيات لتحقيق هذا الانتقال، الانتقال من فلاحة معاشية تقليدية إلى فلاحة تصنيعية معقلنة وعلمية، والحل هو التعامل مع الماء بذكاء، أي استغلال مياه الأمطار والمياه العادمة التي تذهب هدرًا في البحر، واستثمار كل ما يمكن استثماره في إقامة محطات لتحلية مياه البحر في كل المدن الساحلية.
ليس هناك مفر من مواجهة هذا التحدي، وإلا سيكون على الجميع تطبيق نصيحة هنري كيسنجر عندما قال للذين سيفكرون في الهروب إلى أماكن بعيدة آمنة: “إن كنت مواطناً عادياً في وسعك تحضير نفسك لمواجهة الحرب بالانتقال إلى الريف، والإقامة في مزرعة. ولكن، لا تنس أن تأخذ معك سلاحك، فقد تحتاج إليه، حيث إن جحافل الجوعى قد تغزو مكان إقامتك، أما رجال النخبة، فلديهم ملاذاتهم الآمنة، لكن، عليهم أيضا أن يكونوا حذرين، لأن ملاذاتهم تظل، هي الأخرى، في خطر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى