حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفنفسحة الصيف

ليو بيكلاند.. ابن الإسكافي مخترع مادة الألف استخدام

ليو هندريك بيكلاند Leo Baekeland (1944- 1863)، مخترع كيميائي بلجيكي الأصل وحامل للجنسية الأمريكية. اخترع بيكلاند أقدم نوع من البلاستيك أطلق عليه اسم بيكلايت (Bakelite) نسبة إليه. كما كان أيضا قبل اختراعه الأساسي صاحب اختراع الورق الخاص الذي كان يُستعمل في التصوير، حيث طور نوعا من الورق الخاص بالتصوير الفوتوغرافي، يستخدم في تظهير الصور تحت الضوء الاصطناعي بديلا عن ضوء الشمس، أو ما يسمى أيضا بتحميض الأفلام، مما سمح بالتصوير في الأماكن المغلقة وطبع الصور بسهولة وسرعة. ما أسهم بصفة عامة في تطوير التصوير الفوتوغرافي.

ولد هندريك بيكلاند في بلجيكا في عائلة فقيرة، كان أبوه مجرد إسكافي غير متعلم، كان يريد من ابنه أن يزاول العمل التجاري، بينما أمه كانت من وراء تشجيعه للحصول على منحة دراسية للولوج إلى الجامعة. كان نبوغه المبكر في الكيمياء والفيزياء والرياضيات أهله للحصول على شهادة الدكتوراه، وسط إشادة وحفاوة أساتذته.

 

هذا الاختراع سيثبت أهميته في المستقبل

أمضى ليو بيكلاند مدة في التدريس ببلاده، حتى قرر الانتقال إلى أمريكا والهجرة إليها، حيث حصل على جنسيتها. أثناء إجراء أبحاثه الكيميائية العديدة بحثا عن مادة عازلة باستخدام «الفورمالديهايد» و«الفينول»، وجد نفسه بالصدفة أمام مادة غريبة «بيكلايت»، كما سماها أول الأمر، لكنها ستشتهر باسم البلاستيك كما هو معروف اليوم، وكان هذا الاختراع مصدرا كبيرا لثروته. كتب في مذكراته مشيرا إلى أهمية اختراعه: «ما لم أكن مخطئا كثيرا، فإن هذا الاختراع سيثبت أهميته في المستقبل». كان ليو بيكلاند على حق بشأن أهمية البلاستيك، فسرعان ما أصبحت هناك العشرات من المنتجات التي تصنع منه، وأصبح يستهلك 8 في المئة من الإنتاج النفطي العالمي لتصنيعه (تستخدم نصف الكمية كمادة خام والنصف الآخر كطاقة)، لكنه أدرك سريعا أن البيكلايت أو البلاستيك قد يصبح أكثر تنوعا، لذا أطلق عليه «مادة الألف استخدام»، وهو ما صح مجددا، حيث استخدم في ما بعد في صناعة الهواتف والأسلحة والأواني وغيرها… اختراع هذه المادة ذات الاستعمالات المتعددة أبان عن تميزها بخصائص من أهمها متانتها العالية وقدرتها أن تكون عازلا كهربائيا بطبيعتها، ومناسبة للتطبيقات المختلفة في الكثير من الصناعات، في استخدامات كثيرة، بداية من التعبئة والتغليف إلى الأجهزة الإلكترونية، ولم تعد مجرد اختراع علمي، بل أضحت بالضرورة عنصرا أساسيا في المجتمعات الصناعية الحديثة، رغم ما تواجهه من تحديات بيئية على الخصوص. في الفترة ما بين العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي انتعش الاقتصاد العالمي بفضل مواد جديدة مثل البلاستيك، واستخدام البوليستر، والنايلون في صناعة الجوارب وغيرها من المواد المصنعة، والبوليثلين في إنتاج الأكياس. كما أدت الحرب العالمية الثانية إلى ارتفاع إنتاج البلاستيك لتعويض نقص بعض الموارد الطبيعية، ومع انتهاء الحرب كانت هناك منتجات مذهلة قد ظهرت في الأسواق، شملت العديد من الأدوات والأجهزة التي غزت حياة الناس. ففي سنة 1967 على سبيل المثال وبعد مرور أكثر من نصف قرن على التوصل إلى اختراع البلاستيك، ارتفع إنتاجه حوالي عشرين ضعفا، وكان من المتوقع أن يتضاعف هذا المستوى خلال العشرين سنة التالية، وتوافق هذا النمو مع نمو صناعة البتروكيميائيات، وهي المصدر الأساسي لمواد البلاستيك الخام. أوجد المهندسون استعمالات جديدة للبلاستيك في الطب والأبحاث النووية وأبحاث الفضاء والصناعة والمعمار، وتم ابتكار أنواع من البلاستيك المقاومة للحرارة الشديدة وبعض المواد الكيميائية. إن اختراع بيكلاند كان رمزا لعصر جديد فتح الباب لعدة ابتكارات أخرى، شكلت في النهاية صورة المجتمعات الحديثة وقفزة كبرى للصناعات المختلفة من أبسط المنتجات المنزلية إلى أعقد الصناعات، من سيارات وطائرات وألياف صناعية… حيث أصبحت مادة البلاستيك جزءا أساسيا لحياتنا المعاصرة.

 

مادة الألف استخدام.. تحديات ومخاطر

لكن هذا الزخم لن يستمر كثيرا بسبب تغير الموقف المتحمس تجاه هذه المادة تدريجيا، لأن صورة البلاستيك باتت سيئة بشكل أكبر، فبجانب المشاكل البيئية يُعتقد أن المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيعه تؤثر على كيفية التغير الجيني للحيوانات وتكاثرها. ذلك أن المطاف ينتهي بمادة البلاستيك في غالب الأحوال في مدافن النفايات، وأحيانا تتسرب المواد الكيميائية التي يحتوي عليها إلى المياه الجوفية، أما في المحيطات، فإنها تصبح طعاما لعدد من الكائنات البحرية. هذه التحديات البيئية والمخاطر ناجمة عن المشاكل المرتبطة بسبب التلوث الناتج عن مواد غير قابلة للتحلل، من بينها مادة البلاستيك، ما يطرح ضرورة البحث عن بدائل أخرى تتميز بكونها مستدامة وصديقة للبيئة، والحد من أضرارها. لذلك بدأت تظهر أبحاث مبتكرة تتجه إلى تطوير نوع من البلاستيك قابل للتدوير ومستخلص من مواد طبيعية، وله القدرة على التحلل في البيئة بشكل طبيعي دون آثار بيئية سلبية، واستخدام تقنيات جديدة لإنتاج بلاستيك خاضع للتدوير يتميز بجودة عالية، يسهم بالدرجة الأولى في الابتعاد كليا عن البلاستيك المستخرج من مشتقات النفط.

رغم كل ذلك تسجل للبلاستيك فوائد مهمة لا يمكن إلا تقديرها، فالسيارات التي تدخل في صناعتها مواد البلاستيك أخف وزنا، وبالتالي أقل استهلاكا للوقود، ويبقي التغليف البلاستيكي الطعام طازجا لفترة أطول، والعبوات البلاستيكية هي أكثر أمانا من الزجاجية وأخف وزنا وأسهل نقلا. الإشكال الذي يطرحه رجال الصناعة والخبراء في المجال الاقتصادي يكمن في أن مادة البلاستيك تعتمد بالأساس على النفط في صناعتها، وعاجلا أم آجلا ستكون هناك حاجة إلى تعميق عمليات إعادة تدوير البلاستيك، لأن النفط لن يدوم للأبد، علما بأن بعض مواده ليست قابلة لإعادة التدوير. وليس من المستبعد تماما كما يرى البعض أن ينتهي في المستقبل القريب ما يسمى بعصر البلاستيك، أو مادة الألف استخدام لتحل محلها مواد أخرى بديلة.

نافذة:

إن اختراع بيكلاند كان رمزا لعصر جديد فتح الباب لعدة ابتكارات أخرى شكلت في النهاية صورة المجتمعات الحديثة وقفزة كبرى للصناعات المختلفة من أبسط المنتجات المنزلية إلى أعقد الصناعات

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى