محاسبة لصوص المال العام
المجلس الأعلى للحسابات فضح تلاعبات خطيرة والعدوي أحالت ملفات على رئاسة النيابة
على غرار التقارير السابقة الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، يتضمن التقرير السنوي للمجلس برسم سنة 2021، الصادر خلال الأسبوع الماضي، عدة اختلالات وتلاعبات مرتبطة بتدبير المال العام، بعضها يكتسي طابعا جنائيا، حيث أحالت رئيسة المجلس، زينب العدوي، 20 ملفا على رئاسة النيابة العامة لاتخاذ المتعين بشأنها، كما أصدرت المحاكم المالية ما مجموعه 104 قرارات وأحكام بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. لكن إذا كانت هذه التقارير تدخل في إطار المساهمة في تخليق الحياة العامة ومحاربة كل أشكال الفساد وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن واقع الحال يجعل هذا المسعى مواجها بالعديد من الإكراهات والصعوبات، خاصة في ظل وجود مئات الملفات العالقة بأقسام جرائم الأموال بالمحاكم، وسبق للعدوي أن اشتكت في جلسة عمومية مشتركة عقدها مجلسا البرلمان، من عدم تعاون بعض المؤسسات المختصة في محاربة الفساد، وأكدت أن كل الملفات الجنائية المتعلقة بجرائم الأموال التي تحال على رئاسة النيابة العامة يكون مصدرها المحاكم المالية، فهل ستتحرك الجهات المختصة لتفعيل توصيات المجلس وملاحقة لصوص المال العام؟
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
هذا مصير التوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات
أفاد التقرير السنوي الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات بأنه، تبعا لنتائج المهمات الرقابية التي تنجزها المحاكم المالية، توجه هذه الأخيرة توصيات للأجهزة التي شملتها هذه المهمات، وذلك من أجل تجاوز الأسباب التي أدت إلى النقائص المرصودة واستباق المخاطر المحتملة قصد تحسين تدبير الأجهزة الخاضعة للرقابة والرفع من أدائها وتجويد الخدمات المقدمة للمواطنين.
وفي هذا السياق، وتطبيقا لمقتضيات المادة 3 من القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 55.16 الصادر بتاريخ 25 غشت 2016، وانسجاما مع الممارسات الفضلى المعتمدة من طرف الأجهزة العليا للرقابة، تقوم المحاكم المالية، بصفة منتظمة، بتتبع مآل التوصيات التي تصدرها، وذلك من أجل تقييم مدى تفاعل الأجهزة المعنية مع هذه التوصيات، وقياس أثر المهمات الرقابية المنجزة، فضلا عن تحديد، عند الاقتضاء، العوامل والإكراهات التي عاقت تنفيذ البعض منها.
واستنادا إلى المعايير المهنية المعمول بها في هذا المجال، تتم عمليات تتبع تنفيذ التوصيات إما باعتماد آليات كتابية مدعومة وباستمارات واستبيانات دقيقة (التتبع المستندي) أو من خلال القيام بمهام ميدانية، وهو ما يسمح للمحاكم المالية بالوقوف على التدابير المتخذة من طرف الأجهزة المعنية من أجل تنفيذ التوصيات وكذا أثرها على تدبير هذه الأجهزة ورصد، عند الاقتضاء، العوامل التي حالت دون تنفيذ البعض منها.
وارتباطا بمهمة تتبع التوصيات، عرفت سنة 2022 مستجدات مهمة من أجل تجويد هذه العملية وجعلها أكثر فاعلية، إذ جعل المجلس من تحسين جودة التوصيات الصادرة عن المحاكم المالية وتتبع تنفيذها أحد توجهاته الاستراتيجية الستة برسم الفترة 2022- 2026. وفي هذا الإطار، اعتمد المجلس منصة رقمية وضعت رهـن إشارة الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس، بهدف ضمان تتبع فوري وفعال للتوصيات وتيسير عمليات التواصل والتفاعل بين المجلس والأجهزة المعنية بتتبع التوصيات.
ويتضمن التقرير السنوي أهم الخلاصات التي أفضت إليها أعمال تتبع تنفيذ التوصيات، انطلاقا من تفاعل الأجهزة المعنية، والتي تتعلق بالتوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في إطار المهمات الرقابية المنجزة برسم سنة 2018، والبالغ عددها 3.788 توصية بنسبة استجابة فاقت 89 بالمائة، مقابل 84 بالمائة سنة 2017.
وقام المجلس الأعلى للحسابات بتتبع تنفيذ التوصيات، البالغ عددها 861 توصية صادرة عنه في إطار 36 مهمة رقابية أنجزت برسم سنة 2018، وذلك من خلال اعتماد منهجية التتبع المستندي. كما قام ميدانيا بتتبع التوصيات المتعلقة بتقييم تدبير الإعانات الممنوحة من طرف القطاعات الحكومية.
وأشار التقرير، بخصوص مهمة «مراقبة تنفيذ ميزانية الدولة برسم سنة 2017»، إلى أن المجلس يقوم سنويا بتتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عنه بمناسبة إنجازه للتقرير حول تنفيذ قانون المالية الذي يرافق مشروع قانون التصفية.
ومكنت عملية التتبع المستندي لما مجموعه 861 توصية شملت مجموعة من القطاعات (المالية، الصحة، التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين، الماء، الطاقة، الغابات، الصيد البحري، الإعلام، النقل…) من الوقوف على المآل الذي خصص لها، من حيث العد والنسب. وتبرز البيانات الواردة في التقرير تفاعلا إيجابيا من طرف الأجهزة المعنية من أجل تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس. ذلك أن نسبة التوصيات المنفذة كليا أو التي هي في طور التنفيذ بلغت 87 بالمائة، مع تسجيل تطور ملموس مقارنة مع سنة 2017 التي بلغت فيها هذه النسبة 78 بالمائة. أما التوصيات التي لم يتم تنفيذها بعد فلم تتجاوز نسبتها 13 بالمائة.
وتعكس هذه النسب الجهود المبذولة من طرف مختلف الأجهزة المعنية لتجاوز أوجه القصور التي سجلت خلال مهمات المراقبة، كما تظهر الأثر الإيجابي لتنفيذ هذه التوصيات والتوجيهات الصادرة، ومساهمته في تحسين أداء هذه الأجهزة. وبخصوص التوصيات المنجزة كليا، أشار التقرير إلى تنفيذ كلي لحوالي نصف التوصيات الصادرة، فمن أصل 861 توصية شملتها عملية التتبع المستندي، تم تنفيذ 416 توصية بصفة كلية، أي حوالي 48 بالمائة، وفاقت هذه النسبة 60 بالمائة بخصوص ثماني مهام رقابية.
وحسب التقرير، إذا كانت نسبة التوصيات المنفذة كليا من طرف بعض الأجهزة قد تبدو محدودة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة عدم استجابتها لهذه التوصيات، بل يتعلق الأمر فقط بكون مجموعة من هذه التوصيات لا تزال في طور التنفيذ، إذ تحتاج، في بعض الحالات، إلى مدة أطول وإلى سلك مساطر معينة منصوص عليها قانونا.
ولم تتجاوز نسبة التوصيات التي لم يتم تنفيذها 13 بالمائة، إذ من بين 861 توصية لم يتم تنفيذ إلا 111 توصية، ولم تتجاوز نسبة عدم التنفيذ 40 بالمائة بخصوص 33 مهمة رقابية، من بينها 28 مهمة سجلت بشأنها نسب عدم تنفيذ تقل عن 20 بالمائة.
وفي هذا الصدد، يضيف التقرير، وإضافة إلى السياق المرتبط بانتشار جائحة «كوفيد-19»، فإن استمرار بعض الإكراهات والمعوقات حال دون تنفيذ بعض التوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، رغم الأهمية التي تكتسيها من أجل المساهمة في تحسين الأداء.
وتتمثل أهم الإكراهات التي تم الدفع بها في هذا الإطار، في تعدد المتدخلين وعدم اتخاذ القطاع الوصي للإجراءات الضرورية لتنفيذ بعض التوصيات ومحدودية الموارد البشرية والمالية، فضلا عن ارتباط تنفيذ بعض التوصيات بأجهزة أخرى وكذا لطبيعة بعض التوصيات التي يقتضي تنزيلها اعتماد مقاربة تدريجية بيداغوجية.
وهكذا، وانطلاقا من البيانات المدرجة في التقرير، يتبين أن نسبة الاستجابة للتوصيات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات، سواء بتنفيذها (1.682 توصية) أو بالشروع في ذلك (950 توصية)، بلغت 90 بالمائة، في حين أن نسبة التوصيات غير المنجزة (295 توصية) وصلت إلى 10 بالمائة، وهو ما يعكس، في المجمل، تفاعلا إيجابيا للأجهزة المعنية مع توصيات المجالس الجهوية للحسابات، ويبرز، أيضا، المجهودات والتدابير المتخذة من أجل تحسين طرق تدبيرها والرفع من أدائها. وحري بالإشارة، أيضا، أن نسبة الاستجابة لتوصيات المجالس الجهوية للحسابات عرفت ارتفاعا خلال سنة 2018 مقارنة بسنة 2017، إذ انتقلت من 81 إلى 89 بالمائة.
إحداث وحدة برئاسة الحكومة لتتبع تقارير المجلس الأعلى للحسابات
بعدما اشتكت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، من عدم تعاون بعض الوزراء مع قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وتهاونهم في تفعيل توصيات المجلس بشأن تدبير المؤسسات والقطاعات الحكومية الموجودة تحت وصايتهم، تم، على مستوى رئاسة الحكومة، إحداث وحدة متخصصة من أجل تتبع الإجراءات المتخذة لتنفيذ التوصيات المتضمنة في التقارير التي ينجزها المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات.
وذكرت رئاسة الحكومة، في بلاغ لها، أن هاته الوحدة، التي تم تكليف محمد الصوابي، رئيس غرفة سابق بالمجلس الأعلى للحسابات، بالإشراف عليها، تروم «التتبع المنتظم والمتواصل للإجراءات المتخذة لتنفيذ هذه التوصيات من طرف القطاعات الوزارية المعنية والأجهزة العمومية الخاضعة لوصايتها».
وتتوخى هذه الوحدة، أيضا، العمل على تذليل الصعوبات التي قد تعيق تطبيق هذه التوصيات، «وذلك بتنسيق مع المخاطبين الرسميين الذين تم تعيينهم على مستوى كل قطاع وزاري على إثر إصدار المنشور رقم 11/2021 لرئيس الحكومة بتاريخ 03 يونيو 2021، والذي يروم تعزيز التواصل مع المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات».
وتهدف البنية الجديدة إلى الرفع من أثر التقارير التي ينجزها المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في مختلف المجالات، سيما تلك المتعلقة بتقييم مدى إنجاز المشاريع الكبرى للتنمية ومدى تنزيلها على المستوى الترابي، وكذا تأثيرها على المستوى المعيشي للمواطن، إلى جانب التفاعل الإيجابي مع التوصيات المضمنة في هذه التقارير، بما يسمح بتحسين التدبير العمومي وتدعيم مبادئ وقيم الحكامة الجيدة.
وستعنى هذه الوحدة، كذلك، يضيف المصدر، بتتبع الإجراءات والتدابير المتخذة من طرف القطاعات الوزارية المعنية من أجل تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومن أجل ملاءمة المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية.
وتشتكي العدوي من عدم تعاون بعض الوزراء مع قضاة المجلس، لتمكينهم من المعطيات والوثائق، وكذلك تفعيل التوصيات الصادرة عن المجلس في تقارير سابقة. وفي هذا الصدد، وجهت العدوي مراسلة إلى رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، بتاريخ 7 ماي 2021، بشأن تعزيز آليات التواصل بين المجلس ومختلف القطاعات الوزارية وتعيين مخاطبين رسميين لها من أجل هذا الغرض، وهو ما استجاب له العثماني بإصداره لمنشور بتاريخ 3 يونيو 2021.
ويعتبر المجلس أن هذه الآلية ستساهم بفعالية في توفير المعطيات المرتبطة بمهام المجلس وتتبع التوصيات، علما أن هؤلاء المخاطبين سيشكلون صلة وصل بين المجلس والقطاعات الوزارية ومختلف الأجهزة الخاضعة لوصايتها قصد الإشراف على الإدلاء للمجلس بالمعطيات والمعلومات والوثائق وعلى عملية تتبع التوصيات الصادرة عنه من خلال المنصة الرقمية، التي بادر المجلس إلى إحداثها ووضعها رهن إشارة مختلف القطاعات الوزارية قصد تيسير عمليات التواصل معها في ما يتعلق بتتبع التوصيات التي يصدرها المجلس، وذلك حرصا منه على تعزيز آليات التواصل مع الأجهزة التي يتعامل معها في إطار ممارسته لاختصاصاته وبغية التنزيل الأمثل للتوصيات التي يصدرها.
وأوضح التقرير السنوي الأخير، الذي رفعته العدوي إلى الملك محمد السادس، أن أعمال المحاكم المالية لن يكون لها أثرعلى التدبيرالعمومي وعلى حياة المواطنين إلا من خلال التتبع الوثيق للإجراءات المتخذة من طرف الأجهزة المعنية من أجل التنزيل الفعلي لمخرجاتها وتوصياتها. ولهذا الغرض، تحرص هذه المحاكم على تتبع التوصيات الصادرة عنها وإعداد خلاصات بشأنها، تضمن أهم نتائجها في التقرير السنوي. ولهذه الغاية، فإن المجلس بصدد إحداث منصة رقمية قصد تيسير عمليات التواصل مع مختلف الأجهزة الخاضعة لرقابته، والتي ستركز على تتبع التوصيات الصادرة عنه، مع اعتماد وتيرة تتبع تأخذ في الاعتبار أولوية كل توصية على حدة وطابعها الاستعجالي.
وفي السياق نفسه، وفي إطار تنزيل أحكام دستور المملكة في الشق المتعلق ببذل المساعدة للهيئات القضائية، ومن أجل المساهمة في تخليق الحياة العامة ومحاربة كل أشكال الفساد وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تم، خلال شهر يونيو 2021، توقيع مذكرة تعاون بين الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، والرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، والوكيل العام للملك لدى المجلس، تهدف إلى تعزيز التعاون بين الأطراف الموقعة، سيما في مجال التكوين ودعم قدرات قضاة المحاكم المالية وقضاة المحاكم الزجرية، وكذا إلى تكثيف التنسيق بين هذه الأطراف بشأن معالجة الشكايات والوشايات والتقارير ذات الصلة بالجرائم المالية وتبادل الوثائق المتعلقة بها والاجتهادات القضائية المتميزة في هذا المجال.
تقارير المجلس الأعلى للحسابات وربط المسؤولية بالمحاسبة
في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، تعاقب المحاكم المالية كل مسؤول أو موظف أو عون بأحد الأجهزة الخاضعة لاختصاصها في هذا المجال، في حالة ارتكابه لإحدى المخالفات المنصوص عليها في المواد 54 و55 و56 من مدونة المحاكم المالية.
وبعد متابعته من طرف النيابة العامة، سواء من تلقاء نفسها أو بناء على الطلبات الصادرة عن السلطات المؤهلة قانونا، والمحددة في المادتين 57 و138 من هذه المدونة، وذلك من خلال إصدار أحكام وقرارات إما بعدم المؤاخذة، في حالة عدم ثبوت ارتكاب المتابع المعني لمخالفة مستوجبة للمسؤولية، أو بالحكم عليه بالغرامة المناسبة حسب ظروف وملابسات الفعل المرتكب يحدد مبلغها حسب خطورة وتكرار المخالفة على ألا يقل هذا المبلغ عن ألف 1000 درهم عن كل مخالفة ومن غير أن يتجاوز مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة أجرته السنوية الصافية التي كان يتقاضاها المعني بالأمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة، وذلك طبقا للمادة 66 من مدونة المحاكم المالية. وبالإضافة إلى الغرامة، وإذا ما ترتبت عن المخالفة المرتكبة خسارة للجهاز العام المعني، تحكم المحكمة المالية بإرجاع الأموال المطابقة من رأسمال وفوائد.
وتتسم المسطرة القضائية المعمول بها في إطار هذا الاختصاص بطابع ادعائي تتولى في إطارها النيابة العامة لدى المحاكم المالية سلطة المتابعة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على الطلبات الصادرة عن السلطات المؤهلة قانونا، والمحددة في المادتين 57 و138 من مدونة المحاكم المالية. وباعتبارها طرفا رئيسيا في دعوى التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، تتولى النيابة العامة تتبع التحقيق في القضايا الرائجة بما يضمن إنجازه داخل آجال معقولة وفي ظروف مناسبة. كما تضع مستنتجاتها على التقارير المتضمنة لنتائج التحقيق ويعتبر حضورها إلزاميا في جلسات الحكم. كما يحق لها الطعن بالاستئناف والنقض في الأحكام والقرارات التي تصدرها المحاكم المالية في إطار هذا الاختصاص.
وتنظر المحاكم المالية في قضايا التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ابتدائيا من طرف غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة للمجلس الأعلى للحسابات في ما يتعلق بمسؤولي وموظفي وأعوان الأجهزة العمومية الوطنية، وهي مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والشركات أو المقاولات التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر، أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار، وكذا تلك التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات الترابية أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار.
في حين تتولى المجالس الجهوية للحسابات النظر في القضايا المتعلقة بالمخالفات المرتكبة من طرف مسؤولي وموظفي وأعوان الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية التابعة لهذه الجماعات والمجموعات، وكذا كل الشركات أو المقاولات التي تملك فيها الجماعات الترابية أو المجموعات أو الهيئات على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار، وذلك في حدود النفوذ الترابي لكل مجلس جهوي للحسابات.
أما استئنافيا، فتبت غرفة الاستئناف بالمجلس الأعلى للحسابات في طلبات استئناف الأحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات بينما تتولى هيئة الغرف المشتركة النظر في طلبات استئناف القرارات الصادرة عن غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالمجلس.
وفي هذا الصدد، أفاد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021، بأن الوكيل العام للملك لدى المجلس أحال 20 ملفا على رئاسة النيابة العامة لاتخاذ المتعين في هذه الملفات لكون الأفعال التي تتضمنها تكتسي طابعا جنائيا.
وأوضح التقرير، أنه اعتبارا لكون بعض الأفعال التي تكون موضوع متابعات أمام المحاكم المالية قد تندرج أيضا ضمن جرائم الاعتداء على المال العام، نصت المادة 111 من مدونة المحاكم المالية على أن المتابعات أمام المحاكم المالية لا تحول دون ممارسة الدعوى الجنائية، وأشار التقرير إلى أن مبدأ قابلية تراكم العقوبات يجد أساسه في كون عناصر المسؤولية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية تختلف عن تلك المتعلقة بالمسؤولية الجنائية، إذ تتجاوز هذه الأخيرة وظيفة تدبير المال العام لكونها تهدف إلى معاقبة الإخلال بواجب الاستقامة وحفظ الأمانة، في حين تتسم المسؤولية في مادة التأديب المالي بطبيعة إدارية وعقابية لا يشترط لقيامها توفر الركن المعنوي، وترتكز على وظيفة المسؤول المتابع ومدى قيامه بالمهام المنوطة به طبقا للقوانين والأنظمة السارية على الجهاز العمومي الذي يتولى داخله مهاما وظيفية، كما تهدف من خلال العقوبات المالية إلى حماية النظام العام المالي الذي تحكمه قواعد قانونية خاصة.
وفي هذا الإطار، يضيف التقرير، وخلال سنة 2021، وطبقا لمقتضيات المادة 111 أعلاه، أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات عشرين (20) ملفا على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها وفق المساطر الجاري بها العمل.
وحسب التقرير، تتعلق أهم الأفعال المكتشفة من طرف المحاكم المالية والتي تمت إحالتها على القاضي الجنائي بالحالات التالية: توجيه مسطرة إسناد طلبيات عمومية بشكل يخالف مبادئ المساواة والمنافسة في ولوج الطلبيات العمومية، والمبالغة في أثمان الطلبيات العمومية، وأداء نفقات في غياب العمل المنجز (الحوالات الصورية)، و تقديم حسابات غير صحيحة، واستعمال ممتلكات جهاز عمومي لأغراض شخصية، واقتناء معدات في غياب حاجة حقيقية. وأصدرت المحاكم المالية برسم سنة 2021، ما مجموعه 104 قرارات وحكما بغرامات بلغ مجموعها 4.741.500,00 درهم، بالإضافة إلى الحكم بإرجاع ما مجموعه 15.739,006,88 درهما، وأوضح التقرير، أنه على مستوى المجلس، فقد بلغ عدد القضايا التي كانت رائجة أمام غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية عند بداية سنة 2021 ما مجموعه 13 قضية تتابع النيابة العامة لدى المجلس في إطارها 49 شخصا، وأصدرت الغرفة خلال السنة المذكورة 11 قرارا يهم 05 قضايا معروضة أمامها، حيث وصل مجموع مبالغ الغرامات المحكوم بها 1.430.000,00 درهم. كما أنجزت الغرفة خلال السنة ذاتها 14 تقريرا في إطار 03 قضايا.
وفي ما يتعلق بالمجالس الجهوية للحسابات، فقد أصدرت خلال سنة 2021، ما مجموعه 78 حكما في إطار 57 قضية من أصل 112 كانت رائجة أمامها عند بداية السنة. وبلغ مجموع مبالغ الغرامات الصادرة في إطار هذه الأحكام 3.311.500,00 درهم.
أما على مستوى الاستئناف، فقد أصدرت هيئة الغرف المشتركة 04 قرارات خلال سنة 2021 من أصل 12 طلب استئناف كان رائجا أمامها، منها طلبان اثنان عرضا عليها خلال سنة 2021. بالإضافة إلى ذلك، فقد استنفد طلبان اثنان جميع مراحل المسطرة وكانا جاهزين للبت عند متم السنة. أما غرفة استئناف الأحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات، فقد بلغ عدد الملفات الرائجة أمامها عند بداية سنة 2021 ما مجموعه 16 ملفا. كما توصلت خلال السنة ذاتها باثني عشر (12) طلب استئناف جديد، أصدرت بشأنها الغرفة 11 قرارا، علما أن 09 ملفات كانت جاهزة للبت عند متم السنة المذكورة.
وتتعلق أغلب المؤاخذات موضوع القضايا التي بتت فيها المحاكم المالية، خلال سنة 2021، بالحالات ذات الصلة بفرض وتحصيل المداخيل وتنفيذ عقود التدبير المفوض، وكذا حالات عدم التقيد بقواعد تنفيذ النفقات العمومية وبالنصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية من خلال إبرام صفقات وإصدار سندات الطلب من أجل تسوية مقابل خدمات سبق إنجازها قبل تاريخ التعاقد، دون الحرص على إخضاعها للمنافسة المسبقة، وكذا الإشهاد غير الصحيح على استلام مواد وخدمات دون التأكد من مطابقتها للخصائص التقنية المتعاقد بشأنها والتي ينتج عنها الإدلاء بأوراق غير صحيحة وكذا الحصول للغير على منافع نقدية غير مبررة.
عبد الحفيظ أدمينو* * أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالرباط
: «تقارير المجلس الأعلى للحسابات يمكن أن تشكل إطارا لتتبع تدبير الشأن العام وتجويده»
قال عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، إن التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات والذي يأتي في إطار استراتيجية المجلس، والتي تقوم على تتبع أداء الهيئات العمومية الخاضعة للرقابة المالية الأولى، والمجلس يحدد الهيئات التي يخضعها لرقابته، وقد شملت مختلف القطاعات الحكومية، كما شملت عدة مجالات، خصوصا ما يتعلق بالصحة والتعليم والتجارة والصناعة، وغيرها من المجالات التي لها أهميتها في المشروع الإصلاحي الذي تشتغل عليه الحكومة. مبينا أن «مجلس الحسابات من خلال توصياته في التقارير السنوية، يمكن أن يشكل إطارا لتتبع وتجويد تدبير الشأن العام، والتحول الحاصل في دور المجلس، يتعلق بتحسين دور الأداء العمومي»، مشددا على أن «دور المجلس مهم من الناحية التدبيرية وأيضا حتى من الناحية السياسية، لأنه يعالج بعض الانتقادات التي تواجه الحكومة بسبب سوء التدبير، أو أيضا بعض العناصر ذات حمولة سياسية، كإشارة المجلس إلى أن عددا من أعضاء الدواوين في الحكومة لم يقدموا تصريحا بالممتلكات، وهذا يحمل إشارة سياسية واضحة مفادها أن ورش تخليق الحياة العامة يجب أن يكون حاضرا فيه البعد السياسي والإرادة السياسية».
من جانب آخر، أشار أدمينو إلى أن «القانون قدم إجابات بخصوص الإشكال المتعلق بإحالة ملفات الاختلالات المالية التي يكشفها تقرير المجلس الأعلى للحسابات على القضاء، غير أن المشكل المرتبط بهذا الجانب هو ما يتعلق بالإرادة السياسية، في تحريك هذه الملفات»، مؤكدا على أن «عددا من الملفات التي ترد في التقارير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات، تكشف اختلالات مالية وتدبيرية تستوجب الإحالة القضائية، لكن قوة هذه الخلاصات والنتائج الواردة في تقارير المجلس، رهينة بإعمال المتابعة القانونية وتفعيل المساطر في من ثبت في حقهم مسؤولية هدر المال العام أو استغلال للأموال العمومية»، وهو ما يستوجب، حسب أدمينو «انخراط القضائيين في هذا الجانب، وهو الأمر الذي ترجمه توسيع التعاون بين المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بالإضافة إلى رئاسة النيابة العامة، في ما يتعلق بالتتبع الكامل لهذه الملفات».
وشدد أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، على أن «المغرب اليوم يتوفر على الإطار القانوني والذي يعبر عن جانب من الإرادة السياسية من خلال الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين الأطراف الثلاثة التي ذكرت، ومن المفروض أن يتم تحريك المتابعات على ضوء الملفات التي كشفتها التقارير، ويبقى دور القضاء هو تأكيد تورط المسؤولين، أو عدمه»، مشيرا إلى أن «تجربة المغرب منذ سنة 2009 إلى الآن في ما يتعلق بالتصريح بالممتلكات لم تؤت النتائج المرجوة، وحتى في خطاب المجلس الأعلى للحسابات، تشير رئيسة المجلس إلى أهمية وأولوية هذا الأمر لدى المجلس، الذي حدد وأحدث مصالح متخصصة لتتبع هذا الإجراء، غير أن التصريح بالممتلكات، وفق صيغته القديمة، يتطلب المراجعة لعدة أسباب، أولها تعدد المصرحين، وهو الأمر الذي يجعل المواكبة والتتبع السنوي لكل الملفات من الصعوبة بما كان، وهذا لا يعني أن يتوقف المصرحون عن التصريح، بل اللجوء إلى مداخل أخرى، من قبيل إصدار قانون يمنع تضارب المصالح، ولو أن هناك قانونا اليوم يمنع الجمع بين المصالح الإدارية والشخصية والمصالحة العامة، سيخفف عمل المجلس الأعلى للحسابات»، مبرزا أن «التصريح بالممتلكات في جوهره يوضح أن المسؤولين الإداريين أو السياسيين لم يستفيدوا من مسؤوليتهم العمومية من أجل مراكمة الثروات، لكن هذا الإجراء بإصدار قانون يمنع تضارب المصالح سيكون عاملا مساعدا لعمل قضاة المجلس».
وأوصى أدمينو بأن يتم «تشريع ووضع وسائل للتتبع والمراقبة لتضارب المصالح، كما هو معمول به على المستوى الدولي»، مبينا أن «هذا الجانب هو الذي يتيح إمكانية استغلال المواقع والمسؤوليات العمومية لمصالح شخصية، لذلك وجب أن يكون هناك نص قانوني، وإن كانت البداية اليوم في الجماعات الترابية من خلال القانون التنظيمي الذي حدد تدخل وزارة الداخلية من خلال مذكرات، وهذا أمر غير كاف، وهذه الصيغة تبقى غير كافية. ووجب أن يكون هناك قانون واضح يجمع تضارب المصالح في جميع المسؤوليات العمومية، سواء على المستوى الوطني أو المركزي أو الترابي، لأنه مدخل مهمة في محاربة الفساد».
ثلاثة أسئلة
رئيس المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام – جهة الدار البيضاء الوسط
محمد مشكور*: «حماية المال مسألة مجتمعية وتقارير مجلس الحسابات يجب أن تجد طريقها للقضاء»
– ما تعليقكم على التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات؟
تقرير المجلس الأعلى للحسابات يوثق لجرائم الفساد المالي ويضع توصيات، غير أن السؤال الذي يجب أن يطرح والحالة هذه، هو هل هذا كاف لمحاربة الفساد، أم أنه فقط من أجل حفظ ماء الوجه ورفع الحرج، بخصوص ضرورة عمل الدولة على ملف الفساد بالجدية المطلوبة؟ وما يظهر أن ما لم يتم تفعيل المبدأ الدستوري الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة وإقرار جزاءات صارمة في وجه المتهمين بنهب المال العام، فلا يمكن الحديث بشكل فعلي عن سياسة صارمة في محاربة الفساد، حيث الواضح أن الشعب هو الذي يخسر الكثير بسبب الفساد المالي، أما المعنيين الحقيقيين في ملفات الفساد فهم، باستثناء القليل، في منأى عن المحاسبة والعقاب، والشعب يتحمل تكلفة باهظة للفساد، تتمثل في تعطيل عجلة التنمية، هذا مع الإشارة إلى أن المغرب يحتل الرتبة 49 على المستوى العالمي في مؤشر إدراك الفساد، وهو رقم مهم وجب الوقوف عنده، يظهر تنامي الفساد والرشوة ونهب المال العام، وأيضا الإفلات من العقاب، زيادة على محدودية الآليات القانونية والمؤسساتية الكفيلة برصد هذه الظاهرة. ونحن نطالب من أجل تطويق هذا «الأخطبوط» الذي بات مخيفا جدا، بأن تكون هناك أولا إرادة سياسية، بالإضافة إلى وضع استراتيجية وطنية تشاركية، لا تكون مقتصرة فقط على الجانب الرسمي، بل المجتمع المدني والإعلام وغيرهما من المتدخلين.
– ماذا بعد تقرير المجلس الأعلى للحسابات؟
فعلا يجب الوقوف على مآل الملفات التي أثارها التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، والتي تضمنت شبهات لنهب المال العام ترقى بعضها إلى جرائم تحمل الطابع الجنائي، وهنا أيضا وجب السؤال بعد التقرير عن مصير الأموال المنهوبة، والدفع بضرورة استرجاعها، لأنها في نهاية المطاف تبقى أموالا عمومية كان يجب أن يستفيد منها المواطنون، وتحرك عجلة التنمية في البلاد، لا أن يتحمل المواطنون كلفة نهب تلك الأموال. وفي هذا السياق، وجب الحديث عن إجراء استباقي إيجابي وجب تعزيزه وتحسينه، وهو التصريح بالممتلكات بالنسبة إلى المسؤولين ومدبري الشأن العام، وذلك في إطار تحري الشفافية وسد الباب أمام جعل الوظيفة التدبيرية أو المسؤولية الإدارية بابا للاغتناء غير المشروع. ودعا المجلس إلى تحسين النموذج المرتبط بالتصريح بالممتلكات، غير أن هذا التجويد والتعديل ليس من اختصاصه، بل من اختصاص المؤسسة التشريعية.
وتبقى نقطة إحالة الملفات على النيابة العامة جوهرية في عمل المجلس، لأنه كما أشرت تدخل تلك الاختلالات المالية في خانة الأفعال الجُرْمِيَّةِ، وبالتالي فإننا في الجمعية نسجل أن الملفات التي نضعها بالأخص أمام محاكم الدار البيضاء ومراكش، تأخذ في مرحلة البحث التمهيدي وقتا طويلا، علما أن عددا من الشكايات يتم حفظها، مع التأكيد أننا في الجمعية نعتمد على قرائن وتقارير رسمية. لهذا نطالب بأن يكون القضاء سيف العدالة المسلط ضد المفسدين، ونعتبر أن الجزاء غير كاف، بل يجب التربية على حماية المال العام في مفهومه الشامل الذي لا يقتصر على الأموال المادية فقط، فحماية المال العام مسألة مجتمعية.
– ما هي الآلية القانونية التي تقترحون لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟
لقد كانت الجمعية قد تقدمت بهذا الأمر في بلاغ سابق واقترحته، ونطالب بتطبيق الفصل 40 من القانون الجنائي المغربي، والذي ينص على الحرمان من الحقوق المدنية والسياسية، في حق المنتخبين المفسدين، كما أننا طالبنا بالإضافة إلى العقوبات الجنائية بالنص على معاقبة المدانين في بعض جرائم الأموال، بعقوبات إضافية. وبالنسبة إلي فإن اعتقال المسؤولين الفاسدين سيكون رادعا نعم، لكن لن يقدم الشيء الكثير للدولة، بقدر ما إذا رافق هذا الاعتقال الحرمان من الحقوق المدنية والترشح مرة أخرى أو تولي المسؤولية، إذ أعتبر أن مسألة الإفلات من العقاب من المسائل الخطيرة التي يجب التنبه إليها، لأن هذا من شأنه تشجيع المفسدين، بشكل مباشر أو غير مباشر، وأعتبر أن جرائم الفساد أخطر من جرائم الحق العام كالسرقة أو الضرب والجرح، لأن هذه الجرائم تمس الأفراد، فيما جرائم المال العام تمس الدولة برمتها. ونعتبر أن الكل مسؤول من أجل مواجهة الفساد في المال العام، من جمعيات ونقابات وحكومة وأحزاب، بالإضافة إلى المواطنين، المطالبين بالتبليغ عن هذه الجرائم، دون إغفال دور الإعلام في مواكبة تلك القضايا. وعلى العموم يجب التأسيس لثقافة حماية المال العام، لأن «المال السايب كيعلم السرقة».