سري للغاية

مدرس فرنسي ترأس أول مكتب مسير لفريق الدفاع الجديدي

حسن البصري

حين وضعت الإقامة العامة الفرنسية شروطها لتكوين فريق دكالي، واشترطت رئيسا فرنسيا على رأس المكتب المسير لفريق مغربي يمثل مزاغان في ملاعب الكرة، فضلا عن شروط أخرى تتعلق بجنسيات اللاعبين وبالتسمية، فقد كانت تسعى من وراء هذه الضوابط الصارمة إلى نزع روح الوطنية من الفريق وخلط الأوراق كي لا تصبح الجمعيات الرياضية المغربية بؤرة للمقاومة، على حد تعبير ضابط فرنسي يدعى فرنارد إيفارس كان مسؤولا عن الاستعلامات العامة البوليسية في مزاغان ورئيس فريق سبورتينغ مزاغان الذي كان يتكون في غالبيته من رجال الشرطة.
تصدى إيفارس بكل الوسائل لمشروع تأسيس فريق دكالي يحمل اسم الدفاع الرياضي الإفريقي، خوفا من تكرار نموذج ودادي في مزاغان، لكن إرادة المؤسسين كانت أقوى، حيث وافقت اللجنة التحضيرية التي كانت تضم كلا من: حسن بن شعة وبلعربي باكل وبوملحة وبنشرقي، وثلة من الوطنيين، على شروط المراقب المدني باستثناء شرط تغيير اللون الأخضر والأبيض.
يقول عبد المجيد النجدي، الباحث في تاريخ الجديدة، «إن هذه الشروط المجحفة التي قبلها المؤسسون من طرف المسؤولين الفرنسيين، جسدت مخاوف الحماية من هاجس الفرق ذات النزعة الوطنية التي كان أبرزها فريق مدينة الدار البيضاء نادي الوداد الرياضي الذي أصبح يضرب له ألف حساب من طرف أندية المعمرين، وكانت مباريات هذا الأخير تشكل تحديا حقيقيا للسلطات الاستعمارية، لذا واصل مؤسسو الدفاع محاولاتهم لتغيير موقف الفرنسيين والوصول معهم إلى حل وسط. هذا التوافق سيتم التوصل إليه بعد مرافعة قدمها أحد الفرنسيين».
كان من الضروري البحث عن رئيس فرنسي بروح مغربية، فاهتدت اللجنة التحضيرية إلى رجل تربية وتعليم فرنسي الجنسية لكنه عرف بتعاطفه مع القضية الوطنية، وبعد سلسلة من اللقاءات تم إقناع شارل فرابار، الذي كان مدرسا في مدرسة الأعيان بالجديدة والتي تحمل اليوم اسم ثانوية للامريم، واشترط الرجل على مفاوضيه تقوية الفريق مؤمنا بأن أبناء مازغان سيراهنون على فوز فريقهم في جميع المباريات، خاصة ضد الفرنسيين.
وافقت العصبة الفرنسية على اسم الفريق «نادي الدفاع الرياضي» وعلى الرئيس الفرنسي ومساعديه، وضمت الفريق إلى بطولة القسم الثاني في الموسم الرياضي 1953/ 1954، في عز الاحتقان السياسي الذي عرفه المغرب ضد المستعمر الفرنسي.
وفي أول ظهور له، سارع العديد من لاعبي فريق سبورتينغ مازغان إلى الانضمام لفريق الدفاع، ومن أبرز الملتحقين، الحارس محجوب والمهاجم شطايني، لكن الاحتقان الذي عرفته المملكة بعد نفي السلطان محمد الخامس عجل بتجميد أنشطة الفريق في بداية مساره. وبعد عامين، وتحديدا سنة 1955، تقرر، في اجتماع لرجالات حي الصفا وبمقترح من ادريس عضمون وتزكية من الرئيس فرابار، إحياء الفريق عبر إدماجه مع فريق الحسنية الذي كان يمثل الحي ذاته، وفي دجنبر من السنة نفسها تغير الاسم وأصبح «نادي الدفاع الحسني الجديدي»، وتم حذف اسم الإفريقي وتغييره بالرياضي.
بعد حصول المغرب على استقلاله، انسحب شارل من رئاسة الفريق، لكنه ظل متيما بالدفاع حريصا على متابعة مبارياته بعد أن التف حوله كل الجديديين، وحين غادر المغرب بعد تغيير مساره من التعليم إلى القطاع البنكي حرص على زيارة الجديدة ومتابعة مباريات فريق سكن وجدانه، لذا طالبت فعاليات رياضية في عهد الرئيس إدريس شاكيري بإطلاق اسم المؤسسين على مرافق النادي، لكن الملتمس ظل معلقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى