حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

معاگيز أم «معگازين»؟

 

 

يونس جنوحي

 

فجأة أصبح «سور المعاكيز» الشهير في طنجة حديث الجميع. «المعاكيز» أم «المعگازين»؟ الله أعلم.

الجواب عن هذا السؤال لا يختلف في شيء عن تحديد من سبق.. الدجاجة -الجْداد- على رأي الطنجاويين، أم البيضة؟

لكن أقرب تعليل إلى المنطق، والأكثر تطابقا مع التاريخ، أن المكان يحمل اسم سور «المعگازين». ولا علاقة لهذا الوصف بالكسل أو الخمول، وإنما لأن العمارة الملاصقة للسور، منذ العشرينيات من القرن الماضي، كانت تحمل شعار Magazine «ماگازين»..

رحل أصحاب العمارة، ورحل الشعار، وبقي «المعگازون».

أيام طنجة الدولية، ألف المغاربة الجلوس مطولا على حافة السور القصير، وتأمل مشهد البحر المتوسط.. ولكثرة جلوسهم، استحقوا لقب المعگازين، و«استأجروا» اللقب من أصحاب المجلة إياها..

جزء مهم من سحر طنجة يوجد على حافة هذا السور. ورغم أن الأغلبية لا يهتمون بالمنظار العمومي الذي يجعل الرؤية صوب «الخزيرات» ضبابية أكثر حتى في الصباحات الصافية، إلا أن الأطفال يتسلقون المدافع التاريخية التي تؤثث أرضية الفضاء.

ينقرض المحاربون وتُطوى الحروب، وتبقى المدافع الثقيلة المختومة بالكتابات البرتغالية، التي يُكتب لها أن تتحمل شغب الأطفال وفضول الشباب وأجساد المسنين.. وكأنها تقضي عقوبة أبدية بسبب الطلقات التي أغرقت بها البحارة في قاع المتوسط.

أغلب الأماكن العمومية في المغرب، حتى لو تضمنت لوحات تقدم الشروحات التوضيحية، يُكتب لها أن تشهد فوضى الأجيال الجديدة. إذا سلم الفضاء من الباعة المتجولين، يحتله المدخنون ولاعبو «ضامة»، وفي بعض الأحيان يتحول المكان كله إلى «مْوقف»..

في مكناس مثلا، حيث توجد أهم الآثار المغربية من زمن المولى إسماعيل الذي بنى القصر الأسطوري وملحقاته التي لا تزال يلفها الغموض، يتجول الباعة المتجولون وتُفتح محلات السلع الصينية، والعشوائيات، جنبا إلى جنب مع أسوار يفترض أنها إرث إنساني، شارك في بنائها أسرى أوروبيون من مختلف الجنسيات قبل أن يطلق سراحهم في سياق الاتفاقيات التي أبرمها المغرب مع ممالك لم يعد لبعضها وجود اليوم.

في مدن صغرى أقل حظا، تتحول الفضاءات التاريخية إلى ما يشبه باحات خلفية تلقى فيها المخلفات. ويُكتب على بعض الصالحين الذين ماتوا من عهد المرينيين، أن يصبحوا جيران لتجمعات الشباب، ويسمعوا الجيل الجديد من آخر مصطلحات السب والشتم..

ترميم أرضية سور المعكازين خلف استياء واسعا، بسبب اختيار نوع وصفه الذين يتابعون الشأن العام في طنجة، بأنه «رديء». اجتهاد بعض المسؤولين يكون غير موفق بالمرة.

المشكل يكمن أساسا في عدم إشراك أصحاب الاختصاص. لو استعان المسؤولون، الذين أشرفوا على إنجاز المشروع، بمن لديهم رؤية فنية، لأعطوا للمساحة الصغيرة التي يحتلها السور ورصيفه، حياة جديدة.

يقولون إن الأذواق لا تُناقش، لكن لا يمكن تصنيف هذه القضية في مسألة الذوق. الأذواق لا تُناقش إذا تعلق الأمر بلون السيارة الشخصية أو لون ربطة العنق، أو حتى الأثاث.. لكن عندما يتعلق الأمر بمكان عمومي، تجب مراعاة الهوية البصرية وجودة الإصلاح، خصوصا وأن الموقع الجغرافي لسور المعكازين يجعله في قلب المدينة، ومعبرا نحو جميع الاتجاهات التي يسلكها الزوار والسياح..

لو أنهم تركوا البلاط القديم على حاله، ونظفوا خلف السور من المخلفات، وأفرغوا المدافع القديمة من الأزبال التي حشرها فيها الفضوليون خلال العقد الأخير، لكان أفضل.. لكن بدا واضحا أن لـ«المعاكيز» الحقيقيين، أو «المعگازين»، رأيا آخر..

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى