حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

معركة خاسرة للجميع

تتواصل احتجاجات محامين في معظم محاكم المملكة، للأسبوع الثاني على التوالي، رفضا لقرار يلزمهم بالإدلاء بالجواز الصحي عند دخول المحاكم، بناء على قرار مشترك بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة ووزارة العدل. لا أحد يدري كيف ستنتهي معركة تكسير الأضلاع بين مكونات العدالة، لكن ما يقوم به المحامون يسيء جدا للقانون ولخصائص تجريده ولعمومية تطبيقه تجاه الكافة، ويعطي الانطباع بأن القانون ينبغي أن يطبق على الضعفاء وليس على الأقوياء، وهذا بالضبط قانون بيت العنكبوت الذي تقع فيه الكائنات الصغيرة وتدمره الكبيرة.

من المقبول، بل المطلوب أيضا، أن يشكل المحامون طائفة مهنية قوية ومتحدة تدافع عن مصالحها الفئوية، واستخدام بعض وسائل الضغط في مواجهة التوجهات القانونية المحافظة وذات الطابع التقييدي، لكن التصعيد في مواجهة تطبيقات قانون الطوارئ الصحية الذي لجأت إليه هيئات المحامين للاحتجاج واستدعاء شعارات اتهام وزير العدل بخيانة إخوانه في المهنة والتلويح بخطاب تهديد الاستقرار السياسي بالبلد يضعها موضعَ تساؤل، وسط احتدام الجدل حول الجدوى من اللجوء إلى سياسة تكسير العظام ضد مؤسسات الدولة في هذا الوقت بالضبط، وبشأن مسائل يمكن أن تكون محل طعن أمام القضاء الإداري مادام أن القرار الذي أصدره وزير العدل هو قرار إداري يمكن الطعن فيه بسبب الشطط في استعمال السلطة.

لا نقول إن هناك خلفية سياسية للمعركة الدائرة بين مؤسسات الدولة وأصحاب البذلة السوداء، رغم ظهور بعض مؤشراتها، لأننا على اعتقاد تام بأن المحامي يمكن أن يكون سياسيا مؤيدا أو معارضا يعمل من داخل المؤسسات الدستورية أو خارجها، لكن مهنة المحاماة لم تكن في يوم من الأيام تيارا لتمرير خطاب سياسي أو حركة سياسية مستقلة لمعارضة سياسات الدولة، أو تجمع مهني لرفع شعارات تتهم وزيرا بالخيانة أو تلمح إلى دورها في ضمان استقرار النظام السياسي في البلد.

كان يمكن لمعركة المحامين أن يكون لها معنى آخر وتحظى ربما باحتضان شعبي، لو انتفضوا يوم طبق قرار إجبارية الجواز على ولوج المقاهي والإدارات والمؤسسات العمومية وعندما كان يحرم المواطن البسيط من ولوج الإدارات لقضاء مصالحه بما فيها الإدارات القضائية، لكنهم تحركوا من أجل إسقاط القرار فقط بعدما أصبحوا معنيين به، لذلك ارتبط رد فعلهم بدافع المصلحة الذاتية أكثر منه بدافع التطلُع نحو الدفاع عن مقتضيات الدستور ودولة القانون.

والمؤسف في كل هاته المعركة المجانية التي لن تخدم أحدا، بل ستضر بهيبة المؤسسات الدستورية وموثوقية القانون وسمعة العدالة وصورة المحاماة، أن المحامين يريدون أن يعاملهم وزير العدل كزميل في المهنة مع ما تقتضيه أعراف الزمالة من مجاملات وتضامن غير مشروط، وليس كوزير لكل المغاربة وظيفته السهر على احترام تطبيق القانون اتجاه الكافة مهما كانت مهنتهم أو وضعيتهم الاجتماعية، وفي هاته النقطة بالضبط تفوق وزير العدل على نفسه وزملائه.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى