الرأيالرئيسية

معركة في السويد

في زمن اختلطت فيه الرياضة بالسياسة، تحول انتصار عابر للمنتخب المغربي في مونديال كرة اليد بالسويد، إلى فاجعة كبرى في الجزائر، حيث دعيت رئيسة جامعة كرة اليد للتشاور بسبب نتيجة مباراة.

يذكر المغاربة والجزائريون على حد سواء، التهنئة الشهيرة التي بعثها الرئيس الجزائري لمنتخب كرة اليد بعد الفوز على المنتخب المغربي بفارق هدف يتيم في بطولة العالم السابقة.

نشر عبد المجيد تبون تغريدة على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قال فيها: «ألف مبروك شرفتمونا يا أبطال البقية ستأتي إن شاء الله».

البقية التي تحدث عنها الرئيس، أتت سريعا، فقد اعتقلت السلطات الجزائرية رئيس جامعة كرة اليد وأودعته السجن بعد أن صدر في حقه حكم بخمس سنوات سجنا، بتهم «التزوير في محررات إدارية واختلاس أموال عمومية وإساءة استغلال الوظيفة»، ولقد تابع المسكين البطولة من سجن الحراش.

ضرب الرئيس الجزائري كفا بكف، حين اكتشف أنه هنأ مسؤولا كان على ذمة قضية تزوير واختلاس، فأعدم التغريدة.

من المفارقات الغريبة أن يحزن الجزائريون لمجرد خسارة في مباراة من أجل الظفر بالرتبة قبل الأخيرة، وأن يفرح المغاربة لمجرد نجاة منتخبهم من الصف الأخير. لكن لأن السياسة اخترقت الرياضة فإنه لا عجب أن تنتصب خيام الأفراح، لكل انتصار في مباراة تجمع منتخبي المغرب والجزائر حتى لو تعلق الأمر بمباراة في «بيار».

ليس الأهم هي المواجهة المغربية الجزائرية في بطولة عالمية تنافس فيها المغاربة والجزائريون على الإفلات من قعر الترتيب، بل هي شحنات السياسة التي اخترقت خطط المدربين وجثمت على أنفاس اللاعبين والمسيرين.

لقد خاض المنتخب المغربي المباراة بقمصان عليها خريطة المغرب مكتملة الأركان، ردا على الوزير الجزائري الذي فقد أعصابه بسبب هذه الخريطة. وظل المتابعون في الجزائر يتلقون الدرس من السويد، علما أن مباريات كرة اليد بين المغرب والجزائر غالبا ما يراق حول جوانبها دم السياسة.

يعلن الجزائريون انسحابهم من أي بطولة يشارك فيها فريق وداد السمارة المغربي، يقاطعون كل مباراة تجرى في العيون، ويحتجون على نقل أي مباراة من قناة العيون. لكنهم لم يجرؤوا على الاحتجاج ولم يلوحوا بالانسحاب من منافسات بطولة العالم بالسويد على الرغم من وجود عناصر في المنتخب المغربي تنتمي لفريق السمارة، بل إن عدلي الحنفي رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة اليد، هو ابن السمارة ورئيس فريقها.

لكن هزيمة المنتخب الجزائري أول أمس السبت أمام نظيره المغربي، جعلتنا نكتشف، نحن معشر الصحافيين، مدرسة جديدة في الصحافة الرياضية بالجزائر، حديثة النشأة حيث تزامنت مع مونديال قطر واستمرت إلى ما بعده برعاية الرئاسة الجزائرية.

ترسم هذه المدرسة الخطوط الحمراء للأخبار المتعلقة بالأندية والمنتخبات المغربية، وتفرض على الصحافي الجزائري ألا يذكر اسم المغرب في ثلاث حالات: إذا انتصر وإذا أبهر وإذا هزم الجزائر، وفي باقي الحالات للصحافي حق التصرف.

في حالة خسارة المنتخبات المغربية، لكم يا معشر الصحافيين الرياضيين الجزائريين كامل الحرية لجلد المهنية ونهش لحمها وتقديم فروض الولاء للمتحكمين في إعلام جديد. لم تتحدث الصحافة الجزائرية عن المغرب وهي تنقل خسارة منتخبها في بطولة العالم لكرة اليد أمام المغرب، وكأن الهزيمة كانت بفعل شبح. وحده المعلق الجزائري الذي كان ينقل المباراة للتلفزيون المحلي، ظل يردد عبارة: «حذاري حذاري أو لالا» ثم أغلق ميكرفونه واختفى عن الأنظار. 

أما معلق شبكة قنوات «بي إن سبورت» فاستشهد في ختام المباراة بحديث نبوي شريف على الهواء مباشرة، وقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره».

حسن البصري 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى