شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسيةوطنية

من المسؤول؟

ما زالت الطرق بالمغرب تقتل بكل البشاعة، وكأننا في حرب ضروس مع عدو خارجي، دون أن يتم الإعلان عن ذلك، فقبل يومين فقط وقعت حادثة سير مفجعة في طريق دمنات نواحي إقليم أزيلال، راح ضحيتها 24 مواطنا.

رغم فداحة الخسائر التي تتسبب فيها هاته الحرب غير المعلنة، لا يزال المغرب عاجزا عن إيجاد آلية لإيقاف النزيف المتواصل. وظل السؤال الذي لم تستطع الإجابة عنه حملات التحسيس ومدونة السير، هو من المسؤول عن هاته الكوارث الإنسانية؟ هل هي مسؤولية قطاع النقل، هل هم السائقون؟ هل هي المنظومة القانونية المتسامحة؟ هل هم رجال إنفاذ القانون وتطبيقه؟ أم الأمر يتعلق بمسؤولية وزارة التجهيز، المسؤولة عن الطرق؟ أم أن لذلك علاقة بالمنتخبين وحساباتهم السياسية، سيما بالعالم القروي والمغرب النائي؟

وبالفعل فإن حادثة انقلاب شاحنة دمنات تزيد من الحاجة إلى تحديد المسؤوليات لترتيب الجزاءات، لكن للأسف ستنضاف هاته الحادثة إلى حوادث سابقة، دون أن نتخذ العبرة مما وقع، في انتظار لا قدر الله فاجعة أخرى.

والغريب في الأمر أنه بعد كل فاجعة فإن أصابع الاتهام ممن هم أصلا مقصرون تتجه فقط إلى السائق، باعتباره المتهم رقم 1 في وقوع الحادثة، مع العلم أنه في حادثة دمنات تظهر بالملموس وضعية طرقنا الخطيرة التي تعود إلى حقب غابرة، بل تكشف أن السلطات الحكومية المعنية لا تتوفر على أي رؤية واضحة لتجهيز المناطق الجبلية، حيث لا تحضر الجبال كسياسة عمومية.

وهنا لا نحمل البنية الطرقية المسؤولية لوحدها، ولا ننفي دور السائق في وقوع الحوادث، بل أيضا يتحمل رجال إنفاذ القانون الساهرون على مراقبة الطرق مسؤولية التغاضي عن خرق القانون، ويتحمل رجال السلطة المسؤولية عن تسليم رخص النقل المزدوج لعربات متهالكة تشكل خطرا مباشرا على مستعملي الطريق.

إن مسألة معالجة حرب الطرقات تكمن في توافر إرادة تشريعية قوية وأخرى تنفيذية أقوى، بالإضافة إلى إرادة أمنية وقضائية لا تحابي أحدا، وتضرب بيد من حديد في الحوادث التي تخلف ضحايا بالجملة. وإذا كان الكل يتهرب من المسؤولية ويرمي بها على الطرف الآخر، فإن سيناريو الفواجع المميتة التي تحصد أرواح أبنائنا مجانا سيتكرر باستمرار وربما ببشاعة، وسيجد عشرات الآلاف من المغاربة أنفسهم ضحية للامسؤولية، ما بين مكبس السرعة ووضعية المركبة، وسوء الطريق، والتهاون في تطبيق القانون، وغياب السلطة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى