شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

من يعرقل الاستثمار؟

حينما دعا الملك محمد السادس الحكومة، والأوساط السياسية والاقتصادية، للعمل على تسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية، التي تختار المغرب في هذه الظروف العالمية، وإزالة العراقيل أمامها، فهو كان يقصد ما يقول ويعلم علم اليقين بناء على ما رفعت إلى علمه من تقارير مؤسساتية أن جهات ما، ربما لا تعجبها الحكومة وربما داخل الحكومة نفسها وربما وسط البيروقراطية الإدارية، وربما داخل صفوف رجال الأعمال أو أصحاب المصالح، تقف سدا منيعا في وجه أي مبادرة استثمارية. وحينما شددت أعلى سلطة في البلاد على أن أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة، وهو ما تجب محاربته، فالأمر خطير للغاية ويختزل كل شيء ولا يحتاج وضوحا أكثر من هذا.

لكن ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذه المماطلة والعرقلة المقصودة للاستثمار؟ ومن سيستفيد من السكتة القلبية بعد توقف شريان الاقتصاد المغربي؟ ولماذا هذا القصد في إيذاء الوطن؟ وكيف تتم تلك العرقلة؟

العارفون بهذا الملف الاستراتيجي والحساس جداً بالنسبة لبلدنا، يعلمون أن الخلفيات متعددة والجهات متشعبة والمصالح متضاربة، لكن من الظاهر أن ثمة حسابات خاصة مالية أو سياسية أو تجارية أو خارجية لدى بعض مراكز النفوذ بمنع المشاريع الاستثمارية ولربما قد يقف البعض في موقف المعرقل للحكومة من الظهور بمظهر من أنجز ملفاً بهذا الحجم، كان كثيرون قد عجزوا عنه في السابق. ويفضل هؤلاء خسارة الوقت والمال والفرصة الاستثمارية، على أن يربح خصمهم السياسي رقعة جديدة من الشرعية.

هذا لا ينفي بتاتا أن تكون العرقلة نتاج حرب الحيتان الكبيرة، فقد تكون ثمة حسابات تجارية مرتبطة ربما بأغراض احتكارية، هنا وهناك، وقد يكون الأمر مرتبطا بتعقد بيروقراطية بالية تقاوم كثيرا من أجل المماطلة في إصدار القرارات والتوقيع على التراخيص الاستثمارية في المراكز الجهوية. وبالضرورة لا ينبغي أن نستبعد أن ثمة حسابات خارجية أكبر تجد أدواتها الداخلية، يبدو أنها تساهم أيضاً في هاته العرقلة لإيقاف قطار التنمية.

ومهما كانت الأسباب والحسابات فليس هناك أي مبرر من أن يتحول المغرب إلى دولة ذات بيئة طاردة للاستثمار، لذلك فنحن في حاجة إلى خطوة تكون بمثابة عصا رادعة في وجه البيروقراطيين ومسؤولي الإدارات والهيئات العمومية والمنتخبين والمعينين بالجهات الذين يتعمدون فرملة الاستثمارات، بغرض التحصيل على مزايا غير مستحقة، وهو ما شكل في أكثر من مرة عائقا أمام قدوم مستثمرين جديين.

لا بد أن تنتهي عقود من الزمن شكل فيها مناخ الأعمال والاستثمار في البلد مادة دسمة للريع والسمسرة والاتجار غير المشروع في وجه رجال الأعمال المحليين والشركات الأجنبية على حد سواء، بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة والثقيلة، والنرجسية الإدارية ومرض السلطة ما سبب نفورا وسط المستثمرين. ومهما كانت معركة الدولة المغربية للقضاء على أدوات وأصحاب عرقلة الاستثمار ستكون طويلة وشاقة فهي معركة مطلوبة ولا محيد عنها بعدما دق طبولها جلالة الملك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى