الرأيالرئيسية

من يلعب بشعور الفرنسيين؟

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

الاحتجاجات في فرنسا وصلت إلى مهرجان كان السينمائي، أحد أشهر المواعيد السينمائية في العالم إن لم يكن أبرزها على الإطلاق.
هذه الاحتجاجات لم تُعرض في الشاشات الضخمة، وإنما دخلت إلى المهرجان من المواسير وقنوات الأسلاك. والسبب أن منطقة “كان” التي تحتضن المهرجان عرفت انقطاعا للكهرباء والغاز في بعض الأحياء السياحية التي يتردد عليها ضيوف المهرجان وجمهوره بكثرة.
الفرنسيون تحت الصدمة، بعد انتشار رسومات “فنية” تصور الرئيس ماكرون بملامح “هتلر”، في شوارع باريس ومدن أخرى في فرنسا. استياء واسع خلفته هذه الرسومات في أوساط المسؤولين الفرنسيين الذين اعتبروا المنشورات إهانة لرئيس فرنسا واستفزازا له. إذ أن الفرنسيين أقل تسامحا وانفتاحا عندما يتعلق الأمر بالنازية التي ذاقوا من ويلاتها في الحرب العالمية الثانية عندما غزا هتلر بلادهم واحتل باريس.
لكن الخبر الذي غطى على هذه المنشورات، القرار الصادم الذي أفاد بأن الشرطة الفرنسية ترصد غياب التلاميذ عن المدارس يوم عيد الفطر الأخير.
وزارة الداخلية الفرنسية طلبت من بعض المؤسسات التعليمية رصد وتقييم معدل الغياب الذي سُجل بالضبط في مناسبة عيد الفطر. وهو ما يكشف استهداف الوزارة لهذه المناسبة الدينية بالذات، وليس خلال فترة من الفترات.
هذا الخبر كشف إلى أي حد تشتغل الإدارة الفرنسية، وتُراقب تأثير بعض الأعياد الدينية وسط المجتمع الفرنسي. لكن المشكل أن الداخلية لم تشتغل على المناسبات الدينية لمهاجرين من ثقافات ومعتقدات أخرى، واقتصرت مراسلة الوزارة للمؤسسات التعليمية على تأثير مناسبة عيد الفطر على الغياب.
ورغم أن الوزارة نفت أن يكون الهدف من المراقبة وضع ملفات للطلاب المسلمين أو تصنيفهم حسب الدين، ونفت أيضا أن تكون قد طلبت أسماء هؤلاء التلاميذ المتغيبين أو أي معطيات شخصية عنهم، إلا أن التخوف وسط مسلمي فرنسا بلغ مداه.
لكن ما علاقة الشرطة الفرنسية بوزارة الداخلية؟ السبب أن الشرطة في بعض مناطق فرنسا، خصوصا تولوز، اتصلت مباشرة برؤساء بعض المدارس وطلبوا منهم عدد المتغيبين يوم عيد الفطر بالضبط. وهو ما جر غضبا واسعا على البوليس الفرنسي، في وقت يحتاج فيه إلى تعاطف الشارع بسبب قمع المظاهرات والتدخل العنيف ضد المتظاهرين منذ أشهر على إصلاح قانون التقاعد الذي يحاول ماكرون فرضه على الشارع الفرنسي بالقوة، رغم الدعوات إلى استفتاء شعبي.
المثير أن بعض مدراء المدارس في فرنسا، لبوا فعلا طلب رؤساء أقسام الشرطة وكشفوا لهم عدد المتغيبين يوم عيد الفطر.
مضى زمن كان فيه رؤساء المؤسسات التعليمية يعملون بشكل منفصل عن أي سلطة أخرى سوى سلطة وزير التعليم. بل كان هناك مدرسون فرنسيون يعلنون رفضهم تلقين التلاميذ، فرنسيين وأجانب، لمضامين المقرر الفرنسي إذا كانت فيه عنصرية ضد شعب من الشعوب التي كانت تستعمرها فرنسا. إذ أن المقررات الفرنسية عرفت تاريخيا بتعارضها مع الحقائق التاريخية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بحدود الدول وثقافتها ورموزها. وبفضل رجال تعليم، وسياسيين، نزهاء، بعضهم أصدقاء للمغرب، لم تصمد مغالطات تاريخية كثيرة عن المسلمين. إلى أن جاء زمن هؤلاء الذين يتلقون التعليمات هاتفيا من مراكز الشرطة، وكأنهم في مراكز إعادة تأهيل القاصرين، وليس في مدارس تلقن التربية أولا، بكل ما تحمله الكلمة من خصوصيات ثقافية وعرقية للتلاميذ، ثم التعليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى