شوف تشوف

نشرة إنذارية 2.2

 

 

 

اتضح اليوم أن النتائج التي حققها حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات الجماعية والبرلمانية السابقة والتي أعطته صلاحية تدبير خمس جهات من اثنتي عشرة جهة، وجيشا من المستشارين يقدر بـ6655 مستشارا، ورؤساء جماعات عددهم 358 وبرلمانيين عددهم بـ124 برلمانيا، لم يكن له تأثير مباشر على تدبير شؤون المواطنين وتحسين شروط عيشهم، بل إن العكس هو ما حصل، وهذا راجع إلى كون الحزب وممثليه في الجماعات والبلديات والجهات والبرلمان فشلوا في تقديم بديل أو منافس ذي مشروعية لممثلي حزب العدالة والتنمية.

وهذا يرجع أساسا إلى الطينة التي عجن منها إلياس العماري مستشاريه وبرلمانييه والتي تفتقد إلى المشروعية والنظافة المفروضة في من يريد فرض نفسه ومشروعه كبديل لمشروع تجار الدين.

وعوض أن ينصرف أكثر هؤلاء إلى خدمة المواطن انصرفوا إلى خدمة أنفسهم وعائلاتهم، فوفروا لحزب العدالة والتنمية وكتائبه الرصاص الحي لضرب الفكرة الأساسية التي تأسس عليها حزب الأصالة والمعاصرة وهي تقديم بديل سياسي بعرض ذي مصداقية.

ولعل الخطير في العطب الذي تسبب فيه إلياس العماري لمشروع حزب الأصالة والمعاصرة يكمن في تبديده لميزانيات طائلة رصدت لهذا الحزب ولإعلامه وأذرعه الموازية، وعوض أن تظهر آثار هذه الإمكانيات على الحزب ظهرت علامات الثراء على إلياس وعائلته ومقربين منه يعرفهم الجميع خرجوا من حالة العوز ودخلوا نادي الأثرياء في ظرف وجيز، ومنهم من أصبح يهدد بشعار “قادمون وقادرون” أو بالأحرى قادمون وقذرون، وهذا موضوع سنعود إليه بالتفصيل.

نحن إذن أمام عملية واسعة لتفكيك شبكة الدولة الموازية التي خطط لها إلياس العماري بمساعدة وزراء ومسؤولين في حكومة عبد الإله بنكيران، والذين تساقطوا مثل أوراق الخريف عندما هبت أولى رياح “خريف الشعبويين” التي أسقطت بنكيران وشباط والعماري.

والنتيجة هي أننا أمام حكومة بدون معارضة حقيقية تسائلها وتراقب تصرفها في أموال دافعي الضرائب، وهذا أخطر شيء يمكن أن يحدث في أي بلد فيه مؤسسات وهو أن نصبح دون معارضة أخرى غير معارضات الشارع العشوائية ومعارضات شبكات التواصل الاجتماعي المفتوحة على كل أشكال الهواية.

والدليل على صبيانية معارضة البام هو مسارعة فريقه للطعن في دستورية إحدى مواد قانون المالية ثم الهرولة لسحبه بعدما تبين للقوم أن طعنهم غير قانوني.

وكم هو مضحك أن نسمع اليوم الوزير السراح السابق عبد السلام الصديقي، الذي لولا إلياس العماري لما وطأت رجلاه مقر الوزارة، وهو يقول إن مظاهر الفقر و”الحكرة”، موجودة بكثرة في الشارع المغربي وهي تعود بالأساس إلى “النموذج التنموي المغربي” الذي أنتج الفقر والحكرة.

“ياك أسي الصديقي، دابا تحل ليك الفم، ملي كنتي وزير كاتشد 10 المليون فالشهر كان النموذج التنموي ناجح، دابا ملي رجعتي للمانضة ديال أستاذ عاد بان ليك النموذج كاينتج الفقر والحكرة”.

والحقيقة أن الفاشل الحقيقي في المغرب هو النموذج الديمقراطي المشوه الذي ينتج لنا أمثال الصديقي، أولئك السياسيين الحربائيين الذين يكون المغرب جميلا عندما يكونون في نعيم السلطة وبمجرد ما يغادرون هذا النعيم يصبح المغرب جحيما لا يُطاق.

ويتضح مما سبق أن الزلزال الذي ضرب رجال الإدارة الترابية كان يهدف إلى فصل الداخلية عن السياسة، خصوصا مع ظهور بعض المؤشرات المقلقة التي تؤكد توظيف أم الوزارات في حروب سياسية لفائدة بعض الأحزاب، وهو ما أدى إلى خلق تناقضات عديدة في مهام رجالاتها بمختلف مناصبهم.

لذلك كانت الحاجة ماسة إلى إجراء عملية قيصرية لإزالة “الأورام السياسية” التي كبرت وتضخمت في الإدارة مع إعادة تنظيم غير مسبوقة داخل أروقة الوزارة التي طالما تمتعت باستقلالية كبيرة منذ تأسيسها في 1956، وذلك من خلال الإطاحة بعدد من المسؤولين من مناصبهم ليس فقط بسبب تقصيرهم في مسؤولياتهم الإدارية والتدبيرية، ولكن بسبب الشبهات السياسية التي حامت حول تحركاتهم ما بين انتخابات 2015 و2016.

وبدون شك سيكون لهذا الزلزال مفعول قوي للتغلب على بعض مراكز القوى التي أصبحت تتسلل إلى أروقة بناية ليوطي وتهدد بجعلها رهينة في أيدي إلياس العماري وتيار الريف الذي يقوده داخل الحزب، ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستكون لها آثارها الإيجابية على إعادة الصلابة بعد حالة الارتخاء التي أصبحت تعاني منها.

واتجاه لفتيت بعد الزلزال السياسي نحو إجراء تغييرات واسعة في كوادر الداخلية كان أمرا مطلوبا وضروريا، وانتظره المغاربة منذ اللحظة الأولى التي أعقبت انتخابات 7 أكتوبر التي فقدت فيها الداخلية الكثير من قوتها وهيبتها بعد تحول بعض كوادرها إلى مناضلين سياسيين في خدمة إلياس العماري بسبب تعرضهم لضغوطاته التي أفقدتهم استقلاليتهم، ومنهم من وصلت إلى حد إفقادهم لكرامتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى