حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

شوف تشوف

نور في نهاية النفق

في الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة وخصومه السياسيون منشغلين بالتفاوض والتناطح حول القوانين الانتخابية كان الملك منشغلا بتوفير اللقاح لأبناء شعبه لحمايتهم من الفيروس القاتل الذي يصيب الآلاف منهم كل يوم ويقتل العشرات يوميا ويتسبب للاقتصاد في الشلل. ولعل الجميع يتذكر المكالمة الهاتفية بين الملك محمد السادس والرئيس الصيني شي جين بينغ في غشت، عندما كانت الحكومة في عطلة، والتي كان موضوعها إشراك المملكة في جهود تطوير لقاح يمكن المغرب من الحصول على كمية كافية منه بعد إنتاجه. وهكذا تم توقيع اتفاقيتي تعاون بين المغرب والمختبر الصيني سينوفارم يهدف إلى إشراك المغرب في التجارب السريرية للقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد.
واليوم يمكن أن يتنفس الجميع الصعداء بعدما أعطى الملك تعليماته بالإعداد لعملية تلقيح واسعة النطاق خلال الأسابيع القادمة تشمل الواقفين في الخندق الأمامي للحرب ضد هذا الوباء، وهم الرجال والنساء الذين يعرضون حياتهم يوميا للخطر من أجل إسعاف إخوانهم المغاربة في الوحدات الصحية أو من أجل حماية أمنهم وممتلكاتهم أو من أجل تدريس أبنائهم.
في أمريكا سيبدؤون التلقيح خلال الأسبوع الأخير من هذا الشهر بعدما أظهرت التجارب أن لقاح مختبر فايزر الأمريكي وبيونتيش الألماني فعال بنسبة 90 بالمائة، ومن المنتظر أن يلتحق بهذا اللقاح لقاح آخر يطوره مختبر موديرنا قبل نهاية العام.
وربما لاحظ الجميع كيف أن الشركات المرتبطة بالطيران والسياحة ارتفعت أسهمها في البورصات العالمية بعدما تم الإعلان عن لقاح فايزر، وهذا يدل على أن خلاص العالم يوجد اليوم في لقاح آمن يمكن البشرية من العودة للحياة الطبيعية.
ومن غرائب الصدف أن تعلن البرازيل عن تعليق تجارب لقاح SINOVAC في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه المجموعة الدوائية العملاقة فايزر أن لقاحها التجريبي المضاد لكورونا أثبت فعاليته بنسبة 90 بالمائة، مما ينذر بحرب باردة بين الصين وأمريكا عنوانها اللقاحات.
وقد أعلنت SINOVAC أن قرار التعليق لا علاقة له بالنتائج السريرية للقاح وأن الأبحاث السريرية في البرازيل ستستمر في إجراء الأعمال ذات الصلة وفقًا لمتطلبات معايير الممارسة السريرية الجيدة، وأنهم واثقون من سلامة اللقاح.
هذا يعني أن المغرب بفضل المجهود الملكي سيحصل على لقاح ضد فيروس كورونا وسيلقح مواطنيه في نفس الفترة التي ستفعل ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا لوحده إنجاز غير مسبوق يعود الفضل فيه للرؤية المستقبلية للملك الذي يفكر في سلامة أبناء شعبه.
إذن اللقاح الذي يتم التحضير له هو اللقاح الذي تطوره شركة سينوفارم الصينية. وقد تموقع المغرب في هذه المنزلة المتقدمة من الدول التي ستوفر التطعيم لشعبها مبكرا وبكميات كبيرة بفضل تدخل ملكي مباشر وشخصي مع القيادة الصينية مسنود برؤية سيادية وصحية وإنسانية وسياسية مستقبلية.
الصين لها قدرة إنتاج مليار جرعة من هذا اللقاح، الذي يدخل في صنف “اللقاح المعطل”، Vaccin Inactivé في سنة 2021.
سينوفارم لها لقاح ثان غير هذا. والصين لها لقاحات قيد البحث والتطوير على الأقل خمسة لقاحات في المراحل الأخيرة. وطريقة التلقيح تتم بواسطة جرعتين ثلاثة أسابيع بين الجرعة الأولى والثانية.
وستصل 10 ملايين جرعة شهر دجنبر إلى المغرب لتلقيح حوالي 5 ملايين مغربي، على رأسهم المهنيون الصحيون والأمن والسلطات ورجال التعليم والفئات الهشة في مرحلة أولى.
بعد ذلك سيتم تلقيح 80 بالمائة من المغاربة الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة. وحسب تطور الوضعية الوبائية ونوعية اللقاحات المعتمدة والمتوفرة يمكن توسيع التلقيح لما تحت هذه السن لحماية أوسع.
ما يجب أن يعلمه المغاربة هو أن هذا اللقاح استعمل في الصين بشكل واسع ويستعمل بشكل أوسع بحيث تعدى مليون شخص، ومازالت العملية مستمرة.
وتم استعماله بشكل واسع في الإمارات والأرجنتين والبرازيل.
اللقاح سيستعمل في البداية تحت الترخيص المبكر أو المستعجل ثم بعد ذلك بشكل عادي.
وستأخذ العملية عدة أشهر لتلقيح عدد كبير من الناس، لذلك علينا جميعًا مواصلة احترام الإجراءات الحاجزية واحترام وضع القناع لعدة أشهر أخرى حتى نتمكن من تطعيم نسبة مئوية من المغاربة تضمن ما يسمى بمناعة القطيع، أي المناعة الجماعية التي تحمي الناس الذين تم تلقيحهم أو حتى الذين لم يتم تلقيحهم لسبب من الأسباب.
بهذا سنضمن مناعة جماعية بالتطعيم وهذا هو غاية الطب، وليس البحث فقط عن مناعة جماعية بواسطة تعريض الناس للوباء وللمرض وللخطر.
وعلى عكس ما يعتقده البعض فإن المناعة التي تأتي عن طريق التطعيم تكون أقوى وتدوم أكثر من المناعة التي يخلفها المرض بعد الإصابة بالفيروس.
الأهداف الثلاثة الأساسية لعملية التلقيح الجماعية ستكون هي حماية الناس ضد المرض وخصوصا للتقليل من الحالات الخطرة والوفيات، السماح بحياة اجتماعية ودورة اقتصادية مفتوحة، والقضاء على الوباء.
مشاركة المغرب في التجارب السريرية للمرحلة الثالثة في اللقاح المضاد لكوفيد 19 انطلقت في شهر شتنبر على مستوى ثلاثة مستشفيات هي المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء والمستشفى الجامعي ابن سينا والمستشفى العسكري بالرباط، بـ600 متطوع موزعة بالتساوي بين المستشفيات الثلاث. نصف المتطوعين يتلقى عادة اللقاح الحقيقي والنصف الآخر الدواء الوهمي Placebo دون أن يعرف لا المتطوعون ولا الأطباء المشرفون من يتناول اللقاح الحقيقي ومن يتناول البديل الوهمي، كما تتطلب ذلك الدراسات السريرية في هذه المرحلة.
اللقاح الذي يشارك فيه المغرب يتطلب أخذ جرعتين بفاصل ثلاثة أسابيع بين الجرعة الأولى والثانية.
تم أخذ عينات الدم من كل المتطوعين لتحليلها والبحث عن مضادات الأجسام المضادة لكوفيد 19 التي من المفروض أن تفرزها أجسام المتطوعين الذين تلقوا اللقاح. وهذه العملية تنطلق بعد 50 يوما من تلقي المتطوع جرعته الأولى.
ثم إرسال كل العينات إلى الصين لإجراء التحاليل عليها عندهم وليس في المغرب بسبب غياب الأجهزة الخاصة بهذا النوع من التحاليل في المغرب، ولم يكن ممكنا تجهيز البلاد بهذه الأجهزة بسبب ضغط الوقت.
لم يتم تسجيل أي مضاعفات مهمة بسبب حقن اللقاح ما عدا بعض حالات ارتفاع الحرارة البسيطة أو آلام على مستوى مكان الحقنة، وهي أمور متوقعة ومقبولة.
كما عقد المغرب يوم 18 شتنبر اتفاقية مع شركة أرفارم R-Pharm التي تشتغل لحساب استرا زينيكا Astra Zeneca لشراء اللقاحات التي تشتغل عليها هذه الأخيرة. أي حوالي 17 مليون جرعة و3 ملايين جرعة إضافية عند الضرورة، والمغرب في مفاوضات كذلك مع Pfizer و ـJohnson and Jhonson و Cacina Pio، والمغرب مشارك كذلك في مبادرة منظمة الصحة العالمية COVAX التي تروم توفير اللقاحات بشكل عادل وللفئات المحتاجة أولا بثمن معقول.
المشكل الكبير الذي يطرحه موضوع الوصول إلى اللقاح هو تكافؤ الفرص أو على الأصح انعدام تكافؤ الفرص بين الدول. فالدول الغنية حجزت لنفسها قبل عدة أشهر كميات كبيرة من اللقاحات تمكنها من تلقيح مواطنيها الذين هم في أعلى سلم الأولويات وأولئك الذين منهم في آخر سلم الأولويات الطبية، فيما سيكون على الدول الفقيرة أن تحصد مزيدا من الأموات إلى أن يصلها دورها للحصول على هذه اللقاحات. لذلك تحركت منظمة الصحة العالمية في إطار مبادرة كوفاكس ومنظمات أخرى كي يصل اللقاح أولا لمن هم في حاجة ماسة إليه طبيا أينما كانوا، وليس فقط لمن يسكنون في بلدان لها أموال كثيرة تدفعها للمختبرات.
هذا هو تكافؤ الفرص الذي نشتغل عليه كذلك مغربيا: تلقيح بالأولويات حسب الحاجة الطبية. وهناك حديث عن محاولة لتلقيح 80% من المغاربة الذين يبلغون أكثر من 18 سنة خلال أربعة أشهر إذا ما توفر اللقاح بالكمية المطلوبة. طبعا دائما في إطار الأولويات الطبية وليس اعتباطيا أو عشوائيا.
شيء أخير وجب التنبيه إليه وهو أنه حتى وإن بدأنا التلقيح من دجنبر فسيكون لزامًا علينا مواصلة الالتزام بالتدابير الصحية الوقائية لعدة أشهر أخرى إلى حين ضمان المناعة الجماعية والاطمئنان والتحكم في الوباء تحكما تاما.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى