شوف تشوف

الرئيسيةبانوراماتقاريرمجتمع

هكذا تصطاد شبكات التسويق الهرمي ضحاياها بالشمال

الأمن يتخذ تدابير استباقية لإجهاض عمليات احتيال على ضحايا أغلبهم نساء

 

 

على الرغم من كون التسويق الهرمي من الأعمال الإجرامية القديمة، التي ظهرت بأمريكا وتمت معالجتها بقوانين صارمة وتدابير استباقية وتوعية وتحسيس المستهلك، إلا أن عمليات النصب والاحتيال المذكورة مازالت منتشرة بمناطق بالمغرب منها مدن الشمال، حيث يقوم بعض الأشخاص بادعاء أنهم رؤساء جمعيات مجهولة الاسم والعنوان، ويستقطبون ضحايا أغلبهم من النساء لتشكيل هرم مالي ينهار بانهيار القاعدة المزودة لرأسه، وتوقف استقطاب الضحايا، أو بواسطة انكشاف الأمر من قبل السلطات الأمنية والقبض على الرؤوس المدبرة.

تطوان : حسن الخضراوي

 

 

تقوم الفرقة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن تطوان، بتنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية ورؤساء المفوضيات بجميع المدن المعنية، بتنزيل تدابير استباقية من أجل إجهاض كل محاولة لشبكات التسويق الهرمي بالتغلغل داخل هوامش المدن والقيام باستقطاب ضحايا أغلبهم من النساء، حيث تسهل عملية النصب والاحتيال بسبب عوامل غياب الوعي والتحسيس وضعف المستوى الأكاديمي وغياب التجارب السابقة في الشارع، والاحتكاك مع الناس وتبادل المعلومات.

وحسب مصادر مطلعة، فإن العديد من ضحايا شبكات النصب والاحتيال بواسطة التسويق الهرمي، يخفون خسارتهم المالية عن أقرب المقربين منهم، وذلك بسبب تخويفهم من قبل الرؤوس المدبرة من تبعات قانونية، فضلا عن هاجس انكشاف الأمر من قبل أزواج لا يعلمون بانخراط زوجاتهم في الموضوع، إذ تعمل بعض النساء اللائي يتم استغلالهن في الاستقطاب على تحذير الضحايا من إشهار أسمائهن والاستمرار في العمل بسرية لضمان النجاح.

واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن من ضمن عمليات استقطاب شبكات التسويق الهرمي لضحايا جدد والحذر من الخروج للعلن، إنشاء قنوات تواصل خاصة، مثل تشكيل مجموعات نسائية على «وتساب» يتم من خلالها تبادل المعلومات، ونشر فيديوهات تؤكد حصول مشاركات على أرباح مادية خيالية، والقيام بتحضير جلسات مصورة لاقتسام الأرباح مع الحرص على إظهار الأموال في الكاميرا والتباهي بالتوصل بالأرباح بشكل مباشر، قصد خلق نوع من الإشهار والتشجيع على استقطاب أكبر عدد من الضحايا الذين يضمنون استمرار العملية الإجرامية وتوسع قاعدة الهرم.

 

مواجهات دامية

 

تسببت أنشطة شبكة للتسويق الهرمي بمدينة الفنيدق والمضيق، قبل أيام قليلة، في مواجهات دامية بين نساء تزعمن جمع مبالغ مالية من ضحايا وتوزيع وعود بتحقيق أرباح مضاعفة بعد أسابيع قليلة، حيث تسبب تعثر العملية الإجرامية نتيجة ضعف الاستقطاب، في عدم الوفاء بالتعهدات، ونشوب صراعات قوية أدت إلى إصابة متزعمة بجروح خطيرة على مستوى يديها، ما تطلب إخضاعها للعلاج بالمستشفى الإقليمي بالمضيق تحت حراسة أمنية مشددة، قبل اقتيادها للتحقيق وتقديمها للعدالة بالمحكمة الابتدائية بتطوان، رفقة نساء أخريات يشتبه في تورطهن في النصب والاحتيال.

وقامت السيدة المتهمة التي كانت تعمل بقطاع التهريب المعيشي، بتزعم التنسيق مع جمعية وهمية، وتشكيل قاعدة هرم بسيط لجمع أموال من النساء اللائي يعملن بالقطاع الخاص وقطاع الإنعاش الوطني الذي عوض التهريب المعيشي، حيث كانت تتسلم مبالغ مالية وتطلق وعودا بتحويلها إلى أضعاف مضاعفة وتسليمها للمستفيد دون أي مجهود يذكر.

وتمكنت المتهمة رفقة نساء أخريات من استقطاب عشرات الضحايا من النساء، وانخراطهن في العملية الإجرامية التي تتعلق بالنصب والاحتيال وجمع أموال بطريقة غير مشروعة قبل توزيعها على مساهمين برأس الهرم، والعمل على توسيع القاعدة بتشجيع كل ضحية على جلب ضحايا آخرين لا يقل عددهم عن أربعة، وذلك بإقناعهم بسهولة وضمان الربح، وتسويق بعض الفيديوهات للتشجيع أكثر.

وبعد انكشاف عملية التسويق الهرمي بأوساط نساء من ممتهنات التهريب المعيشي سابقا، اختارت العديد من النساء اللائي كن ضحايا العملية الإجرامية المذكورة، الصمت وعدم التبليغ، خوفا من مساطر الاستماع لدى الضابطة القضائية المكلفة بمفوضية الأمن بالفنيدق، وكذا الخوف من رد فعل الأزواج الذين لم يطلعوا على تفاصيل وكواليس المساهمات المالية، فضلا عن تفادي الحضور بالمحاكم المختصة لاعتبارات شخصية.

ويختار عدد من ضحايا التسويق الهرمي عدم التبليغ والاستمرار في الكذب على آخرين قصد استقطابهم لضمان استرجاع أموالهم التي دفعوها من قبل والطمع في تحقيق أرباح، إذ تلزمهم شبكات التسويق بضرورة البحث والاجتهاد في استقطاب زبناء ضحايا، لاستمرار عملية الأرباح التي توزع في الأصل من الأموال التي يتم جمعها ولا علاقة للأمر بأي عملية تجارية أو ما شابه ذلك.

 

تجارة وهمية

 

كل العمليات التجارية التي تقدمها شبكات التسويق الهرمي للضحايا هي في الأصل وهمية وتعتبر بمثابة طُعم فقط لجذب المشاركين في بناء قاعدة هرم واسعة جدا، حيث يستحيل، بحسب خبراء في الاقتصاد والتجارة، تحريك رأس مال صغير جدا، ومبلغ مالي بسيط، في عملية تجارية سريعة تعود بأرباح مضاعفة في ظرف أيام قليلة، علما أن المستثمر الضحية يدفع المال ولا يقوم بأي شيء سوى استقطاب زبناء ضحايا جدد، وهو الشيء الذي يفهم من خلاله أن الأرباح تكون على حساب الضحايا وتتوالى السلسلة في التضخم، حتى اتساع قاعدة الهرم إلى ما لا نهاية، قبل تدخل السلطات الأمنية، أو انكشاف الأمر وتعثر العملية الإجرامية في إحدى حلقات السلسلة نتيجة توقف الإمدادات المالية لانكشاف العملية الإجرامية من الأصل.

وذكر مصدر الجريدة أن العديد من شبكات التسويق الهرمي تعمد إلى التخفي في جلباب أنشطة تجارية بسيطة لمواد غريبة، لكن الأمر في صلبه لا يتعلق بأي استهداف لجلب المستهلك، بقدر ما تهدف العملية لاصطياد ضحايا يدفعون أموالا طمعا في الربح السريع وتحقيق وهم الثروة، وهذه الشريحة غالبا ما تكون من نساء غير متعلمات أكاديميا، أو ليس لهن احتكاك بنقاش الشارع وملفات النصب والاحتيال.

وأضاف المصدر نفسه أن بعض النساء ممن يكن في رأس الهرم يستفدن بالفعل من أرباح مالية على حساب القاعدة واستقطاب ضحايا جدد، وليس ببيع منتوجات أو غير ذلك من محاولات التغطية على عمليات للنصب والاحتيال، بممارسة تجارة وهمية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحقق أرباحا سريعة، وإلا كانت الأولى بها شركات عالمية ضخمة، يمكن أن تمنح شبكات التسويق الإجرامية الملايير على أن تعود إليها مضاعفة بعد مدة وجيزة.

وأشار المصدر ذاته إلى أن العديد من النساء يخلطن بين التجارة الإلكترونية والتسويق الهرمي، وعملية «دارت» التي تقوم بها مجموعات من أجل قضاء مصالح خارج الاقتراض من الأبناك ومؤسسات القروض، إذ تعتمد الأولى على تسويق منتوجات إلكترونيا على المواقع الاجتماعية، والعمل على التنسيق مع الزبون لإتمام عملية البيع بطرق مختلفة حسب الاتفاق، مع تحقيق نسبة أرباح حسب المنتوج وتفاصيل أخرى، في حين تبقى الثانية نصبا واحتيالا لأنها تتعلق بدفع مبالغ مالية لجهات مقابل الحصول على أضعافها والاجتهاد في إقناع ضحايا آخرين، أما الثالثة فهي عملية قديمة يتم القيام بها داخل الأسر والزملاء في العمل وشبكة أفراد يثقون في بعضهم، حيث تتم المساهمة على رأس كل شهر بمبلغ معين والمجموع يتسلمه فرد من الجماعة حتى تصل السلسلة للنهاية بنهاية عدد الأفراد، وهي عملية توفير بين أشخاص وليست عملية نصب واحتيال، إذ لا أرباح فيها ولا تدليس.

 

صمت الضحايا

 

اختارت سمية (اسم مستعار) الصمت وعدم التبليغ عن سقوطها في فخ شبكة للتسويق الهرمي بالمضيق والفنيدق، وذلك لاعتبارات عائلية، وتخوفها من الذهاب لدى أقسام الشرطة القضائية وإنجاز محاضر رسمية، علما أن زوجها لا يعلم بتفاصيل القضية، حيث قامت باقتطاع جزء من راتبها الشهري وتسليمه لمتزعمة شبكة للتسويق الهرمي تم تقديمها للعدالة، وظلت تنتظر دورها في تحقيق الربح السريع والمضاعف، قبل أن ينكشف كل شيء وينهار الهرم فوق رؤوس المتهمين والضحايا.

وكشفت سمية أنه تم استقطابها كضحية من قبل زميلاتها في العمل بالقطاع الخاص، حيث تم دمجها في مجموعة على «وتساب»، وشاهدت هناك فيديوهات وصورا تتعلق بتسليم نساء أرباحهن المضاعفة خلال مدة وجيزة، كما تأكدت من ذلك على أرض الواقع، وكان الكل يشيد بضمان الأرباح وأن تعميمها على الجميع يبقى مسألة وقت فقط.

وأضافت المتحدثة أنها ساهمت بمبلغ مالي وظلت تنتظر لأسبوعين دون جدوى، وعندما احتجت تمت مطالبتها بجلب زبائن ضحايا جدد، ما جعلها تشكك في العملية من الأصل، لكنها مع ذلك استمرت في محاولة إقناع جاراتها اللائي لم يجمعن المبلغ المطلوب للمشاركة، حتى وصل الخبر زوج إحدى السيدات وأخبر الجميع أن الأمر يتعلق بعملية نصب واحتيال وعلى الكل التوقف عن توسيع قاعدة الهرم باستقطاب ضحايا جدد أو الترويج للأمر داخل أوساط النساء.

وتأكدت سمية من تعرضها لعملية نصب واحتيال عندما وصلها خبر مواجهات دامية وقعت بين نساء شاركن في التسويق الهرمي، ودخول السلطات الأمنية على خط التحقيقات وإجراءات الاستماع بتنسيق مع النيابة العامة المختصة، حيث اختارت المتحدثة المغامرة بمبلغ 800 درهم والصمت، على أن تواجه أفراد الضابطة القضائية وإجراءات الاستماع والمحاكم، وتبعات عدم إخبار الزوج وما شابه ذلك من المشاكل التي لا حصر لها.

 

ضربات استباقية

 

تقوم السلطات الأمنية بولاية أمن تطوان بتوجيه ضربات استباقية لشبكات التسويق الهرمي، والعمل على كشف ألاعيبها واختبائها تحت غطاء معاملات تجارية وهمية، فضلا عن استهدافها هوامش المدن، والنساء اللائي لا يتوفرن على مستوى تعليمي جيد، يمكنهن من التفريق بين النصب والاحتيال والتجارة، وعدم الانسياق خلف وهم أرباح خيالية وسريعة، لا يمكن أن تتم في أي مشروع بالعالم.

وحسب مصادر مطلعة، فإن الضابطة القضائية بالمصلحة الولائية بولاية أمن تطوان تقوم بتعقب الأنشطة الإجرامية لشبكات التسويق الهرمي حتى لا تستقر بمدن الشمال، أو تتغلغل وسط تجمعات نسائية، لاصطياد عدد كبير من الضحايا، وبيعهم وهم الحصول على أرباح في تجارة وهمية، مع إنشاء مجموعات على مواقع التواصل لغرض كسب الثقة أكثر، والترويج لنماذج حية.

وأضافت المصادر ذاتها أن اختيار ضحايا عدم التبليغ يعقد من عمل الضربات الأمنية الاستباقية، كما أن السرية التي تعتمد من قبل شبكات التسويق الهرمي تساهم فيها النساء بشكل كبير، حيث يصعب في الكثير من الأحيان جلب أشخاص للاستماع إليهم، في غياب أدلة واضحة ومخالفات مثبتة بواسطة القانون، ناهيك عن تطور شبكات التسويق الهرمي وطلبها في بعض الأحيان إرسال المبالغ المالية عبر البريد.

واستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن الضابطة القضائية بولاية أمن تطوان تعرف كافة كواليس عمل شبكات التسويق الهرمي، وتعمل باستمرار بتنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية لضمان عدم تغلغل هذه الشبكات بهوامش المدن واستهداف التجمعات النسائية على وجه الخصوص، كما تم إعطاء تعليمات بتحليل الفيديوهات المسربة من مجموعات كما حدث في وقت سابق، والتحرك وفق السرعة والنجاعة المطلوبتين لتطبيق القانون بشكل استباقي، تفاديا لأي تكرار لنشاط تسويق هرمي تحت غطاء تجاري.

وذكر محام بهيئة تطوان أن القانون المغربي يجرم عمليات التسويق الهرمي، ويمنع القانون رقم 31.08 المنظم لتدابير حماية المستهلك، والصادر بالجريدة الرسمية 7 أبريل 2011، كل أشكال البيع أو تقديم الخدمات بشكل هرمي، كما تنص المادة 53 منه على منع البيع بالشكل الهرمي أو بأية طريقة أخرى مماثلة تتعلق خاصة بعرض منتوجات أو سلع أو خدمات على المستهلك، مع إغرائه بالحصول على المنتوجات أو السلع أو الخدمات المذكورة بالمجان أو بسعر يقل عن قيمتها الحقيقية وبتعليق البيع على توظيف سندات أو تذاكر للغير أو على جمع اشتراكات أو تقييدات، فضلا عن اقتراح قيام مستهلك بجمع اشتراكات أو تقييد نفسه في قائمة مع إغرائه بالحصول على مكاسب مالية ناتجة عن تزايد هندسي لعدد الأشخاص المشتركين أو المقيدين.

ويعاقب القانون على المخالفات المذكورة بأحكام بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 20.000 إلى 40.000 درهم، كما يمكن الحكم على مرتكبي المخالفة بإرجاع المبالغ التي تم دفعها من قبل الزبناء غير الراضين دون أن يكون لهم حق الرجوع على الذين توصلوا بالسلعة، ويمكن للمحكمة أن تأمر بتعليق حكمها أو نشره على نفقة المحكوم عليه بالكيفية التي تقررها.

 

 

 

نافذة

يختار عدد من ضحايا التسويق الهرمي عدم التبليغ والاستمرار في الكذب على آخرين قصد استقطابهم لضمان استرجاع أموالهم التي دفعوها من قبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى