شوف تشوف

الرئيسيةتعليم

هل تؤثر إضرابات «أطر الأكاديميات» على خطة الوزارة لإنقاذ السنة الدراسية؟

المديريات الإقليمية بدأت في رفع أعداد التلاميذ المستفيدين من التعليم الحضوري ثلاثة أشهر قبيل الامتحانات الإشهادية

وضعت وزارة التربية الوطنية رزنامة دقيقة أعدتها لإنقاذ السنة الدراسية بشكل يضمن تكافؤ الفرص بين مختلف شرائح التلاميذ، سواء في المؤسسات العمومية أو الخاصة. لذلك بدأت بعض المديريات الإقليمية في رفع أعداد التلاميذ المستفيدين من التعليم الحضوري في الأقسام. لكن بالموازاة يواصل «أطر الأكاديميات» أو ما يعرف إعلاميا ونقابيا بـ«أساتذة التعاقد» إضراباتهم التي يخوضونها منذ مدة للضغط على الوزارة الوصية لإدماجهم في الوظيفة العمومية. هذه الإضرابات التي ارتفعت وتيرتها في المدة الأخيرة تهدد، حسب مراقبين، جهود الوزارة لإنقاذ السنة الدراسية، في ظل أرقام رسمية تعترف بوجود مشكلات حقيقية في استفادة كل التلاميذ من التعليم الرقمي عن بعد.

خطة لـ«إنقاذ» السنة الدراسية
أمرت العديد من المديريات الإقليمية مدراء المؤسسات التعليمية العمومية وكذا أرباب المدارس الخاصة برفع أعداد التلاميذ المستفيدين من التعليم الحضوري في القسم الواحد. فبدل الاكتفاء بحضور نصف التلاميذ فيما النصف الآخر يتابع الدروس عن بعد أو عبر المنصة الإلكترونية الرسمية، فقد سمح برفع تدريجي لأعداد التلاميذ إلى حوالي الثلثين، محاولة من الوزارة لاستدراك التفاوت الكبير بين إيقاع التعلم الحضوري ونظيره الرقمي.
فرغم الاحتياطات التي أقدمت عليها المديريات الإقليمية وحملة التوعية التي نظمتها للتنبيه إلى ضرورة الاستمرار في اعتماد احتياطات السلامة لتجنب موجة النسخ المتحورة لفيروس كورونا، فإن الوزارة تعول كثيرا على استفادة أكبر عدد ممكن من أطرها من الجرعة الثانية من اللقاح ابتداء من هذا الأسبوع في أفق عودة الدراسة الحضورية بشكل طبيعي في شهري أبريل وماي ما لم يحدث أي مستجد.
خطة الوزارة لإنقاذ السنة تنطلق من واقع الإشكالات التي واجهها عدد كبير من التلاميذ في متابعة دروسهم عن بعد. وهذه الإشكالات اعترفت بها تقارير صادرة عن جهات رسمية آخرها تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، التي أجرت بحثا بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، والذي أكد بأن 22,3 بالمائة من أبناء الأسر المتكونة من الإناث فقط لم يستطيعوا كليا أو جزئيا متابعة دروسهم عن بعد، الخاصة بالمستوى الابتدائي، مقابل 22.1 بالنسبة لمستوى الإعدادي خلال فترة الحجر الصحي.
البحث أورد أنه بالنسبة للأسر ذات الأطفال الذكور فقط، بلغت النسبة 21,1 بالمائة (ابتدائي)، و16 بالمائة (إعدادي)، مع الإشارة إلى أنه داخل الأسر التي تضم أطفالا من الذكور والإناث معا، فإن نسبة عدم المتابعة (18,8 بالمائة في الابتدائي، و13,2 بالمائة في الإعدادي) تصبح أضعف مقارنة بالحالة التي لا تضم فيها الأسرة إلا فتيات. ويرجع أرباب الأسر الصعوبات التي يواجهها أبناؤهم في الاستفادة من الدروس عن بعد إلى غياب المعدات (الحواسيب، الربط بالأنترنت، وغيرها). كما أن ارتفاع نسبة انتشار الأمية بالمغرب بين النساء يعد سببا إضافيا للصعوبات المرتبطة بمتابعة الأطفال ومساعدتهم على مراجعة دروسهم.
أما عند تصنيف الأسر وفقا لمستوى تعليم رب الأسرة، ذكر البحث أن التفاوتات تتفاقم؛ ففي فئة الأسر التي لا يتوفر جميع أفرادها على مستوى تعليمي، تقل فرص الولوج إلى خدمات الصحة الإنجابية لأفراد الأسر التي تعولها امرأة (49 بالمائة) مقارنة بتلك التي يعولها رجال (65 بالمائة).

الإضرابات.. هل ستفاقم واقع اللامساواة في فرص التعلم؟
تزايد وتيرة الإضرابات في صفوف هيئات مختلفة وخاصة أطر الأكاديميات، يطرح مشكلات تدبيرية حقيقية للوزارة، وخاصة منذ توقف جولات الحوار قبل سنة من الآن. ذلك لأن خطة الوزارة تعول كثيرا على هيئة التدريس في تنظيم دروس دعم إضافية لفائدة التلاميذ، وخاصة في المستويات الإشهادية، لاستدراك التفاوت المسجل بين التلاميذ، وخصوصا في التعليم العمومي.
هذه الإضرابات لا يبدو الآن أنها وصلت لنهايتها، بل تفاقمت الاحتجاجات في صفوف أطر الأكاديميات تحديدا بعد تعرض رواتب الآلاف منهم لاقتطاعات. حيث يؤكد بعض هؤلاء الأطر أن اقتطاعات جديدة طالت أجورهم لنهاية شهر فبراير، تفوق 1200 درهم لكل أستاذة وأستاذ.
واعتبر «الأساتذة المتعاقدون»، في تدوينات نشروها على صفحاتهم الرسمية وعلى صفحة «التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد»، أن الاقتطاعات خلفت السخط العارم والاستياء الكبير وسط صفوفهم».
واستشاط الأساتذة المتعاقدون غضبا على ما وصفوه «سرقة أجورهم»، لكون المساطر القانونية لم تحترم في الاقتطاع، بدءا من استفسار الأستاذ المتعاقد عن سبب إضرابه ودواعي ذلك إلى الإشعار بالاقتطاع، ثم مباشرة الاقتطاع الذي يتم فقط على مستوى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، عكس زملائهم الأساتذة في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية الذي ينفذ على المستوى المركزي في الرباط، وفق توضيحاتهم. لذلك تستعد عدد من التنسيقيات الجهوية والإقليمية لهؤلاء الأطر لتنظيم أشكال احتجاجية إقليمية وجهوية تصعيدية ردا على هذه الاقتطاعات.
ولا يزال «الأساتذة المتعاقدون» متشبثين بمطلب إسقاط التعاقد والإدماج في سلك الوظيفة العمومي، وبمواصلة معركة الاحتجاج والإضراب والاعتصام والمسيرات ومقاطعة المجالس واللقاءات. علما أن الوزارة لا تعترف بهذه التسمية، لكونها تعتبر التعاقد انتهى وأن وضعية هؤلاء الأطر «مماثلة» لوضعية أطر الوظيفة العمومية الخاضعين للنظام الأساسي الموحد.
في سياق متصل تظاهر العشرات من الأساتذة المنتسبين إلى التنسيقية ذاتها بجهة طنجة تطوان في وقفة احتجاجية يوم الخميس الماضي، وذلك تضامنا مع محاكمة زميل لهم بالجهة نفسها، والمتابع في حالة سراح. ويأتي هذا في الوقت الذي قررت المحكمة الابتدائية بالعرائش تأجيل الجلسة إلى 22 أبريل المقبل.
هذا التوتر المستمر بين الوزارة وأطر الأكاديميات فضلا عن الأطر حاملي الشهادات، والذين يتجاوز عددهم جميعا أكثر من 100 ألف موظف، ستؤثر حتما على خطة الوزارة لإنقاذ السنة الدراسية، ويفرض عليها، حسب مراقبين، استئناف الحوار مع النقابات بخصوص مطالب مختلف التنسيقيات بعد توقف يناهز السنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى