شوف تشوف

الرئيسيةتقاريروطنية

 30 هزة ارتدادية تلت زلزال الحوز ويصعب التنبؤ بحدوث الزلازل الكبرى

قال توفيق المرابط، أستاذ باحث في الجيولوجيا بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إن «أعنف هزة أرضية هي التي شهدتها منطقة الحوز، في حين أن الهزات الارتدادية لا يمكن أن تكون أكثر قوة من الهزة الأولى، على اعتبار أن الهزات الارتدادية هي تنفيس لما بقي من الطاقة التي ولدت الهزة الأساسية، وبالتالي فهي تكون أقل قوة وقد لا تصل درجات يحس بها المواطنون وإن كانت ترصد من طرف معاهد الرصد»، حسب المرابط، مشيرا، في حديث لـ«الأخبار»، إلى أن «الهزات الارتدادية للزلازل ترتبط بالهزة الرئيسية، ومدة هذه الهزات وعددها يرتبطان بقوة الزلزال الأول، حيث إن الأمر مرتبط بإفراغ الأرض لطاقة باطنية، فإن كانت الهزة الأساسية أفرغت مثلا 80 في المائة من الطاقة المسببة لها، وتبقت نسبة 20 في المائة هي التي يتم تصريفها في هزات ارتدادية تكون قوتها ضعيفة»، مبرزا أنه «تم تسجيل حوالي 30 هزة ارتدادية خلال اليومين الماضيين في المنطقة نفسها، على اعتبار أن الزلازل الارتدادية تكون دائما مرتبطة جغرافيا بمنطقة الزلزال الأساسي، ولهذا تسمى ارتدادية»، موضحا «أن هذه الزلازل ليست مستقلة»، مشيرا، بخصوص قوة الهزات الارتدادية التي تم تسجيلها بعد الهزة الرئيسية، ليلة الجمعة، إلى أنها «كانت هزة ارتدادية بلغت قوتها 5 درجات على سلم ريختر، وتبعتها هزات ارتدادية كثيرة توزعت قوتها بين درجتين وثلاث درجات وهزتين بمعدل أربع درجات».

مقالات ذات صلة

وشدد المرابط على أن «هذه الهزات الارتدادية كانت ضعيفة بالمقارنة مع الهزة الأرضية الأساسية، وهي لا تشكل خطرا حقيقا إلا بالنسبة للمباني التي تضررت كثيرا من الهزة الأولى، وهي المباني التي تكون هشة ومتصدعة، وهزة خفيفة قد تنهي ما بدأته الهزة الرئيسية»، موضحا أنه «ليست هناك وسائل ولا آليات لتحديد المباني المهددة بالانهيار في حال الهزات الارتدادية، على اعتبار أن هذا الأمر يتطلب جهودا إحصائية ميدانية ومعاينة تقنية في الميدان للمناطق المتضررة من الهزة الأولى، وهذا عمل تقوم به لجنة وطنية تضم مهندسين معماريين وتقنيين متخصصين، تقوم بفحص المباني المتضررة وتصنيفها إن كان يجب هدمها أو ترميمها فقط، وهذا عمل مضن وجبار سيتم القيام به في الأيام القادمة»، حسب المرابط، مبينا أنه «بالرجوع إلى الزلازل التي تقع في المنطقة ما بين إسبانيا والمغرب والبرتغال، نجد أن هناك زلازل تقع حاليا في منطقة الحسيمة وفي المحيط الأطلسي وفي جنوب إسبانيا ومنطقة الأكورا، غير أنها تبقى في حدود المعتاد، فهي زلازل ضعيفة وغالبا لا يحس بها الناس، وترصد فقط من طرف آلات رصد الزلازل». أما بخصوص تأثير  الهزة الأرضية بمنطقة الحوز على باقي النشاط الزلزالي في المنطقة، أشار المرابط إلى أنه «بطبيعة الحال هناك ترابط، حيث إن منطقتنا بين أكادير (جنوب الأطلس الكبير)، وإلى حدود البحر الأبيض المتوسط، هي منطقة توصف بكونها منطقة زلزالية تصرف فيها هذه الطاقة الناتجة عن تحرك الصفيحة الإفريقية في اتجاه الشمال، فنجد أنه يتم تسجيل هزات أرضية وإن كانت بقوة محدودة، لكن الأكثر نشاطا هي منطقة الحسيمة والأطلس المتوسط والأطلس الكبير، وفي مجموع هذه المنطقة تتم عملية صرف هذه الطاقة من خلال انزلاقات في الفوالق وتتبعها هذه الزلازل»، مبرزا أن «المنطقة كلها هي المعنية بالأمر، ووقوع زلزال من هذا الحجم في الجنوب، يعني أن المناطق الأخرى ستعرف نوعا من الركود، لأن تقارب الصفيحتين الإفريقية والأوروبية عملية مستمرة».

وأشار المرابط، بخصوص نشاط وزحزحة الصفيحة الإفريقية باتجاه الشمال لتقاربها مع الصفيحة الجيولوجية الأوروبية، إلى أنه «خلال العشرين عاما الأخيرة من تتبع حركة الصفيحة الإفريقية، وبعد حسابه بشكل دقيق خلال هذه الفترة من خلال شبكة لرصد المواقع (GPS) استطعنا أن نصل إلى تسجيل معدل حركة بلغ أربعة إلى سبعة ملمترات في السنة في هذا التقارب، ومعدل السرعة هذا هو الذي ينتج عنه كم هائل من الطاقة يتم تصريفها عبر زلازل في المنطقة التي ذكرت»، مبرزا أن «معدل زحزحة الصفيحة الإفريقية نحو أوروبا يبقى إلى حد ما معدلا بسيطا بالمقارنة مع حركة الصفائح في مناطق أخرى في العالم كما هو الشأن في منطقة المحيط الهادي، غرب الأمريكيتين وشرق آسيا، والذي يصل فيها المعدل إلى 5 و7 سنتمرات في السنة، وهو ما يمثل ضعف عشر مرات عن منطقتنا، ويفسر أيضا النشاط الزلزالي في تلك المنطقة التي توصف بـ«خط النار» على طول العام، حيث المعروف أن منطقة المحيط الهادي تشهد أعتى الزلازل الكبرى في العالم».

ومن جانب آخر، أشار المرابط إلى أنه «من المؤكد أن هناك وتيرة معينة للنشاط الزلزالي، غير أن المعطيات المتوفرة، بالمقارنة مع العمر الجيولوجي، تبقى قليلة جدا، ولا تشبع رغبة الباحثين في الوصول إلى نتيجة مقنعة، حيث إن المعطيات المتوفرة تغطي فقط قرنا من الزمان، وهذه المعطيات هي الدقيقة والموثقة، وإن كانت هناك معطيات تاريخية إلا أنها تبقى غير دقيقة وحبيسة المصادر التاريخية التي وردت فيها ولا يمكن اعتمادها علميا، وبالتالي فمجموع هذه المعطيات لا يمكننا من استخراج هذه الوتيرة التي تحصل فيها الزلازل الكبيرة»، مبرزا أن «هناك نظريات في هذا الباب تقول إنه كل مئة سنة تقريبا، يقع زلزال قوي في منطقة المحيط الأطلسي غرب جبل طارق، ولكنها تبقى مجرد نظريات، حيث إنه لقول إن المعدل كل مئة سنة يجب أن يتوفر لدينا 1000 سنة من المعطيات لتكون هذه النتيجة مقنعة»، مبرزا أنه «من الأهداف الأساسية التي يسعى الباحثون إلى تحقيقها هي إنجاز هذه الوتيرة التي تعود بها الزلازل الكبرى في منطقة معينة».

وبخصوص مخاطر حدوث زلازل وسط المحيط الأطلسي والتي من شأنها تهديد المغرب بموجات تسونامي، قال المرابط إنه «لحسن الحظ في ما يخص منطقة المحيط الأطلسي، أنه تتواجد سلاسل جبلية عظيمة في قعر المحيط من شماله إلى جنوبه، وهي عبارة عن سلاسل بركانية تقع فيها زلازل، غير أنها تبقى ضعيفة»، مشيرا إلى أن «الحدود بين الصفيحتين الإفريقية والأمريكية هي حدود متباعدة وبالتالي لا ينتج عنها ضغط قوي كالضغط الناتج عن تقارب الصفيحتين الإفريقية والأوروبية»، مبرزا أن «هذا السبب هو الكامن وراء عدم حدوث زلازل قوية في السلاسل الجبلية المحيطية البركانية، بل إن جزر الأشور هي منطلق الحدود الصفيحية بين الصفيحتين الإفريقية والأوروبية على مستوى المحيط الأطلسي، وهي منطقة نشيطة زلزاليا، ليس بسبب التقارب أو التباعد بين الصفيحتين وإنما حركة أخرى هي الانزلاق الأفقي للصفيحتين والذي ينتج عنه ضغط هائل يتسبب في زلازل قوية بالمنطقة، أشهرها زلزال سنة 1957 المعروف بزلزال ليسبونا، والذي وصلت قوته إلى تسع درجات، والأخطر من كل هذا أن هذه المنطقة الزلزالية يمكن أن تنتج فيها موجات التسونامي، وقد وقع هذا حيث وصلت الموجات إلى الشواطئ المغربية والأوربية ومنطقة البوغاز».

 

*أستاذ باحث في الجيولوجيا بجامعة عبد المالك السعدي

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى