شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

باكستان والصراع من أجل البقاء..

يونس جنوحي

 

نظرات كريستينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، لم تستقر على أحد من الحضور بقدر ما تفحصتهم جميعا وهي تصرح للصحافة الآسيوية، أخيرا، متحدثة عن حالة باكستان. إذ قالت إن هناك قضايا مهمة جدا يجب حلها في باكستان.

تأتي القاعدة الضريبية على رأس هذه المشاكل، وتليها كيفية مساهمة الجزء الأكثر ثراء من المجتمع -أي أثرياء البلاد- في الاقتصاد. وبعد ذلك تأتي الطريقة التي يُوجه بها الإنفاق العام في البلاد، ثم خلق بيئة اقتصادية أكثر شفافية، لتشجيع الاستثمار.

الصحف الاقتصادية المتخصصة في الشأن الآسيوي، ومنها صحف أمريكية، سلطت الضوء على ما أسمته «النقاط السوداء» في الاقتصاد الباكستاني. وجاء في بعض تقاريرها أن صندوق النقد الدولي غير واثق تماما من تقدم الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية في باكستان. وهذا ما قد يؤدي إلى عدم الموافقة على قرض جديد، هو القرض الخامس والعشرون الذي تتقدم باكستان بطلبه رسميا إلى صندوق النقد.

الخبراء الاقتصاديون ينظرون إلى وزير المالية الباكستاني الحالي على أنه رجل عديم الخبرة، ولا يخرج عن «ظل» وزير خارجية البلاد.

عندما يختلط المال بالسياسة، عادة ما تكون النتيجة مشابهة لما يقع الآن في شرق آسيا. ورغم انتشار بعض الأصوات المدافعة عن كون اقتصاد دول العالم كلها لا يخلو من آثار وتوجهات سياسية، إلا أن مسألة ملفات القروض الموضوعة لدى صندوق الدولي، تُضعف قدرة الدول على الدفاع عن نفسها ضد التقارير الاقتصادية السوداء التي يصوغها متخصصون دوليون، خلصوا جميعا إلى أن عجز باكستان الحالي على الحصول على قرض سريع وفوري من صندوق النقد الدولي لا يعكس سوى الحالة «غير المؤكدة» لاقتصادها المحلي.

سعي باكستان للحصول على خطة إنقاذ أخرى من المؤسسة المالية الدولية، يأتي في وقت يتقرب فيه برنامج صندوق النقد الدولي الحالي في البلاد، والذي تبلغ قيمته ثلاثة مليارات دولار، من الاكتمال.

في ظل ضبابية المشهد، وحسب تقارير إعلامية دولية، فإن الحكومة الباكستانية بدأت فعلا هذه الأيام مناقشات مع صندوق النقد الدولي من أجل إبرام اتفاق قرض جديد لتمويل مشروع «برنامج الإصلاح الاقتصادي». ووفق ما صرح به وزير مالية باكستان لوسائل إعلام دولية فإن بلاده سوف تطلب تفعيل برنامج تمويل مُدته ثلاث سنوات على الأقل.

تصريح الوزير فهم منه الصحافيون الدوليون المهتمون بالشأن الاقتصادي، أن باكستان فشلت في خطة الإنقاذ التي أطلقت قبل تسعة أشهر من الآن، وأن المساعي الحالية ترمي إلى الحصول على قرض جديد لإنعاش الاقتصاد، ثم البحث عن خطط إنقاذ بديلة.

لا تخفي وسائل الإعلام الدولية -الأمريكية على وجه الخصوص- عدم اتفاقها مع رؤية باكستان، خصوصا في ظل وجود شخصيات عسكرية في مؤسسات جلب الاستثمار. وهذا الأمر أثر على عملية تشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد.

يدفع الاقتصاديون دائما ضريبة قرارات وتوجهات السياسيين. ففي الوقت الذي تسعى فيه مؤسسات الاستثمار إلى استقطاب رؤوس أموال أجنبية، يرتكب السياسيون أخطاء من قبيل تأجيج المشكل الحدودي مع أفغانستان، وأوضاع حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بملف النازحين الأفغان إلى باكستان.

عندما أنهت كريستينا جورجيفا، وهي بالمناسبة سيدة بلغارية تعتبر أول مديرة قادمة إلى رئاسة صندوق النقد الدولي من دولة لا يعتبر اقتصادها مؤثرا في خريطة العالم، حديثها إلى وسائل الإعلام الدولية عقب تصريحها بخصوص القرض الباكستاني، فهم جميع من كانوا في القاعة أن هذه السيدة، التي تجر وراءها سنوات من الخبرة، حسمت مع مستشاريها وبقية الأعضاء هذا الملف، خصوصا وأنها حذرت في الأيام القليلة الماضية مما يقع من أحداث سياسية في الشرق الأوسط وآسيا، وهو ما يؤكد أنها لا تنزع أبدا نظارة السياسة حتى وهي تعد أموال القروض التي يمنحها الصندوق، هنا وهناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى