حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفنفسحة الصيف

أكيو موريتا.. مخترع غير وجه الصناعة اليابانية

أكيو موريتا Akio Morita (1999-1921) الياباني، صاحب الأفكار الرائدة والجريئة في مجال الأجهزة الإلكترونية، ومؤسس الشركة العملاقة «سوني»، رفقة صديقه مسارو إيبوكاMasaru Ibuka . ولد أكيو موريتا في أسرة غنية جدا، كان شغوفا بالعلوم الفيزيائية والرياضيات، بعد تخرجه من جامعة أوساكا، التحق بالبحرية اليابانية كضابط اتصال برتبة ملازم، أثناء الحرب العالمية الثانية، وشهد هزيمة بلاده المدوية. أثناء خدمته العسكرية التقى بصديقه وشريكه مستقبلا «مسارو إيبوكا»، حيث كانا يعملان في ورشة تصليح أجهزة الراديو. هذه الصداقة التي دامت طيلة حياتهما وأثمرت إنجازات كبيرة.

مقالات ذات صلة

 

تأسيس «Sony».. الصوت/ الشخص الحر

بعد الحرب وفي قلب الدمار والخراب الذي عاشته اليابان المنهزمة، ونهاية مجدها الإمبراطوري، قرر الصديقان إنشاء شركة صغيرة متخصصة في هندسة الاتصالات تحت اسم شركة «طوطيو لهندسة الاتصالات». وفي سنة 1958 اختار لها اسما سيصبح رمزا لنجاح الصناعة اليابانية في مجال الإلكترونيات «Sony» المشتق من الكلمة اللاتينية «Sonus»، أي الصوت، والتي تعني أيضا في اللغة اليابانية العامية الشخص الحر الذي يهوى الابتكار. هذه الشركة التي أصبحت وفي فترة قصيرة من أقوى الشركات اليابانية على المستوى العالمي، المتخصصة في إنتاج الأجهزة السمعية والبصرية، من راديو وتلفزيون وأجهزة التسجيل الصوتي، إضافة إلى الأجهزة المنزلية الأخرى، واستطاعت في فترة وجيزة أن تُزيح من السوق العالمية كبريات الشركات الأوروبية والأمريكية. كانت البداية صعبة، ويبدو النجاح مستحيلا تقريبا، بدأت الشركة برأسمال قدره 500 دولار أمريكي، مبلغ اقترضه موريتا من عائلته، ومقر الشركة عبارة عن متجر مهجور دمرت قنابل الحرب أجزاء منه، وبعشرين موظفا. كان موريتا قد رسم أهداف هذه الشركة في تصنيع منتجات إلكترونية تجعل من كلمة «صنع في اليابان» مقابلا لمعنى الجودة العالية، لتغيير الصورة الشائعة عن الصناعة اليابانية. اهتمت الشركة في البداية بإنتاج المكبرات الصوتية وأجهزة الاتصالات. اقتسم الصديقان إيكو موريتا ومسارو إيبوكا الأدوار في تسيير شركتهما الرائدة، فموريتا مهمته التمويل والتسويق والتوظيف والبحث عن الأسواق العالمية، بينما إيبوكا يشرف على إدارة هيئة المهندسين في مجال الابتكار والاختراع والبحث العلمي.

لكن أهم شيء تميز به موريتا في تسييره لشركته الجديدة، هو اهتمامه بالابتكار وتشجيع العاملين والمهندسين على تقديم الأفكار والتصاميم الجديدة، مهما كانت مجنونة أو مستحيلة والعمل على إنجازها وتسويقها بطريقة ذكية بكمية محدودة، ثم على نطاق واسع كلما تحقق لها النجاح. جذبت فكرة راديو الترانزستور اهتمام أكيو موريتا، الذي كان اختراعا أمريكيا، فسافر إلى أمريكا للتعرف عليه وسعى بكل قوة إلى شراء براءة اختراعه، في وقت لم ينتبه إليه أحد، أو لم يدرك أهميته وجدواه. تتلخص فكرة موريتا في طموحه إلى صنع أجهزة راديو صغيرة محمولة حتى في الجيوب، عملية وغير مكلفة ماديا. لتكون بذلك البداية الحقيقية لموريتا في تقديم أجهزة إلكترونية أخرى أكثر ريادة وتطورا، مما جعله في سنوات قليلة أن يكتسح السوق العالمية وأن يغير النظرة السائدة عن الصناعة اليابانية، بكونها صناعة رخيصة، لكنها بدون جودة. فعلى سبيل المثال كان ابتكار«الوولكمان»مجرد فكرة بسيطة خطرت ببال شريكه «مسارو إيبوكا» سنة 1979، حين طلب من مهندسيه أن يصنعوا له جهازا لتشغيل شرائط الكاسيت يسهل حمله أثناء سفره الطويل بالطائرة خارج اليابان. لنجاح الفكرة كان من الواجب التخلي عن وظيفة التسجيل الصوتي والاكتفاء بوظيفة تشغيل الشرائط فقط. كانت هذه الفكرة غير معقولة ومنطقية تجاريا، فدراسات السوق أثبتت أن نجاح أي منتج صوتي عبر سماعات فردية خاصة بالأذن بدل سماعات جهورية، صعب التحقق. التقط موريتا الفكرة وآمن بقوة بأن جهازا صوتيا ذا سماعات لتشغيل شرائط الكاسيت خفيف الوزن ويسهل حمله، كفيل بنجاحه. وبالفعل كان «الوولكمان» قد حطم الأرقام القياسية في المبيعات، ففي سنة 1979 سنة ابتكاره وخروجه إلى السوق حقق 250 مليون جهاز تشغيل كاسيت «الوولكمان». الطريف في الأمر أن قسم التسويق والمبيعات في أمريكا رفض بيع وتداول «الوولكمان»، لأنه اسم غير صحيح لغويا ! لكنه لم يلبث إلا قليلا حتى اكتسح السوق الأمريكية بدوره. من نجاحات موريتا وصديقه تقديم أول مسجل فيديو منزلي سنة 1965 بسعر في متناول عامة المستهلكين، ثم مسجل الفيديو الملون سنة 1966، ثم اختراع شريط فيديو جديد بأقل تكلفة وقابل للتسويق على نطاق واسع، وأخيرا نجحا في إنتاج أول كاميرا ومشغل فيديو محمول يعملان ببطارية.

 

موريتا.. اليابان الجديدة

لم يكن موريتا مبتكرا ورجل صناعة فقط، بل جسد من خلال شخصه اليابان الجديدة التي خرجت من هزيمتها أكثر قوة واستشرافا للمستقبل، فقد ألف كتبا موجهة إلى الجيل الجديد في اليابان، يحثه على البحث والابتكار وبناء وطن حر ومستقل، فمن كتبه ذات الطبيعة التربوية والبيداغوجية كتابه المثير للجدل «لا ضرورة للخلفية الأكاديمية»، انتقد فيه التصور الأكاديمي الكلاسيكي في البحث العلمي والتركيز على النتائج المدرسية ونقط التفوق والامتياز، التي تكون في الغالب غير معبرة عن المستوى الحقيقي، أو حاجزا أمام الابتكار والتجديد. فكان بذلك أحد منظري العصر الجديد للتكنولوجيات ومجتمع المعرفة، حيث العقول المبتكرة والمجددة هي رأسمال المجتمعات المتقدمة وثروتها الأساسية. إضافة إلى ذلك كان أكيو موريتا مدافعا شرسا عن استقلالية وطنه من الهيمنة الأمريكية، فكان كتابه الذي أحدث ضجة كبيرة في الأوساط السياسية «لا: كلمة تستطيع أن تقولها اليابان»، دعا فيه اليابان إلى الدفاع عن نهضتها الاقتصادية بعيدا عن أي تأثير خارجي، خاصة الأمريكي. هكذا، ظل أكيو موريتا ذلك الجندي برتبة ملازم في البحرية اليابانية، الذي عاش هزيمة اليابان المذلة، وفي الوقت نفسه معجزتها الاقتصادية.

 

نافذة:

لم يكن موريتا مبتكرا ورجل صناعة فقط بل جسد من خلال شخصه اليابان الجديدة التي خرجت من هزيمتها أكثر قوة واستشرافا للمستقبل فقد ألف كتبا موجهة إلى الجيل الجديد في اليابان يحثه على البحث والابتكار وبناء وطن حر ومستقل

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى