
هناك نوع من المغاربة يعيشون بيننا رياضتهم المفضلة هي شدان الضد، ومن شدة ولعهم بهذه الرياضة تجدهم أحيانًا شادين الضد حتى مع أنفسهم.
منذ بدأت الجائحة والدولة بجميع وسائل إعلامها ورجال سلطتها وأعوانها تنصح المواطنين بالالتزام بوضع الكمامة بشكل صحيح وباحترام التدابير الوقائية، ومع ذلك بحال إلى كاتكب الما فالرملة، بنادم مداخلش ليه هاد الموضوع فراسو أصلا، هاد الشي كامل عندو غي مؤامرة.
واليوم نسمع ونرى المندبة التي تقام أمام الكلينيكات، المرضى يشتكون من أسعارها الملتهبة واشتراطها وضع شيك بستة ملايين وعندما يغادر المريض على رجليه عليه أن يدفع المبلغ كاش لكي يسترد شيكه.
طبعًا الجميع يعرف أن عالم الكلينيكات في المغرب عالم متوحش، وهذا ليس اكتشافًا جديدًا ظهر مع كورونا بل كان الأمر دائما هكذا من زمان، فأغلب الكلينيكات تشبه المسالخ البلدية من يدخلها يتم سلخ جيوبه وإذا كان محظوظا ولم يخرج داخل صندوق خرج بجلده سالما.
الحكومة في شخص وزير الصحة تقف عاجزة أمام هذه الوحشية، آش عند الميت ما يقول قدام غسالو، فالرجل كل ما يجيده هو ترديد أن أسرة الإنعاش التي التقط صورًا تذكارية معها بصحبة وزير الصناعة والتجارة وهنأ صانعيها المغاربة لا تستجيب للمعايير الصحية المطلوبة. فيما وزير الصناعة والتجارة يقول العكس.
أما المغاربة فلا حل أمامهم سوى انتظار اللقاح لحماية أنفسهم من الفيروس القاتل، وبانتظار ذلك ما عليهم سوى الاحتياط.
ما بغيتيش تحط ستة دلمليون لكلينيك باش تدخل تعالج من كورونا دير كمامتك وغسل يديك مزيان ورد بالك فين كاتمشي ومع من كاتجمع، الكلينيكات راهم قطاع خاص يعني الناس دايرين استثمار ماشي سبيطار الحومة اللي تنعس وتعالج فيه على حساب المخزن.
وحتى موضوع اللقاح لم يسلم من فلسفة شدان الضد، فبدأنا نسمع ونقرأ في صفحات بالعالم الافتراضي تعاليق تسخر من نتائج اللقاح وتنشر صورا لكائنات غريبة تقول إن كل من أخذ اللقاح سيصبح مثلها.
دول العالم كلها تسابق الزمن من أجل الحصول على جرعات كافية لشعوبها فيما المغرب كان سباقا لضمان حصته من اللقاح قبل دول كثيرة، ومع ذلك تجد من يسفه هذا المجهود الكبير.
والمضحك في الأمر أنك تجد شخصا لا مستوى تعليمي له ولا يستطيع حتى أن يفك حرفًا في رسالة ومع ذلك يقول لك إنه لن يأخذ اللقاح لأنه يحتوي على شريحة تجسس. تا شكون هاد الحمق المسالي راسو اللي غا يتجسس عليك، وشنو هيا المعلومات الخطيرة اللي فهاداك راس الطارو اللي عندك باش العلماء يديرو مجهود باش يدخلو ليه ويتجسسو عليه.
عوض أن يحمد الإنسان الله أن بلده سيوفر له لقاحًا مجانيا سيحميه من فيروس قتال نجده يروج حكايات ليس لديه أو لدى غيره أي دليل عليها. وكأن كل هذه الدول المتقدمة التي تتسابق للحصول على اللقاح تسعى للقضاء على شعوبها ومسحها من الكرة الأرضية لحساب قوى خفية لا يراها سوى هؤلاء العباقرة الذين يملؤون شبكات التواصل الاجتماعي وينشرون جهلهم وغباءهم.
شدان الضد يظهر أيضا من خلال رفض البعض الانضباط للتدابير الوقائية سواء كانوا أفرادًا أو أصحاب شركات أو مقاه ومطاعم ووحدات إنتاج، مما يهدد الجميع بالحجر الشامل.
وهناك من يتساءل لماذا سيدفع أصحاب المقاهي والمطاعم ممن يحترمون التدابير الصحية فاتورة الإغلاق بسبب أصحاب هذه المحلات الذين يستهزئون من هذه التدابير ولا يطبقونها؟
لماذا سيدفع أصحاب الوحدات الصناعية الوطنيين ضريبة جشع بعضهم من الذين يعبثون بصحة مستخدميهم ويعتبرون أنفسهم فوق المحاسبة؟
لماذا سيدفع المواطن الجدي الذي يلتزم منذ بدء الجائحة والخروج من الحجر بوضع الكمامة وغسل الأيدي بالمعقمات والتباعد الاجتماعي حتى مع أقرب مقربيه ثمن تهور الآخرين اللي شادين الضد والذين يتحدون القانون ويخرجون على الناس بدون كمامات أو بكمامات موضوعة فوق الذقون؟
لماذا سيدفع الاقتصاد الوطني بكامله ثمن عدم انضباط البعض واستسهالهم لخطورة الفيروس رغم أنهم يرون كل يوم ضحاياه بأم أعينهم؟
أليس من الأنسب معاقبة هؤلاء الذين يعرضون حياة الناس للخطر واقتصاد البلاد للسكتة القلبية عوض اللجوء للعقاب الجماعي؟
علينا أن نكون صريحين وواضحين حد القسوة وأن نطالب بإنزال عقوبات شديدة بحق كل من لا يحترم التدابير الصحية والاحترازية التي سنتها السلطات الوصية لمنع انتشار سلاسل العدوى، وأن تكون لدينا نفس الشجاعة لكي نطالب بعدم أخذ الكل بجريرة البعض وعدم إنزال العقاب بالذين ظلوا يحترمون التدابير ويلتزمون بالقوانين.
الجميع اليوم يرى كيف يتجمهر المرضى حول بوابات المستشفيات بحثا عن الدواء، والجميع يعرف أنه إذا قدر الله وأصيب بالعدوى وتدهورت حالته فمن الممكن أن لا يجد قنينة أكسجين أو سرير إنعاش، ولذلك فالجميع عليه أن يتحمل مسؤوليته فإما الالتزام التام بالتدابير الوقائية وإما مواجهة مصير مجهول محفوف بالمخاطر ومفتوح على كل الاحتمالات.
المغاربة يعرفون خروب بلدهم، يعرفون أن المصحات الخاصة تستغل الجائحة لكي تضع أسعارا خيالية لاستقبال المصابين في غرف إنعاشها والتي تصل إلى مليونين لكل ليلة في الإنعاش، ويعرفون أنهم لا يجب أن يعولوا على وزير الصحة الذي يقف عاجزا أمام جشع أرباب المصحات ولا يستطيع أن يضمن حتى تموين الصيدليات بالفيتامين س.
لذلك فسياسة شدان الضد لن تفيد سوى في إسقاط المزيد من الضحايا كل يوم، والأنسب هو أن يتحمل كل واحد منا مسؤوليته لأن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من العبث.

