
النعمان اليعلاوي
تعيش منطقة سلا الجديدة، وتحديدا منطقة أحصين والمناطق المحيطة بها، على وقع صدمة عقارية وقضائية مدوية، بعدما تفجرت قضية عصابة يُشتبه في تورطها في ممارسة ما بات يُعرف محليا بـ”الابتزاز العقاري”، من خلال تقييدات احتياطية مشبوهة على رسوم عقارية، تحولت إلى أداة ضغط ممنهجة لانتزاع مبالغ مالية من الضحايا.
القضية، التي أطاحت لحد الساعة بأربعة أفراد جرى إيداعهم السجن بأمر من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسلا، فيما لا تزال التحريات جارية لإيقاف ثلاثة آخرين في حالة فرار، أعادت إلى الواجهة النقاش القانوني والمؤسساتي حول مسطرة التقييد الاحتياطي وما تشكله من ثغرة محتملة تفتح الباب أمام ممارسات غير نزيهة.
وحسب معطيات دقيقة توصلت بها جريدة “الأخبار”، فإن عددا من المواطنين المتضررين تقدموا بشكايات تتعلق بتفاجئهم بتقييدات احتياطية سجّلت على رسومهم العقارية، دون أن يكونوا أطرافا في أي نزاع قضائي، أو دون أن تُعرض عليهم أي مطالب رسمية أو إخطارات قانونية في الموضوع، ما حال دون إتمام عمليات بيع أو رهن أو تفويت ممتلكاتهم.
وتُظهر الوثائق أن تلك التقييدات، التي يفترض أن تكون أداة وقائية مرتبطة بنزاعات قائمة، تم اللجوء إليها من طرف عناصر العصابة كوسيلة “ضغط غير معلن”، حيث يتم عرض التراجع عن التقييد مقابل مبالغ مالية ضخمة، وصلت في بعض الحالات إلى 300 ألف درهم، تحت طائلة تهديد المالكين بشل تحركاتهم العقارية لسنوات طويلة.
وبناء على شكايات متقاطعة من الضحايا، أمرت النيابة العامة بإعادة فتح البحث في الملف الذي كان قد عرف سابقا بعض التفاعلات، وكلفت الضابطة القضائية بالمنطقة الأمنية لسلا الجديدة بتعميق التحقيقات، حيث أظهرت التحريات الأولية وجود شبكة منظمة تستغل مكاتب محامين ووسطاء لإعداد وثائق التقييد، وتسجيلها على نحو استباقي ودون سند قانوني، مستغلة مرونة النصوص وضعف التتبع المؤسساتي.
وتكمن الخطورة، بحسب مصادر الجريدة، في أن هذه الممارسات تتم في أحياء تعرف توسعا عمرانيا متسارعا، ويطغى عليها طابع التملك العرفي، مما يسهل على المتهمين التسلل عبر ثغرات قانونية، وإثارة شبهات ملكية غير مثبتة، يُبنى عليها التقييد الاحتياطي، قبل عرضه على المالكين الأصليين مقابل تسويات مالية.
وفي ظل هذه التطورات، ارتفعت أصوات من داخل هيئات المحامين، والاتحاد الوطني للموثقين، وعدد من الفاعلين العقاريين، للمطالبة بتعديل المقتضيات المنظمة للتقييد الاحتياطي المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية، وذلك من خلال فرض إلزامية الحصول على إذن قضائي مسبق في كل طلب، وإجراء تدقيق إداري وقانوني على نية صاحب الطلب، حتى لا يتحول إلى أداة للمضاربة أو الابتزاز.





