حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

البنتاغون يتحدث

مروان قبلان

تحرص إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، منذ اليوم الأول لتوليها الحكم، على إعطاء انطباع بأنها عكس إدارة سلفها، تمتلك تصورا واضحا لسياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا أنها ضمت فريقا يعد الأكثر خبرة في شؤون المنطقة خلال العقود الثلاثة الأخيرة. إلا أنها لم تنجح كثيرا في ذلك. بناء عليه، تركت هذه الإدارة لمسؤولها العسكري الأرفع بالمنطقة، الجنرال فرانك ماكنزي، مهمة شرح الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية في منطقة عملياته، ويبدو أنه نجح في ذلك. العرض الذي قدمه ماكنزي في نحو 17 دقيقة، في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، يوم الاثنين الماضي، جاء الأشمل ربما بخصوص السياسة الأمريكية بالمنطقة، لكنه بين من جهة أخرى، أن ليست هناك فروق جوهرية بين سياسات الإدارة المنصرفة والإدارة الجديدة بخصوص رؤيتهما للمصالح والتهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة بالمنطقة، على الرغم من اختلاف أدوات مقاربتها وطريقتها، لجهة تركيز الإدارة الحالية أكثر على الدبلوماسية والعمل مع الحلفاء والشركاء.
جذب كلام ماكنزي اهتماما كبيرا، نظرا إلى أهمية قائله، وموقعه في المؤسسة العسكرية الأمريكية، فالرجل هو المسؤول الأول عن واحدة من تسع قيادات مناطق عسكرية مشتركة في البنتاغون (وزارة الدفاع). وتكتسب تصريحاته قيمة إضافية، نظرا إلى أهمية المنطقة التي يشرف عليها، وهي تضم 19 دولة (إضافة إلى إسرائيل التي نقلها ترامب من القيادة الأوروبية إلى القيادة الوسطى في أيام ولايته الأخيرة)، وتمتد من كازاخستان شمالا إلى اليمن جنوبا ومن أفغانستان شرقا إلى مصر غربا. وتعد هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها نحو سبعة ملايين كلم مربع تقريبا، وتضم 550 مليون نسمة، أهم منطقة عمليات أمريكية، ليس فقط لأنها تعد الأكثر اضطرابا في العالم، بل لأن الولايات المتحدة ما زالت تخوض أطول حروبها وأكثرها تكلفة فيها (أفغانستان)، وتقود تحالفا دوليا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وتنشط في مسارح عمليات إضافية من اليمن إلى الصومال، وتشتمل على أكبر وجود عسكري أمريكي خارج الأراضي الأمريكية. وفوق ذلك كله، تحتوي على 70 في المائة من نفط العالم و55 في المائة من ثروات الغاز فيه.
حدد ماكنزي ثلاثة تحديات تواجه الولايات المتحدة بالمنطقة: أولها التنافس مع القوى الكبرى التي تحاول أن تعزز وجودها في المنطقة ومواجهة النفوذ الأمريكي، كما تفعل روسيا التي بات لها وجود عسكري شرق المتوسط لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، والصين التي تستخدم مشروع الحزام والطريق، والكوريدور الصيني – الباكستاني، غطاء لمشروع هيمنة جيوسياسي. التحدي الثاني تمثله إيران التي هاجمها ماكنزي بشدة، وقال إنها تستخدم العراق ساحة معركة ضد الولايات المتحدة، وتنشر الفوضى في سوريا واليمن وأرجاء أخرى. والتحدي الثالث يتمثل باستمرار مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي ما زال قادرا على القيام بهجمات كبيرة في سوريا والعراق.
وعلى الرغم من أن ماكنزي أشار بوضوح إلى تناقص اعتماد الولايات المتحدة على مصادر الطاقة بالمنطقة، بعدما باتت أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، إلا أن ذلك، بحسبه، لن يقلل من أهميتها بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي تعتمد مصالحها على استقرار الاقتصاد العالمي، والذي يعتمد بدوره على نفط الشرق الأوسط، وعلى إبقائه بعيدا عن سيطرة منافسيها الكبار، إذ لاحظ ماكنزي أن الصين تستورد 50 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من منطقة الشرق الأوسط، فيما تسعى روسيا إلى زيادة نفوذها على منابع النفط وخطوط إمداده بالمنطقة، باعتبار ذلك أحد مصادر القوة الروسية.
ونظرا إلى جغرافيا المنطقة، أشار ماكنزي إلى تصاعد أهمية حماية الممرات المائية فيها (مضيق هرمز، مضيق باب المندب، وقناة السويس)، خصوصا في ضوء تصاعد التحدي الإيراني وتنامي القوة البحرية للصين، ووجود قاعدتها العسكرية الوحيدة خارج البر الصيني في جيبوتي.
تفاصيل عديدة تناولها ماكنزي في عرضه، بما فيها وقف واشنطن دعمها الحرب في اليمن، مع تأكيد التزامها بأمن حلفائها، لكن اللافت قوله، على الرغم من تأكيده قدرة البنتاغون على مواجهة التحديات الكبيرة التي ذكرها، إنه كلما استخدم السياسيون الدبلوماسية أكثر، زاد ذلك من فرص نجاح العسكر في مواجهة التحديات.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى