
تشهد الجزائر منذ أسبوعين، احتجاجات واسعة بسبب رفض الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي وضع ترشحه لها أول أمس. طبعا لا يهم الدولة المغربية من سيختاره الشعب الجزائري لتدبير شؤونه والإقامة بقصر المرادية ولن تفتح شاشات الإعلام العمومي، أمام الداعمين أو المحتجين لتصفية الحسابات مع نظام بوتفليقة صانع الأزمات في العلاقات المغربية الجزائرية التي وصلت اليوم إلى أوج توترها فذلك شأنها وأهل مكة أدرى بشعابها.
لكن ما يجري في بيت الجارة الشرقية كيفما كانت مآلاته، يهمنا كثيرا ونحن أول المعنيين به شئنا أم أبينا، فالقدر الجغرافي الذي لا يمكن الفكاك منه يحكمنا مع الجزائر، وهو قدر لا يمكن لأحد أن يتحكم به لا تاريخيا ولا جغرافيا ولا أن يغير ديكتاتورية الجوار الجغرافي. ومن هنا فإن تعاملنا مع الداخل الجزائري هو تعامل يحضر فيه المصير المشترك، والانتباه إلى أن أي ضرر أو فوضى ستسقط فيها الجارة ستلحق ببلدنا الأذى، وبالتالي لن نكون في منأى عن تبعات ما يجري داخل الشارع الجزائري لاختيار مرشح قصر المرادية سواء بالاحتجاج أو الانتخاب.
لذلك فالمنطق الأمني والديبلوماسي يفرض على الدولة المغربية الاستعداد الكامل للتعامل مع كل السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تفرزها صناديق الانتخابات الرئاسية أو ما ستقرره حناجير المحتجين بالشوارع. لكن مهما تكن نتائج المخاض الصعب الذي تعيشه الجزائر، فمن مصلحة المغرب ألا تنهار الأوضاع في بيت الجارة وألا ينجر مواطنوها إلى العنف السياسي كما حدث في ليبيا وسوريا اللذين تحولا إلى خراب يهدد أمن محيطهما الجغرافي.
صحيح أن الأوضاع الأمنية في الحدود المغربية مستقرة وتحت السيطرة، لكن التهديدات التي يمكن أن نواجهها بعدم الاستقرار في الجزائر تبقى قائمة، فبلدنا بحكم موقعه الجغرافي ليس معزولاً عن محيطه الهش في ليبيا وجنوب الصحراء، وما زال هدفاً استراتيجيا للتنظيمات الإرهابية ومنظمات الاتجار في البشر. ولذلك من شأن المس باستقرار والأمن بالجزائر أن يكلفنا فاتورة أمنية غالية، خصوصا إذا توهمنا أن فشل الدولة في الجزائر سيبقى داخل حدود الجارة. فهذا النوع من التقدير يحمل في طياته عواقب وخيمة ناتجة عن جهل البعض بفكرة الترابط في الأمن الإقليمي، الذي يبقى عرضة لما ستسفر عنه لعبة أحجار الدومينو الواقفة، فإن سقوط أول حجر منها يؤدى إلى سقوط الأحجار، أو على الأقل يطلق سلسلة طويلة من التفاعلات السياسية والأمنية نحن في غنى عنها.




