
النعمان اليعلاوي
حرّكت فوضى أسواق السيارات المستعملة مقترح قانون يرمي إلى تتميم المواد 66 و67 و68 من القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق. وأوضحت المذكرة التقديمية للمقترح أن سوق السيارات المستعملة يعرف رواجًا تجاريًا كبيرًا وطلبًا متزايدًا، رغم افتقاره إلى التنظيم والهيكلة اللازمتين. وأشارت المذكرة إلى أن عملية البيع والشراء الحالية تقتصر على عرض العربة بمركز الفحص التقني الذي يضمن سلامتها الميكانيكية والتقنية والقانونية، إذ يتحمل هذا المركز مسؤولية التأكد من مطابقة العربة لمعايير السلامة المفروضة، عبر فحص ما يزيد عن 40 في المائة من أجزائها والتحقق من مدى صلاحيتها للسير في الطريق العمومية.
وفي هذا السياق، حذّر فريق التقدّم والاشتراكية، صاحب المقترح، من ظواهر مقلقة باتت تنخر سوق السيارات المستعملة، على رأسها التلاعب بعدادات المسافة وطمس البيانات المرتبطة بالحوادث السابقة. واعتبر الفريق أن هذه الممارسات تفرغ عملية الفحص التقني من مضمونها، وتفتح الباب أمام خداع المشترين وتعريضهم لمخاطر جسيمة عند اقتناء سيارات قد تكون تعرضت لأضرار كبيرة أو أصبحت متهالكة، مشيرا إلى أن غياب التنسيق بين شركات التأمين ومراكز الفحص يعمق هذه الإشكالية، ما يسهّل عمليات النصب والاحتيال في غياب آليات رقابية ناجعة.
ولتدارك هذه الثغرات، يقترح النواب إحداث نظام وطني موحد لتوثيق وتتبع الوضعية التقنية والقانونية للعربات المستعملة. وينص المقترح على إخضاع المركبات للمراقبة التقنية بشكل دوري، إضافة إلى إلزامية إخضاعها لهذا الفحص عند كل عملية بيع أو تحويل ملكية أو بعد تعرضها لأي حادث سير مشمول بالتأمين. فضلا عن ذلك يقضي المقترح القانوني بضرورة تضمين وثائق الفحص التقني جميع البيانات الدقيقة، بما في ذلك عدد الكيلومترات الحقيقي، والحوادث السابقة والإصلاحات التي خضعت لها العربة. ولتعزيز الشفافية، دعا المقترح إلى رقمنة هذه المعطيات وربطها بقاعدة بيانات وطنية تُبنى على البطائق الرمادية أو أرقام الهياكل (VIN)، مع فرض عقوبات صارمة على كل من يثبت تورطه في التلاعب بهذه البيانات.
وبموجب المادة 67 من القانون، حدّد المقترح أن المراقبة التقنية تهدف إلى التأكد من مطابقة المركبة للتشخيص المحدد قانونًا، والتحقق من سلامتها الميكانيكية والتقنية وعدم خضوعها لتحويلات أو تغييرات قد تؤثر على خصائصها التقنية أو طريقة استعمالها، أما بالنسبة للمركبات المخصّصة للنقل الجماعي، فشدد المقترح على ضرورة الالتزام بالأحكام الخاصة الصادرة عن الإدارة لضمان سلامة وراحة الركاب.
وفي ما يتعلق بالمادة 68، ألزم المقترح بضرورة تسليم وثيقة رسمية تثبت إجراء المراقبة التقنية، تتضمن جميع العناصر التقنية والبيانات المسجلة، بما في ذلك عداد الكيلومترات، والحوادث المسجّلة والإصلاحات المشمولة بالتأمين، مع إلزامية وجود هذه الوثيقة داخل المركبة أثناء سيرها على الطريق العمومية، علما أن هذه التعديلات ستساهم في ضبط سوق السيارات المستعملة، وحماية المستهلكين من عمليات الغش والتضليل، كما ستعزز السلامة الطرقية من خلال تقليص الحوادث الناجمة عن العربات غير الصالحة للسير.
وتأتي هذه المبادرة في سياق رؤية متكاملة لتحديث مدونة السير وضمان تكاملها مع باقي السياسات الوطنية الرامية إلى تطوير قطاع النقل وحماية المواطنين.





