حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرفسحة الصيف

 تلك الاختراعات التي نحيا بها…. نيكولا تسلا عبقري صنع المستقبل

شهد تاريخ الاختراعات والابتكارات العلمية قصصا طريفة ومذهلة. قصص سجلت لنا تاريخ رجال ونساء اقتحموا مجال المجهول، مكتشفين ومغامرين أحيانا، سنَدُهم الإيمان الشديد بأفكارهم الجريئة وعزمهم القوي على تحقيقها، مهما كلفهم الأمر من تضحيات جسام وصراعات قوية في مواجهة ذواتهم وعصرهم. هذه الاختراعات التي نحيا بها اليوم وتكاد أن نألفها وأن نعتبرها أنها كانت دائما موجودة بيننا منذ أن كان الإنسان. قد يكون من الوفاء أن نعود إلى أصحابها وإلى هذه الاختراعات، التي ما زلنا نحيا بها اليوم.

 

 نيكولا تسلا.. عبقري صنع المستقبل

 (1)

 

نيكولا تسلا (1856-1943) Nikola Tesla، عالم ذو أصل صربي، ولد ودرس في النمسا. أظهر منذ طفولته ميلا إلى دراسة العلوم وتفوقا غريبا، حيث كان سريع التعلم، فكان على سبيل المثال قادرا على إجراء حسابات التفاضل والتكامل، انطلاقا من ذهنه وبسرعة كبيرة، هذا الأمر جعل مدرسيه يتهمونه في الغالب بالغش والتحايل، لكن ذلك لم يلبث إلا قليلا، حتى اقتنع الجميع بأن نيكولا تسلا ظاهرة قلّ ما يجود الزمان بها. كانت لديه في البداية الرغبة في دراسة الفيزياء والرياضيات، لكنه بدل رأيه فاختار أن يدرس الكهرباء.

عمل بعد تخرجه مهندس كهرباء في شركة الهاتف في بودابست، ليلتحق بشركة «إديسون كونتنينتال» في باريس، وبعدها بفريق عمل المخترع الأمريكي المشهور توماس إديسون، في نيويورك. هنا سيدب الخلاف بينهما وسيحكم علاقتهما دائما الصراع الحاد، فقد كان يشعر توماس إديسون تجاه نيكولا تسلا بالغيرة والحقد أحيانا، لما أبان عنه من عبقرية وسرعة هائلة في التفكير والإنجاز، وسرعان ما انفصلا، بسبب تمسك توماس إديسون بفكرة التيار المستمر في مجال الكهرباء، بينما دافع نيكولا تسلا عن فكرة التيار المتردد التي انتصرت في النهاية، بعد أن أضاء المعرض العالمي بشيكاغو مستخدما التيار المتردد، فنجح العبقري تسلا وانهزم إديسون. لكن التاريخ لم ينصف تسلا ولم يذكر فضله في إضاءة العالم بالكهرباء، وتحدث أكثر عن توماس إديسون.

تواصلت الحرب بينهما، عندما قررت لجنة نوبل منحهما الجائزة مناصفة، فقبل توماس إديسون ورفض نيكولا تسلا رفضا قاطعا المشاركة، فصرفت اللجنة النظر عنهما، وقررت منحها للعالم والمهندس والفيزيائي السويدي غوستاف دالين. كثيرة هي اختراعات نيكولا تسلا، فضلا عن تيار الكهرباء المتردد الذي سمح بإضاءة المدن والمنشآت الكبرى، فهو صاحب المحرك الكهربائي الحديث، وتعد أبحاثه رائدة في مجال تكنولوجيا اللايزر والاتصالات اللاسلكية والرادار…

 

«الزواج مضيعة للوقت»

كان تيسلا غريب الأطوار، فعاش طيلة حياته في غرف في الفنادق، ورفض فكرة الزواج، لأنه بالنسبة إليه مضيعة لوقته الثمين، وسيشغل عقله عن اختراعاته وأبحاثه، لذلك حرصا على الوقت كان لا ينام سوى ساعتين في الليل، ويوزع نومه على حصص من القيلولة على مدار اليوم. رغم ذلك كان يتميز بخفة ظل وبحس عال من الفكاهة والدعابة، فقد كان على سبيل المثال يسخر من توماس إديسون، ناعتا إياه بأنه مجرد مجتهد يكمن سر نجاحه في الصبر على العمل المتواصل، بينما هو تأتيه الفكرة في لمح البصر ولا يحتاج إلى طول صبر. كانت هوايته المفضلة والوحيدة حب الطيور، وخاصة الحمام، فكثيرا ما شوهد في الساحات يلاعب طيور الحمام ويكلمها، كما لو كانت كائنات ناطقة.

ظل نيكولا تسلا زاهدا في المال والاستفادة المادية من اختراعاته، يعيش للعلم ومن أجله، وتوفي وعمره ستة وثمانون عاما، وحيدا وفقيرا تماما تتجاهله الأوساط العلمية والإعلامية، فقامت الولايات المتحدة بعد وفاته بالاستيلاء على جميع وثائقه وأبحاثه واختراعاته التي لم تر النور بعد، ولم يستطع ورثته في صربيا الإفراج، عنها إلا بعد محاكمات ماراثونية دامت سنين طويلة.

كان لنيكولا تسلا وجه آخر، بغض النظر عن حياته الخاصة والغريبة التي كانت سمتها العزوف عن المنافع المادية وانصرافه كليا إلى أبحاثه وشغفه الكبير بالاختراع والبحث العلمي، هذا الوجه يتجلى في آرائه العجيبة التي عبر عنها في الكثير من تصريحاته الصحفية، مثل رفضه بشكل قاطع للنظرية النسبية لألبرت أينشتاين، ووصفها بالنظرية الزائفة التي قال عنها: «إن عمل النسبية لأينشتاين هو نسق رياضي رائع يسحر الناس ويبهرهم، ولكنه يجعلهم يعمون عن الأخطاء الكامنة فيها، النظرية النسبية مثل متسول يرتدي اللون الأرجواني فيعطيه الجهلاء مكانة ملك».

كان نيكولا تسلا إضافة إلى ذلك لا يعتقد بتاتا أن من الممكن للذرة أن تنقسم، وأنها بحسبه فكرة خادعة: «فكرة الطاقة الذرية خادعة، لكنها استحوذت على الأذهان بقوة، لدرجة أنها رغم أنني كنت أعارضها لمدة 25 عاما، لا يزال هناك البعض ممن يعتقدون أنها قابلة للتحقيق».

ورغم أن التجارب العلمية قد أثبتت إمكانية الانشطار النووي، فقد واصل نيكولا تسلا الاعتقاد باستحالة حدوثه، ولم يتسن له أن يشهد حدوث ذلك، في أول تفجير نووي بواسطة قنبلة نووية في الحرب العالمية الثانية، فقد مات تسلا قبل ذلك بعامين.

 

موقف غريب من الرياضيات

إن التناقض في مواقف تسلا وآرائه واختراعاته المبهرة، ينبع بالأساس من إخلاصه لوظيفته كمخترع بالدرجة الأولى، ولم يكن في يوم الأيام ومن خلال مساره العلمي مهتما بالعلوم النظرية، والتي لم تكن تحتل لديه نفس أهمية الاختراع في جانبه العملي، يظهر ذلك بالخصوص في موقفه الغريب من الرياضيات، والتي لا يمكن أن تكون بديلة عن التجارب: «لقد استبدل علماء اليوم الرياضيات بالتجارب، وهم يتجولون من معادلة إلى معادلة، وفي النهاية يبنون أشياء لا علاقة لها بالواقع».

أما غريمه الأمريكي توماس إديسون الذي لا ينكر أحد عبقريته واختراعاته الكثيرة، فقد كان شخصا آخر يختلف تماما عن نيكولا تسلا، تميز بقدرته التنظيمية والجمع بين أبحاثه العلمية وإدارة شركته العملاقة، التي تدر عليه أموالا طائلة «إديسون كونتينتال»، مع فريق عمل من المهندسين والعلماء يعملون من أجل تطوير اختراعاته، ووضع تصاميم لإنجازها. لهذا نسي الناس نيكولا تسلا ولم ينصفه العالم، كما طمر النسيان تماما الحرب الضروس التي شبت بينهما. لكن سيبقى نيكولا تسلا، رغم كل تناقضاته وغرابة أطواره، ليس ذلك المخترع الذي أضاء العالم، ولكنه أيضا العبقري الذي صنع المستقبل.

 

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى