حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسري للغاية

حين كان المُراكشيون يلقبون الباشا الكلاوي بـ«النمر الأسود»

يونس جنوحي
بعد حوالي أربع ساعات، نهضنا استعدادا للانصراف، إذ إن الاحتفالات ستستمر حتى صباح اليوم الموالي.
فوّتت النساء المُتعة كلها، كان بإمكانهن فقط متابعة الحفل من فوق أسطح المنازل البعيدة. احتشدت الطبول لتقرع توديعا لنا. وفي القرية البعيدة كانت هناك فتاة تستعد لأهم رحلة في حياتها. ربما، بالرغم من النميمة الاستباقية المُخيفة التي تسمعها من النساء الحاضرات، إلا أنها كانت، بطريقة ما، أفضل استعدادا مما كان عليه زوجها، لـ«محنة» اللقاء. الحجاب كان نوعا من أنواع الحيلة، إذ إنه قادر على إخفاء جمال فتاة ما، بنجاح، لكنه يترك عينيها تظهران بحرية. وهكذا، في الوقت الذي يمكن فيه للرجل أن يكوّن فكرة ضبابية فقط عن ملامحها، تحظى هي بنظرة جيدة عنه.

الفصل التاسع
الگلاوي

لقبه الكامل هو «معالي الحاج التهامي الكَلاوي، باشا مراكش»، لكنه عادة ما يُنادى: «الگلاوي». ولديه لقب غير رسمي، إذ غالبا ما كان يُطلق عليه لقب: «سلطان الجنوب». وطريقة أكثر «عامية»، كان يُطلق عليه لقب «النمر الأسود».
سلطته واسعة. وباعتباره باشا مراكش، فإنه هو السلطة التشريعية والتنفيذية في المدينة. إلا أنه رغم كل هذا، يخضع لنصائح وتوجيهات الفرنسيين. النظام يقتضي أن الباشاوات أو القياد يبتون في جميع القضايا التي تخص المغاربة فقط، ويحافظون على الشؤون الدينية التي يبت فيها القضاة، والتي تتضمن شؤونا مثل قضايا النزاعات حول المِلكية أو الزواج.
يقوم الباشاوات بتعيين الخلفاء لكي يمارسوا أي فرع من فروع عملهم، ويكون هناك موظف مدني فرنسي رهن إشارتهم لكي يرعى عدالة ممارستهم لدورهم.
في ما يخص العدالة الجنائية، فإن الباشاوات والقياد يبتون في القضايا البسيطة، بما فيها تلك التي تصدر بشأنها أحكام تصل إلى سنتين سجنا. أما العقوبات الأكثر جسامة، فإنها تُرسل إلى المحكمة الشريفية في الرباط.
إذا كان هناك أوروبيون متورطون في قضية ما، فإن المُحاكمة تكون أمام محكمة فرنسية، بحضور محام وهيئة مُحلفين.
الأشخاص المتورطون يختارون إما أن يُعرضوا على هيئة كل أعضائها فرنسيون، أو أن يُعرضوا على هيئة مختلطة مكونة من فرنسيين ومغاربة. وغالبا ما يختارون الخيار الأول. قانون العقوبات جيد بشكل يفوق التوقعات. تم إنشاؤه من قِبل سلطة قضائية وحيدة ونزيهة، لم تتماد في تقديم التنازلات والتأرجح بين المصالح السياسية والمالية المتعارضة.
ومع ذلك، فإن القانون الفرنسي، حتى الآن، لا ينطبق على القضايا المغربية البحتة. عندما تولى الفرنسيون الحكم في سنة 1912، فإن حسدهم الأولي قادهم إلى العمل على إلغاء العادات الإقطاعية القديمة واستبدالها بنظام قضائي حديث. لكن بدا واضحا أن تغييرات من هذا النوع ستُقابل بمقاومة عنيفة في المغرب. توقع الماريشال ليوطي أنه إذا تم إلغاء سلطة باشا مراكش، فإن فرنسا ستكون في حاجة إلى أن تنقسم إلى قسمين للحفاظ على النظام في هذه المنطقة وحدها. وهكذا تم الحفاظ على النظام القديم، مع بعض التأثيرات الإصلاحية. ومع ذلك لا تزال هناك احتمالات كثيرة للتعرض لسوء المعاملة، قائمة.
باشا مدينة ما لديه فرص كثيرة للقيام بإجراءات تحكيمية مستبدة، كما لديه امتيازات مالية. هناك نظام «هدايا» في المغرب، وهو، بطريقة ما، مُرض جدا.
إذا أرسل لك رجل ما رسالة، حتى لو كانت دعوة للعشاء، فإنه سيُرفقها بهدية. ربما تكون الهدية ورودا أو مجوهرات. الإساءة والمضايقات الناجمة عن هذه العادة في دوائر رجال القانون ظاهرة وواضحة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى