حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقارير

غياب الطرف المدني في ملف تبديد المال العام بخريبكة

عثمون وثمانية متهمين أمام محكمة الاستئناف منذ دجنبر 2023

مصطفى عفيف

بعد مرور ما يقارب السنتين على إدراج الملف أمام غرفة الجنايات الاستئنافية الجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، لا يزال ما بات يُعرف بملف جماعة خريبكة يراوح مكانه في أروقة العدالة، دون أن تُحسم فصوله، رغم خطورة التهم الموجهة فيه، والتي تتعلق أساسا بـتبديد أموال عمومية، وتزوير وثائق رسمية، واستغلال النفوذ.

الملف الذي يتابع فيه تسعة مسؤولين ومنتخبين سابقين، يتصدرهم المهدي عثمون، البرلماني السابق والرئيس الأسبق لجماعة خريبكة، عرف منذ انطلاقه أمام القضاء الاستئنافي في 4 دجنبر 2023 سلسلة طويلة من الجلسات المؤجلة، لأسباب متعددة تراوحت بين غياب المتهمين، وتقديم طلبات التأجيل من طرف الدفاع، فضلا عن غياب التفاعل الجاد من بعض الأطراف.

وتُعقد آمال واسعة على الجلسة المقبلة التي حُدد لها تاريخ 10 شتنبر 2025، للخروج من حالة الجمود التي تعرفها القضية، والتي باتت تُقلق الرأي العام المحلي، بالنظر إلى طبيعتها وحجم الأموال العمومية المعنية بها.

وكانت الغرفة الابتدائية المتخصصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قد أصدرت، أول أمس الخميس، حكما بالحبس لمدة ثلاث سنوات نافذة وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم في حق المستشار البرلماني والقيادي بحزب الحركة الشعبية، المهدي عثمون، الذي يتابع رفقة تسعة متهمين آخرين من أجل ارتكابهم جناية تبديد واختلاس أموال عمومية.

وحكمت المحكمة على المتهمين «ج.د» و«ع.ن» بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، وعلى ثلاثة متهمين «ح.ب»، «م.ع» و«ج.ز» بسنة واحدة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم، كما أدانت المحكمة متهمين آخرين وهما «م.ل» و«م.ل» بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم، وحكمت على المتهم العاشر «ب.م» غيابيا بسنة حبسا نافذا.

وجاء تحريك المتابعة في حق عثمون، إثر الأبحاث التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتعليمات من الوكيل العام للملك، وذلك بناء على التقرير الصادر عن المجلس الجهوي للحسابات حول تدبير جماعة خريبكة، حيث قرر عبد اللطيف رصيان، قاضي التحقيق، متابعة عثمون رفقة باقي المتهمين التسعة في حالة سراح، ويتعلق الأمر بتقنيين بالجماعة ومقاولين وموظفين.

وأكدت مجريات الملف أن المتهم كان يشغل منصب رئيس جماعة خريبكة، خلال فترة ارتكاب الأفعال المنسوبة إليه، ما يجعله يكتسب صفة الموظف العمومي، كما أن أموال الجماعة التي يسهر على تدبيرها بمقتضى وظيفته بوصفه آمرا بالصرف تعتبر أموالا عمومية، وحيث إنه ثبت من خلال إجراءات البحث والتحقيق وجود عدة أدلة على ارتكاب المتهم عند ممارسته لمهامه عدة اختلالات وتجاوزات في إطار التدبير المالي والتسيير الإداري للجماعة.

وحسب تقرير المجلس الجهوي للحسابات، فإن المسمى «ك.ع»، وهو عضو بالمجلس الجماعي خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 2003 إلى غاية سنة 2009، تمكن من نيل عدة سندات للطلب بقيمة 536.730,00 درهما بواسطة شركة في ملكيته، كما أن شقيقه المسمى «ن.ع» قام ببناء ثلاثة محلات تجارية دون إنجاز تصميم والحصول على رخصة من المصالح البلدية، وبالتالي أداء الواجبات المستحقة للجماعة عن ذلك.

وأورد التقرير أن الصفقة عدد 2005/06 المتعلقة بوضع الأعمدة والأسلاك الكهربائية، والتي قيمتها 898.650,00 درهما، عرفت تبديدا لأموال عمومية من خلال أداء مقابل أشغال غير منجزة من قبل المقاولة المتعاقد معها، وما يعزز ذلك أنه لم يكن هناك منافس لهذه الشركة لنيل الصفقة المذكورة. وصرح «ع.ك»، وهو مهندس سابق ببلدية خريبكة، أنه في غضون سنة 2002 وقعت فيضانات ببعض أحياء مدينة خريبكة ترتب عليها اختناق مجموعة من قنوات الصرف الصحي بمجموعة من الأحياء، ما جعل رئيس المجلس البلدي آنذاك يطلب من مقاولة التدخل العاجل لإنجاز الأشغال لحل المشكل المذكور، وبالفعل تدخلت المقاولة دون أن يتم ذلك بطريقة قانونية، وبعد فوز الشركة بالصفقة 2003/1، طالبت بتأدية مستحقاتها عن الأشغال التي قامت بها في سنة 2002، وهو الأمر الذي لم ينكره المتهم، ما يدل على أن أشغال الصفقة كانت وهمية، وكانت موجهة لتنالها الشركة المعنية بدون منافسة، ما اعتبره التقرير تبديدا واختلاسا لأموال عمومية.

وبخصوص الصفقة عدد 2005/44، المتعلقة بأشغال تهيئة المناطق الخضراء، أظهرت المعاينة الميدانية في ما يخص وحدة الأثمان رقم 3 المتعلقة بتزويد ووضع بعض التجهيزات، أن العديد منها مكسر، رغم أنه لم يتم تسلمه بعد، كما تمت ملاحظة رداءة في جودتها، وبالتالي لم يتم احترام المقتضيات القانونية المنظمة لإبرام الصفقات العمومية، كما ورد في التقرير أن الثمن المعتمد لبناء بوابة الحديقة المحدد في 15000.00 درهم مبالغ فيه بالنظر إلى جودة الباب الذي تمت معاينته، في الوقت الذي لم يدل فيه المتهم بما يثبت خلاف ذلك.

وبالنسبة إلى الأشغال المنجزة بمقر باشوية خريبكة، والأشغال المنجزة ببناية المقاطعة الحضرية الأولى، فقد سبق للمقاولة أن حصلت من الجماعة على مبلغ 178.752,00 درهما بواسطة الأمر بالصرف رقم 2971، بتاريخ 19 يونيو 2003، وتم أداء هذه النفقات كمقابل للصفقة رقم 20/M/2003 المتعلقة بصيانة المباني الإدارية، وهي أشغال لا وجود لها على أرض الواقع، بل تم خلق الوثائق المتعلقة بها، للتمكن من إنجاز الأشغال المذكورة لفائدة السلطة المحلية، وهو الأمر الذي أكده المتهم كونه فعلا تم إنجاز أشغال مستودع الأسلحة بثكنة التدخل السريع للأمن الوطني، وأشغال سور ثكنة التدخل السريع للأمن الوطني بخريبكة، في إطار الصفقة 22/M/2003  ، دون أن يكون منصوصا على ذلك ضمن أشغال الصفقة، وذلك بدعوى تعليمات شفوية من عامل الإقليم، وتحت إشراف اللجنة التقنية لتتبع الأشغال، وأنه تم تحرير محضر الاجتماع لهذه الغاية الموقع عليه من طرف لجنة تتبع الأشغال ومن طرف المعني بالأمر.

المثير في هذا الملف، والذي لم يلفت انتباه المتتبعين، هو غياب بلدية خريبكة -الطرف المفترض تضرره من التبديد- عن الدعوى المدنية التابعة، حيث لم تتقدم بأي مطالب مدنية، ولم تُنصّب نفسها كطرف مدني في الملف، مما طرح علامات استفهام عديدة حول أسباب هذا الصمت، وهل يتعلق الأمر بتقاعس إداري، أم بضغط سياسي؟

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى