حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

قراصنة المال العام

في وقت تجتهد فيه الدولة لتنزيل التعليمات الملكية السامية لتحقيق شعار العدالة الاجتماعية وتعميم التغطية الصحية، تطفو على السطح فضائح خطيرة مرتبطة بقرصنة المال العام الموجه لدعم الفئات الهشة، ونهب صناديق الدعم الصحي بواسطة القانون، تحت غطاء العمل الإحساني التطوعي ودعم الفئات الفقيرة، والمساهمة في تخفيف الاكتظاظ بالمؤسسات الاستشفائية العمومية، والاختباء خلف العمل الخيري الذي هو براء من اللوبيات المقرصنة للدعم الاجتماعي.

فبدل أن تساهم بعض المصحات الخاصة في تجويد العرض الصحي، وتتحمل مسؤوليتها بالمساهمة في تخفيف الاحتقان والعبء الاجتماعي عن الدولة، وحسن استغلال الموارد لتجويد الخدمات وتوفير العلاج، تقوم بالتنسيق مع لوبيات تختفي تحت ثوب جمعيات خيرية، وتقوم باعتراض الميزانيات المخصصة لورش التغطية الصحية الحيوي، كي تستنزف الميزانية المخصصة لدعم الفئات الفقيرة والهشة وسط تواطؤات خطيرة، تنفذها شبكات متغلغلة داخل الإدارة العمومية وخارجها.

ورغم صدور تقارير حقوقية ونقابية وصحافية وأخرى عن مؤسسات رقابية رسمية، تثبت وجود اختلالات جسيمة وخرق لقواعد الشفافية، وقرصنة الملايير من المال العام الموجه لدعم الفئات الهشة والفقيرة، إلا أن المحاسبة غالبا ما تغرق في مطاردة الساحرات، واحترافية اللوبيات في (نحر القانون)، والخروج من الورطة باستغلال ثغراته والانسلال كما يتم سل الشعرة من العجين.

إن ما يحدث اليوم من انتشار «الفراقشية» في مجالات الدعم الاجتماعي، والتحايل لتحقيق ثروات ضخمة على حساب المجهودات الجبارة للدولة، يمس بجوهر الثقة في مشاريع الإصلاح الكبرى، ويجعل المتتبع يتساءل حول جدوى الشعارات التي ترفعها الأحزاب السياسية في ظل تعثر المحاسبة، إذ كيف يمكن الحديث عن دولة اجتماعية وصناديق الدعم الاجتماعي تعاني من ثقوب الفئران، التي تعرف كيف تنهب بواسطة القانون.

ثم هل يعقل أن يتم تكليف جمعيات خيرية بشحن المرضى من مناطق قروية نائية داخل حافلات في اتجاه المصحات الخاصة لإجراء عمليات جراحية يتم تعويضها بنسبة مائة بالمائة على حساب الدولة، ويتم ذلك تحت غطاء الإحسان ومساعدة الدولة في حل الملفات الاجتماعية وحفظ السلم الاجتماعي، بينما الحقيقة المرة هي إقصاء كل من لا يتوفر على التغطية الصحية، أو تلك التي لا تغطي كافة المصاريف، والعين على استنزاف الصناديق المخصصة للدعم وجني الملايير بمجهودات بسيطة وشبهات النفخ في الفواتير.

لا بد من محاسبة قراصنة المال العام في قطاع الصحة وغيره من القطاعات الحساسة، لأن السكوت عنهم هو طعنة في ظهر الإصلاح الاجتماعي، وخيانة لحق الفئات الهشة والفقيرة في العلاج وفق الجودة المطلوبة، وتحقيق هدف التخفيف عنهم في المصاريف الضرورية وضمان العيش الكريم.

إن مصيبة هؤلاء «الفراقشية» الذين يستهدفون صناديق الدعم الاجتماعي وتمويلها من قبل الحكومة بسخاء، تنزيلا للتعليمات الملكية السامية، هو اختباؤهم خلف القانون واحترافيتهم في عدم ترك أي دليل واضح على جرائمهم، لكن هذا لا يمنع من الاستعانة بالتقارير الاستخباراتية والاتفاقيات المبرمة بين الأجهزة الأمنية ورئاسة النيابة العامة لمحاربة فيروس الفساد الذي يعيق التنمية.

إن المغرب مثل شخص لا ينقصه خير ولديه كل مقومات النهوض والتقدم، ويتوفر على الأجواء المناسبة والاستراتيجيات الواضحة للتنمية ومعالجة الملفات الاجتماعية، لكن أزمته أزمة حكامة وغياب الضمير، وتغلغل لوبيات وقراصنة و«فراقشية» يحترفون اعتراض الدعم الاجتماعي، لينتهي ببطونهم المنتفخة من السحت والنصب والاحتيال وتحقيق الثروة على حساب جراح المستضعفين، وهؤلاء يجب فضحهم أمام المغاربة ومعاقبتهم بالقانون، لأنهم يهددون السلم الاجتماعي ويكرسون للظلم والغبن وتمريغ كرامة المواطنين من الفئات الهشة والفقيرة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى