حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسياسية

قضية سيردان تهز الحزب الاشتراكي الإسباني وتُهدد حكومة سانشيز

تحقيقات دولية تكشف شبكة تحويل أموال مشبوهة بمشاركة مسؤولين بارزين

تتعمق بإسبانيا اليوم واحدة من أكبر فضائح الفساد السياسي والمالي، والتي هزّت صفوف الحزب الاشتراكي الحاكم، حيث تورط مسؤولون بارزون، بينهم وزير النقل السابق والسكرتير التنظيمي، في شبكة تحويل أموال مشبوهة تمتد عبر عدة دول، من بينها المغرب. في الوقت نفسه، يواجه رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أزمات متتالية، بين انتقادات لإدارته لكوارث طبيعية، وفضائح داخل حزبه، ومطالب شعبية متزايدة بإجراء انتخابات مبكرة، مما يضع مستقبل حكومته على المحك.

 

إعداد: سهيلة التاور

 

 

اعتقلت السلطات الإسبانية، خلال الأسبوع الماضي، المسؤول السابق البارز بالحزب الاشتراكي، سانتوس سيردان، في قضية فساد تُمثل ضربة جديدة لرئيس الوزراء اليساري بيدرو سانشيز.

وأفادت مصادر قضائية بأن قاضيا في المحكمة العليا أمر باعتقال سيردان، الذي استقال من منصبه كثالث مسؤول في الحزب الاشتراكي الحاكم، وعضو في البرلمان.

وأضافت المصادر أنه محتجز بتهم فساد وغسل أموال والانتماء إلى عصابة إجرامية، بعدما رفض القاضي الإفراج عنه بكفالة، مشيرا إلى مخاوف من محاولته الفرار أو إتلاف أو إخفاء الأدلة.

ويُجري القاضي ليوبولدو بوينتي تحقيقا في مزاعم ضد سيردان، ووزير النقل السابق خوسيه لويس أبالوس، ومساعده كولدو غارسيا، بتلقيهم رشاوى مقابل منحهم عقود أشغال عامة.

وينفي سيردان هذه المزاعم، قائلا إنه ضحية مؤامرة سياسية. ويؤكد كل من أبالوس وغارسيا براءتهما.

وتستند القضية إلى تسجيلات صوتية تمتد لسنوات، صودرت من منزل غارسيا، وقال عنها بونتي إنها تبدو أصلية، على الرغم من ادعاء المتهمين التلاعب بأصواتهم. وقال القاضي إنه يبدو أن سيردان هو الزعيم.

وتُعدّ قضية سيردان الأحدث والأخطر في سلسلة من الفضائح التي دفعت سانشيز إلى الاعتذار، مع رفض دعوات من خصومه لإجراء انتخابات مبكرة.

وسعى سانشيز إلى النأي بنفسه وبالحزب الاشتراكي عن الفضيحة، التي تنطوي على شكوك حول صفقات مشبوهة في شراء معدات صحية خلال جائحة “كوفيد 19”.

وقال رئيس الوزراء: “كان رد فعل الحزب الاشتراكي حازما منذ البداية”. وأضاف عند سؤاله عن القضية في مؤتمر دولي في إشبيلية: “طُرد سانتوس سيردان” من الحزب عندما ظهرت هذه المعلومات.

 

ويُعتبر أبالوس، الذراع الأيمن السابق لرئيس الوزراء، وكولدو غارسيا، أحد كبار مستشاريه، من بين المشتبه بهم المستهدفين في التحقيق.

وقد اعتذر سانشيز مرارا وتكرارا عن القضية ونفى علمه بالمخطط المزعوم. لكن المعارضة دعت رئيس الوزراء إلى الاستقالة.

 

خيوط مالية مرتبطة بالمغرب

 

تواصل السلطات الإسبانية، ممثلة في وحدة العمليات المركزية التابعة للحرس المدني، تحقيقاتها الموسعة في قضية فساد مالي وسياسي تورّط فيها قياديون بارزون في الحزب الاشتراكي العمالي، على رأسهم وزير النقل الأسبق خوسيه لويس أبالوس، والسكرتير السابق للتنظيم سانتوس سيردان، بالإضافة إلى المستشار السابق للوزير كولدو غارسيا.

 

وتشير المعطيات إلى تورط هؤلاء المسؤولين في شبكة فساد مالي عابرة للحدود، تتضمن تحويلات مالية مشبوهة مقابل صفقات عمومية منحت لشركات بعينها. وكشفت التحقيقات أن هذه الشبكة استخدمت أكثر من 479 حسابًا بنكيًا موزعة على 35 مؤسسة مالية، من بينها 12 مصرفًا أجنبيًا، منها حساب في بنك مغربي عبر فرعه الأوروبي.

وبناءً على طلب المحققين، أصدرت المحكمة العليا الإسبانية أمرًا إلى المصالح المركزية للبنك بالمغرب للحصول على كافة المعطيات المرتبطة بالحساب المشبوه، الذي فُتح سنة 2011 وأُغلق في مارس 2021. وأكد الأمر القضائي على ضرورة تسليم هذه المعلومات بسرية تامة دون إشعار أي فرع أو صاحب الحساب.

وتفيد التحقيقات بأن الأموال المشبوهة انتقلت بين عدة دول، بينها المغرب، الولايات المتحدة، البرازيل، الإكوادور، وغيرها، ضمن إطار ما بات يُعرف بـ”قضية كولدو”. وأظهرت تسجيلات صوتية، تم رصدها سنة 2019، أن كولدو غارسيا كان يتحدث عن المغرب في سياق ما وصفه بـ”العمولات المحتملة”، قائلاً: “هناك أيضًا موضوع المغرب، هذا سيظهر ولن يعلّق أحد بشيء”.

وتعود هذه المحادثة إلى فترة قصيرة بعد زيارة رسمية قام بها أبالوس إلى المغرب نهاية يناير 2019، ممثلاً رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، حيث التقى برئيس الحكومة المغربية وعدد من الوزراء لمناقشة مشاريع في مجالات البنية التحتية، من بينها مشاريع تتعلق بالقطار الفائق السرعة والترامواي في الدار البيضاء، إلا أن الشركات الإسبانية لم تفز بهذه العقود لاحقًا.

وأظهرت التحقيقات تورط عدة شركات ورجال أعمال إسبان في تمويل هذه الشبكة، من بينهم دانييل فرنانديز مينينديز، مدير شركة  OPR، وخوسي روث، صاحب شركة “ليفانتينيا” للهندسة والإنشاءات. وتم العثور على حسابات مصرفية لهم في بنوك بأمريكا اللاتينية، خصوصًا بنك “بيتشينشا” في الإكوادور، إضافة إلى حساب باسم شركة في بنك مغربي بأوروبا”.

ووفقًا لتقارير الحرس المدني، فقد ضغط كولدو غارسيا على مسؤولة سابقة بشركة السكك الحديدية الإسبانية Adif لتمرير صفقة عمومية بطريقة استثنائية لفائدة شركة مرتبطة بخوسي روث، وهو ما تم بالفعل بمنح عقد قيمته 592 ألف يورو بعد أقل من شهر من تلك المحادثة.

وتتوالى التسريبات والوثائق القضائية التي تربط بين السياسيين المتورطين وشبكة دولية من التحويلات المشبوهة، مما أدى إلى مطالبات سياسية باستقالة بعض القيادات في الحزب الاشتراكي، بل وبدعوات لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

 

فضائح سانشيز الأخرى

هرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من أزمة الفيضانات، والتزم الصمت بشأن انقطاع الكهرباء، وهو غارق في مزاعم “الحيل القذرة” ومؤامرة تفجير قنبلة وهمية، ويواجه الآن احتجاجات في مدريد، فهل ينجو من كل ذلك؟

وبدا لافتا مشهد هروب سانشيز من بلدة دمرتها الفيضانات التي ضربت جنوب شرق إسبانيا أواخر أكتوبر الماضي، وأودت بحياة أكثر من 220 شخصا، فضلا عن خسائر مادية كبيرة، بعد أن رشقه السكان الغاضبون بالطين والحجارة.

ولم تُكلل جهود سانشيز أو حزبه (العمال الاشتراكي) بالنجاح في التعامل مع الكارثة. وظل الاتصال برئيس حكومة إقليم فالنسيا عن الحزب، كارلوس مازون، متعذرا لوقت طويل خلال الساعات الأولى الحاسمة من الأزمة التي وُصفت بـ”فيضانات القرن”. ويقول خبراء إن أرواحا كثيرة كانت ستُنقذ لو أن السلطات الإسبانية أصدرت تحذيرات في الوقت المناسب.

سيارة بيدرو سانشيز تعرضت للهجوم أثناء فراره من الأهالي الغاضبين إثر الدمار الذي ألحقته الفيضانات (مواقع التواصل)

ولاحقا، تكرر “هروب” سانشيز، بل طال لأكثر من 40 يوما، إذ تغيّب رئيس الوزراء عن البرلمان، متجنبا التدقيق العام بشأن انقطاع الكهرباء الذي شلّ شبه الجزيرة الإيبيرية.

كما تهرب من أسئلة حول فضيحة “الحيل القذرة” المتنامية التي تورط فيها أحد أعضاء الحزب، والذي سعى للحصول على أدلة تدين وحدة الشرطة التي تحقق مع زوجة سانشيز وشقيقه ومساعده الأيمن السابق بتهمة الفساد، وفقا للتقارير.

وفي واقعة أخرى، اتهمت الحكومة “زورا” ضابط شرطة من الوحدة بالتخطيط لوضع قنبلة تحت سيارة سانشيز.

وبينما قالت الحكومة الإسبانية إنها تعاني من حرب قانونية وحملة تشويه، فإن سانشيز -الذي تولى السلطة منذ عام 2018- يواجه أسوأ أزمة له حتى الآن، بحسب تقرير موسع نشرته صحيفة التايمز البريطانية.

 

مظاهرات بشعار “المافيا أو الديمقراطية

تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين في وسط العاصمة الإسبانية مدريد تحت شعار “المافيا أو الديمقراطية”.

ودعا زعيم المعارضة المحافظ ألبرتو نونيز فيغو، سانشيز إلى “الاستسلام للديمقراطية”، وخاطبه قائلا: “ادع إلى انتخابات، نريدها الآن”.

أما رئيسة الحكومة المحلية المحافظة في مدريد إيزابيل أيوسو، فخاطبت الحشد: “آخر شيء تحتاجه إسبانيا هو حكومة فاسدة بلا مبادئ أو حب لأمتها.. مع المزيد من الفساد للتغطية على الفساد”.

وقدّر حزب الشعب المعارض عدد المشاركين في المظاهرة بـ100 ألف شخص، بينما قدّرت الحكومة العدد بـ50 ألفا. وهتف المتظاهرون “سانشيز، استقل”.

وبالتوازي مع ذلك، يطالب حزب “سومار” اليساري -الشريك الرئيسي لسانشيز في ائتلافه الحكومي الهش- بتقديم تفسيرات في ظل ظهور بوادر تمرد في صفوفه. ودعا إميليانو غارسيا بيج، الرئيس الاشتراكي لحكومة منطقة كاستيا-لا مانشا، إلى إجراء انتخابات مبكرة بدلا من تلك المقررة في 2027.

 

وحدة السباك”

تحدثت وسائل الإعلام الإسبانية عن صحفية وعضو بارز في الحزب العمال الاشتراكي تُدعى ليري دييز، وتزعم أنها تدير حملة للعثور على “معلومات قذرة” حول وحدة مكافحة الفساد التابعة للشرطة المدنية (يو سي أو). أما هي فأطلقت على هذه الوحدة اسم “السباك” بسبب بحثها في “مجاري” السياسة الإسبانية.

ويدور حديث حول تسجيلات تُظهر دييز وهي تطلب من رجال أعمال مواد لتشويه سمعة أنطونيو بالاس، الضابط المسؤول عن وحدة مكافحة الفساد، وهو المسؤول أيضا عن التحقيقات مع زوجة سانشيز وشقيقه، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بالمدعي العام والساعد الأيمن السابق لرئيس الوزراء، خوسيه لويس أبالوس.

ونفت دييز هذه الاتهامات، مدعية أنها كانت تقوم بـ”صحافة استقصائية”. كما نفى الحزب مسؤوليته عن أفعالها، لكنه استغرق قرابة أسبوع لفتح تحقيق داخلي، بعد ضغوط شعبية.

ولاحقا وتحديدا في 29 ماي ، رفع الحزب دعوى قضائية ضدها عقب نشر تسجيل صوتي تكشف فيه معلومات مسيئة للمقدم أنطونيو بالاس، مقابل حصولها على مزايا قانونية لأحد المدعى عليهم.

وفي مؤتمر صحفي عقدته دييز، أدلت ببيان مقتضب، ولم تتلق أي أسئلة، وسادت الفوضى عندما هاجمها أحد المشتبه بهم الرئيسيين في قضية أبالوس لفظيا، وأقسم أنه سيُسقط سانشيز.

 

قنبلة وهمية وتسجيلات سرية

زاد رد الحكومة على الفضيحة من تشويه سمعتها. واتهم 3 وزراء كبار “زورا” ضابط شرطة بالتخطيط لوضع قنبلة تحت سيارة سانشيز. واستند الاتهام إلى تقرير “أخبار كاذبة” سرعان ما ثبت زيفها. ورفض الوزراء سحب هذا الادعاء رغم أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية نشرت تقريرا يعترف بزيفها.

 

وزعمت التقارير -منذ ذلك الحين- أن التسجيلات أجريت في حمامات البخار المملوكة لوالد زوجة سانشيز على أمل العثور على معلومات تضر بأولئك الذين يحققون مع حاشيته.

ومن المقرر أن يمثل ديفيد سانشيز، شقيق رئيس الوزراء، للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة تتعلق بإساءة استخدام الأموال العامة واستغلال النفوذ بسبب مخالفات مزعومة في إنشاء وظيفة حكومية له.

كما تخضع بيغونيا غوميز، زوجة رئيس الوزراء، للتحقيق بتهم الفساد واستغلال النفوذ.

ويخضع وزير النقل السابق خوسيه لويس أبالوس للتحقيق بتهمة قبول رشاوى لعقود شراء أقنعة ومستلزمات طبية أخرى خلال جائحة (كوفيد-19). وينفي جميعهم هذه الاتهامات.

ومما يزيد من معاناة سانشيز أن المحكمة العليا ستُحاكم المدعي العام بتهمة تسريب معلومات سرية في قضية احتيال ضريبي.

ففي الماضي، أثبت سانشيز مراوغته. وهدد بالاستقالة من رئاسة الوزراء عندما أُعلن عن أول تحقيق ضد زوجته العام الماضي، منسحبا من مهامه لمدة 5 أيام. وبعد عودته، صرّح بأنه لن يكتفي بمواصلة عمله، بل سيطلق حملة “تجديد ديمقراطي” تُركّز على قمع وسائل الإعلام التي يقول إنها تنشر أخبارا كاذبة.

ولكن كثيرين قد يقولون إن الديمقراطية في إسبانيا عانت منذ ذلك الحين تراجعا كبيرا، وإن سانشيز -استنادا إلى الأدلة الحالية- أصبح خارج المسار.

ورغم هذه الاتهامات والتحقيقات، يستبعد سانشيز إمكانية إجراء انتخابات عامة مبكرة، وقال إن الانتخابات المقبلة ستجرى كما هو مخطط لها في عام 2027.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى