حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةشوف تشوف

“مسار” مجهول

يبدو أن المصائب لا تأتي فرادى، فمع استشراء نيران الأسعار في تلابيب ثياب المواطنين دافعة إياهم للاحتجاج على الحكومة هنا نحن نرى كيف أن رجال التعليم المتعاقدين يستعدون لخوض شوط جديد من الاحتجاج ضد وزارة بنموسى المشغول بتعداد المشاكل وتوصيفها عوض حلها.

وهكذا فقد قرر بعض أطر الأكاديميات أو ما يعرف بأساتذة التعاقد عدم تسليم نقط الدورة الأولى، خصوصا تلاميذ الباك الذين يريدون دفع بيان نتائج الدورة الأولى. ومن جهتها قررت الوزارة توقيف المنخرطين في هذا الأمر وتوقيف رواتبهم، مع أن الأساتذة لم يتوقفوا عن التدريس وهذا لا يعطي الحق للوزارة للاقتطاع من رواتبهم. أما النقابات فتوجد في موقف لا تحسد عليه. فليلة توقيعها على اتفاق 14 يناير، والذي وصفته الوزارة بالتاريخي، وعد زعماء النقابات بتوقيف الاحتجاجات إن قبلت الحكومة بمطالبها، وخاصة المطالب المالية. ولم تمر إلا ساعات حتى تم قبول المقترح الحكومي بإنصاف بعض الفئات المتضررة من النظام الأساسي الحالي، والمعمول به منذ عشرين سنة.

الوجه الأول للمعضلة هو أن الحكومة خصصت ملياري درهم لإنجاح الاتفاق، وسيتضح في ما بعد أن جزءا من هذا المبلغ ستتم تغطيته بقرض من البنك الدولي في إطار سياسة “الطلاب يطلب ومرتو تصدق”. ومع ذلك استمرت الاحتجاجات وعجزت النقابات عن كبح جماح التنسيقيات، والتي قلنا مرارا إن أجهزتها التنفيذية غير معروفة، لأن متخذي القرار الفعلي فيها يوجدون خلف الستار، وبعض “نجوم” هذه التنسيقيات مجرد واجهات لتيارات سياسية ونقابية معروفة بأن معركتها مع الدولة أكبر من مجرد ملف تعليمي فئوي.

أما الوجه الثاني فهو أن بعض المكاتب المحلية للنقابات الموقعة على هذا الاتفاق سجلت ما يمكن تسميته بـ”انشقاقات” حيث ساندت التنسيقيات التي لا تعترف بأية نقابة، وتصر على توقيع بياناتها بـ”المستقلة”. وهذا في حد ذاته يطرح علامات استفهام كبرى. إذ كيف يمكن لنقابي مساندة فئة لا تعترف به أصلا، ولا تتردد في بيانات موقعة باسمها في وصفه بأقذع الأوصاف مثل المتاجرة والسمسرة؟

فالوزارة التي تصف الاتفاق حول النظام الأساسي بالتاريخي محرجة اليوم في الاستمرار في تنزيل الاتفاق والبدء في الصياغة القانونية للنظام الأساسي. وفي نفس الوقت لا يمكنها فتح حوار مباشر مع التنسيقيات، لأن القانون يفرض عليها الحوار مع النقابات المنتخبة من طرف الموظفين، والنقابات المنتخبة من جهتها لم تف بوعدها في توقيف الاحتجاجات، وبدت غير مؤثرة إطلاقا. لذلك لاحظنا أن بعض زعمائها بدؤوا يطبقون مبدأ تجاريا، وهو أن “الزبون دوما على حق” ونراهم غير قادرين على نطق كلمة تفاديا لإغضاب التنسيقيات، خصوصا أنهم يرون أبناء الشعب، في العالم القروي والمناطق الهشة، يعانون من جراء سلسلة الاحتجاجات التي بدأها منذ مدة بعض الموظفين. بل ويتعرضون لأبشع أنواع الابتزاز.

أين شكيب بنموسى من كل هذا؟ إنه مشغول بإعطاء الأرقام والإحصائيات.

ففي ملف أطر الأكاديميات، وهو ملف كما قلنا من ضمن عشرات الملفات الأخرى، قرر بعض المنتسبين لهذه الهيئة التصعيد في وجه الوزارة، والإقدام على عدم تسليم نقط الدورة الأولى. وذلك لكونهم “لم يقتنعوا” باتفاق النظام الأساسي والذي خصص لهم حيزا هاما، سيضمن لهم المماثلة الفعلية مع باقي الموظفين.

فالأستاذ الذي يعتبر عدم تسليم نقط التلاميذ “نضالا”، تحت مسمى الدفاع عن المدرسة العمومية، لا يمكنه أن ينكر بأن المتضررين من فعله هم تلامذة التعليم العمومي، لأن تلامذة التعليم الخصوصي تسلموا نقطهم، وخضعوا لدعم تربوي في المواد الدراسية التي حصلوا فيها على نتائج ضعيفة. بينما تلامذة التعليم العمومي هم المتضررون.

الأكثر من هذا، هو أن بعض زملاء هؤلاء الأساتذة في تخصصات علمية وفي اللغات الأجنبية، ممن يعملون ساعات إضافية مؤدى عنها في مدارس خاصة، لم يضربوا ساعة واحدة في عملهم الثانوي الذي يدر عليهم دخلا، وسلموا النقط وأدخلوها بأيديهم لمنظومة مسار، بينما يضربون اليوم لثلاثة أيام، ويصرون على اعتبار عدم تسليم نقط أبناء الفقراء مثلهم “نضالا”.

الوزارة أخطأت منذ 2016 في تدبير ملف أطر الأكاديميات، ونتحدى هنا مسؤولا وزاريا على نكران هذه الحقيقة. أخطأت عندما تصورت توظيف هؤلاء الأطر كشراء مناديل ورقية يمكن استعمالها ورميها. وهنا نتحدى عبد الإله بنكيران، وهو التلميذ الفاشل للبنك الدولي، أن ينكر هذه الحقيقة. أي حقيقة توظيف أطر يمكن الاستغناء عنها، تحت مبرر الظرفية الاقتصادية في أي وقت. ودليلنا على ذلك هو عدم خضوع الفوجين الأول والثاني لأي تكوين إطلاقا. ولمن نسي نذكره بأن الفوج الأول ظهرت نتائجه في يوم من أيام الجمعة وتم الاتصال بالناجحين في اليوم ذاته وطُلب منهم الالتحاق بمقرات عملهم في الاثنين الموالي. هكذا وبدون تكوين. والسؤال هل حكومة تقوم بهذا العبث كانت جدية في التوظيف؟

المشكل اليوم أن أساتذة الثانوي التأهيلي الرسميين أيضا بدؤوا ينضمون للتمرد. وكمثال فالنقابات الخمس في الراشيدية تمردت على الاتفاق الذي وقعته النقابات التعليمية مع رئيس الحكومة بسبب أن هذا النظام الأساسي لا يوافقهم لأن اسم أساتذة الثانوي التأهيلي لم يتم التطرق إليه ولم تشملهم الاستفادة واستفاد فقط أساتذة الإعدادي والابتدائي من خارج السلم، فضلا عن بقية الفئات كالممونين والمفتشين وأساتذة التعاقد.

الأساتذة الذين يرفضون تسليم النقط ليتعرف عليها أطفال الفقراء، وأغلبهم من العالم القروي، عليهم ألا ينسوا أن زملاء لهم في تنسيقيات أخرى، أي في فئات تضررت كثيرا من نظام 2003، وحرمت من خارج السلم أو “سُجنت” في ما يعرف بـ “الزنزانة 9″ و”الزنزانة 10” لم يكونوا ليتخذوهم، وهم تلاميذ، رهائن أبدا، لذلك ناضلوا ومازالوا بأخلاق وبشرف، لذلك نالوا (الأساتذة المحتجون اليوم) حقهم في التعليم وأكملوا تعليمهم العالي وصاروا مُربين بدورهم، وها هم ينقلبون على أبناء الشعب الذين يدعون الانتساب إليهم والدفاع عن مدرستهم، ويتخذونهم رهائن، متخذين مستقبلهم ورقة في التفاوض.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى