حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةفسحة الصيف

من باريس إلى القاهرة.. بغداد ثم دمشق للمطالبة بـ«تدويل» قضية بنبركة

يونس جنوحي

«انتهت قضية المهدي أمام المحكمة بالنتائج التي لا تُرضي أحدا، وبالخصوص ذويه وحزبه».

هكذا لخص مولاي المهدي العلوي كل ما يتعلق بجلسات المحاكمة التي استُدعي إليها من أثيرت أسماؤهم في ملف اختطاف ثم اختفاء المهدي بن بركة. المحاكمة استمرت سنة 1966، وأسدل عليها الستار بعد الحكم ببراءة الكولونيل أحمد الدليمي، في وقت كانت عائلة المهدي بن بركة، ومعها أبناء حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، أن يُجر المسؤولون، فرنسيين ومغاربة، إلى السجن. فقد كان هناك يقين بتورط مسؤولين كبار في المغرب، وفرنسا أيضا.

يقول مولاي المهدي العلوي، في هذه المذكرات، إن خيبة أمل كبرى خيمت على أنصار المهدي عندما اهتز العالم العربي على خبر هزيمة الجيوش العربية سنة 1967، في إطار الصراع العربي- الإسرائيلي. الهزيمة كانت، بتعبير مولاي المهدي العلوي دائما، ضربة لفكر الأنظمة القومية التي كانت تحكم الشرق الأوسط من ناصريين وبعثيين.

لم يفقد العلوي الأمل في الكشف عن مصير المهدي بن بركة، باعتباره واحدا من المقربين منه في عز انشغالاته وتنقلاته بين المدن العربية والأوروبية:

«بعد انتهاء أطوار المحاكمة إلى النتيجة المعروفة، لم نضع أسلحتنا، بل تحركنا في كافة الاتجاهات للضغط على النظام في المغرب، وفي فرنسا على وجه الخصوص لكشف الحقيقة، فكلفت شخصيا للسفر إلى عدد من الدول العربية للتعريف بالقضية وحشد التأييد لجهود الحزب في التعريف بها وإماطة اللثام عن أسرارها، فكان التجاوب معنا في مستوى الأوضاع التي يعيشها كل بلد على حدة، بعد هزيمة 1967.

ففي جمهورية مصر، كانت لي لقاءات مع عدد من الفاعلين السياسيين من اتجاهات مختلفة، إلا أن التجاوب الملموس كان فقط من جماعة لطفي الخولي (وهو أحد الوجوه البارزة في اليسار المصري وقامة ثقافية، وكان رئيسا لما يعرف بمجموعة كوبنهاغن، وتجمعه علاقة صداقة بالمهدي الذي سبق أن زاره في بيته بالقاهرة)، التي كانت تشكل أقلية لا تأثير لها في مجريات الأمور في البلد، مع أن المهدي كان صديقا شخصيا للرئيس عبد الناصر، وكان يعتمد عليه في عدد من تحركاته، ولكن تجري الأمور بما لا تشتهي السفن.

بعد القاهرة، رحلتُ إلى بغداد التي لم تكن خاضعة في ذلك الوقت لحكم حزب البعث الذي لن يعود إلى السلطة إلا في 17 يوليوز 1968، بعد الانقلاب على نظام عبد الرحمن عارف. فاقتصرت على عدد من الشخصيات المستقلة والمثقفين ورجال القانون الذين تجاوبوا مع طلبي لتشكيل لجنة الكشف عن الحقيقة والدفاع عنها، قبل أن أنتقل إلى دمشق، حيث استقبلتُ من قبل القيادة القومية والقيادة القطرية لحزب البعث.

صادف وجودي في دمشق قيام العهد الجديد باستيلاء جماعة صلاح جديد على الحكم في العام 1966 في انقلاب عسكري أطاح بالرئيس أمين الحافظ؛ إذ كان صلاح جديد رئيسا لأركان الجيش العربي السوري. فوجدتُ لدى الحكام الجدد استعدادا لمساعدة الحزب في مسعاه من أجل معرفة الحقيقة. ومن نتائج هاته اللقاءات قرار تسمية أحد شوارع دمشق الكبرى باسم المهدي بن بركة، وهي إشارة دالة على ذلك التضامن.

بعد انتهاء لقاءاتي مع الرسميين والمحامين والصحافيين أردت أن أتقدم بالشكر لرئيس سوريا «صلاح جديد»، فتحدثت في الموضوع مع المرحوم الصحافي محمد باهي، الذي كان حاضرا بالصدفة في العاصمة السورية، مؤكدا له إمكانية وصولي للرئيس بحكم معرفتي بمديرة ديوانه التي كنت أعرفها في باريس في وقت من الأوقات، وهي تشتغل بسفارة سوريا، وكذا في العاصمة البلجيكية بروكسيل.

كنت أظن أن معرفتي بهذه السيدة ستسهل لي اللقاء بالرئيس، إلا أن المرحوم «باهي» حدّ من تفاؤلي، وأنبأني بأن السفير الروسي، بقيمته ونفوذه في دمشق، يلزمه الانتظار أياما للظفر بمقابلة الرئيس، وكيف لي أن أقابله بهاته السرعة التي أطلب.

كان جوابي بأنني لن أخسر شيئا في المحاولة. حينها اتصلت بمديرة الديوان من هاتف الفندق الذي أقيم فيه بدمشق، فأخبرتها برغبتي في مقابلة الرئيس لشكره على مواقف بلده وحزبه من قضيتنا.

أرسلت الرئاسة سيارة تأخذني من الفندق لمقابلة الرئيس، الذي استقبلني مباشرة بعد وصولي، فشكرته في البداية على ما قام به قادة حزب البعث من جهود، وثمنت موقف السوريين عامة من قضية المهدي بنبركة.

كان كلام الرئيس صلاح جديد منصبا على الحركة التي قام بها رفقة زملائه لتولي زمام الأمور في البلاد، وتوضيح دواعي الانقلاب على «ميشيل عفلق» وجماعته، فكان يختار من العبارات أدقها، وكأني به يلقي على مسامعي درسا في الماركسية فأعجبت بفصاحته وبكلامه، وأدركت مدى إلمامه بقضيته وقناعته بالاتجاهات التي اختارها مع فريقه.

بعد عودتي إلى الفندق، التحق بي المرحوم «باهي» ليعرف مني تفاصيل المقابلة، وهو ما يزال مندهشا للسرعة التي تمت بها الأمور، وما إذا كان في الأمر شيء عن رغبة القيادة الجديدة في سوريا إبلاغ رسالة من خلالي إلى الأوساط التقدمية في العالم العربي، ومن بينها حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، المعروف بنشاطه على الساحة الأممية».

وقع أمر طريف أثناء طلب العلوي مقابلة الرئيس السوري.. فقد خمن، حسب تكهنه الشخصي، أن الرئيس السوري وافق بدون تردد على لقاء مواطن مغربي اسمه العائلي: «العلوي»، ظنا منه ربما أنه ينحدر من طائفة العلويين!

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى