
النعمان اليعلاوي
تتعمق أزمة المستشفيات العمومية بشكل متسارع في مدينة سلا والمناطق المجاورة، وسط حالة احتقان اجتماعي وإداري غير مسبوقة، تجسدت بشكل واضح في تصاعد التوتر داخل المستشفى الجهوي مولاي يوسف بالرباط، والذي يعيش منذ أسابيع على وقع احتجاجات متكررة ضد ما وصفتها الجامعة الوطنية للصحة بـ«السياسة التدميرية» التي تنتهجها إدارة المستشفى.
وفي هذا السياق أعلنت النقابة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل عن نجاح اعتصام إنذاري دام 16 ساعة يوم 18 أبريل 2024، تنديدا بتوقيف أجور تقنيين وصفتهم بـ«ذوي الكفاءة والمشهود لهم بحسن السلوك»، وذلك في خطوة اعتبرتها تعسفية وغير قانونية، وحملت الجامعة الوطنية للصحة إدارة المستشفى مسؤولية تفاقم الاختلالات الإدارية والخدماتية، مشيرة إلى أن قرارات التوقيف الأخيرة جاءت مباشرة بعد الاعتصام، وتم إصدارها في وقت «غامض ومبهم»، ما يعكس – حسب قولها- «نهج التضييق على الحريات النقابية وتكميم أفواه العاملين، بدل معالجة جذور الأزمة البنيوية».
من جانب آخر، اتهمت النقابة الإدارة بتلفيق تقارير كيدية للوزارة الوصية بغرض تضليلها وتبرير فشل التسيير، عبر تعليق إخفاقات الإدارة على موظفين بعينهم، في غياب تبريرات قانونية واضحة، معتبرة أن «القرارات التأديبية المتخذة تفتقر للتعليل، وتشوبها عيوب في التكييف القانوني». وتحدث المحتجون عن «ضبابية في هرم التسيير»، حيث يتغير المسؤولون بشكل متكرر، مما يخلق جوا من الغموض والارتباك داخل المؤسسة، في وقت ظهر فيه – حسب المصدر النقابي- «شخص جديد يدعي امتلاك الضوء الأخضر من الوزير مباشرة، ويتعامل مع الموظفين بأساليب تعسفية تصل حد الطرد الشفوي».
وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة الإدارية داخل المستشفى دفعت وزارة الصحة، عبر المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، إلى مباشرة سلسلة من التعيينات الجديدة على خلفية تقرير صادر عن المفتشية العامة، شمل إعفاءات في صفوف المسؤولين السابقين، فيما اعتبر الوضع هو جزء من مشهد عام يعاني فيه القطاع الصحي العمومي من أعطاب عميقة، أبرزها ضعف الحكامة، وتدهور شروط العمل، وغياب آليات التقييم الشفاف، في وقت تتصاعد فيه مطالب مهنيي الصحة بضرورة إصلاح إداري جذري، يقطع مع منطق «الترقيع الظرفي» ويعيد الاعتبار للموارد البشرية والمؤسسات الصحية العمومية.