
النعمان اليعلاوي
لا يزال مئات الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه يعانون من تبعات تأخر صرف المنح السنوية، في وقت دخلت السنة الجامعية مراحلها الأخيرة دون توصل الغالبية الساحقة من الطلبة بأي دفعة مالية، سواء من منحة التميز أو المنحة العادية، فيما اعتبر الطلبة المتضررون أن الوضع المادي للطلبة الباحثين في مختلف ربوع المملكة أصبح لا يطاق، في ظل تأخر صرف المنح، بالتوازي مع الإصلاح الجديد لسلك الدكتوراه الذي يفرض تكوينات أسبوعية وتكاليف تنقل متكررة، ما يفاقم العبء المالي، مشيرين إلى أن المنحة العادية تُصرف في نهاية السنة، وهو ما يفقدها جوهرها كآلية دعم ومواكبة لمسار البحث الأكاديمي، إذ تتحول إلى ما يشبه «تقاعدا بحثيا» بلا جدوى عملية، معتبرين أن «الضوابط الجديدة تشمل جميع الطلبة، فلماذا لا تشملهم المنحة أيضا بشكل موحد وشفاف».
وانتقد الطلبة بطء المساطر الإدارية وتعثر ورش الرقمنة، مؤكدين أن صرف المنحة يستغرق في بعض الأحيان «ما يقارب السنة»، ما يعكس، بحسبهم، «تراجع أولوية الطالب الباحث في سياسات التعليم العالي»، مشيرين إلى أن «الإصلاحات الضريبية الأخيرة شملت تحسين الأجور بالنسبة لفئات واسعة من الموظفين، في حين لا تزال منحة الطلبة الباحثين مجمدة دون أي تجاوب من وزارة التعليم العالي مع واقع ارتفاع تكاليف المعيشة»، موضحين أن هذا التأخير يطرح تساؤلات واسعة حول مدى التزام الجهات الوصية بدعم البحث العلمي، في وقت تعلن الحكومة عن خطط استراتيجية للنهوض بالابتكار وتعزيز دور الجامعة في التنمية.
وتُعد منحة الدكتوراه في المغرب من أبرز آليات الدعم المخصصة للطلبة الباحثين، باعتبارها أداة لمواكبة مسارهم الأكاديمي وتخفيف الأعباء المالية المرتبطة بالبحث العلمي، غير أن واقع هذه المنحة، سواء من حيث قيمتها أو توقيت صرفها، يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى قدرتها على أداء وظيفتها الأساسية في تحفيز الباحثين وتمكينهم من الاستمرار في مساراتهم الجامعية. وتُمنح منحة التميز على أساس التفوق الأكاديمي بعد انتقاء وطني، وتبلغ قيمتها السنوية حوالي 63 ألف درهم، تصرف على ثلاث دفعات، أما المنحة العادية فتُصرف عادة مرة واحدة سنويًا، وتقل بكثير عن منحة التميز، ما يكرّس فوارق كبيرة بين الطلبة في المستوى نفسه.





