شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

أسبوع المغرب في موريتانيا.. حين تعانق الذاكرة خطى المستقبل

نعيمة لحروري

على رمال نواكشوط، حيث تحمل الرياح أنفاس القوافل القديمة، وحيث يتعانق الأفق مع وشوشات التاريخ، افتتحت تظاهرة «أسبوع المغرب في موريتانيا»، لتكون موعدا لاجتماع ذاكرة تمتد بين ضفتين خطتهما الجغرافيا بسخاء، وصانتهما الروح عبر العصور.

لم يكن الأسبوع مهرجانا للمنتجات أو لقاء للصفقات فقط، بل بدا وكأنه دعوة صامتة لاستعادة زمن كانت فيه الطرق بين المغرب وموريتانيا مفروشة بالملح والذهب والكلمة الطيبة. مناسبة أحيت في القلوب وعيا قديما بأن بين البلدين أكثر من سياسة، وأكثر من مصلحة عابرة: بينهما نسيج حياة مشترك، وخيط رفيع من الانتماء إلى فضاء واحد.

تحت شعار «معا لبناء شراكة تضامنية»، اجتمع رجال أعمال، ومبدعون، وأصحاب رؤى، ليخطوا فوق الرمال دروبا جديدة، تستلهم الماضي، ولكنها تتطلع إلى المستقبل.

كان واضحا أن الرهان لم يعد فقط على تعميق المبادلات أو تنشيط الاستثمارات، بل على تجديد العهد بين شعوب تعرف أن تحديات اليوم لا تواجهها الأوطان منفردة، بل تتخطاها كتفا إلى كتف.

لقد ظل الجنوب، عبر العصور، الفضاء الذي تتنفس عبره الروابط المغربية، بينما وجد الموريتانيون في المغرب امتدادا حضاريا وروحيا يكمل ملامحهم. من زمن المرابطين إلى الحاضر المتغير، لم تنقطع هذه الصلة، وإن غلفتها أحيانا رياح السياسة أو تبدلات الزمن.

وها هي مبادرات اليوم، من مشروع أنبوب الغاز إلى فكرة الشراكة الأطلسية، تشهد أن زمن العزلة قد ولى، وأن المستقبل يكتب بلغة التكامل والتنسيق لا بلغة الحدود المغلقة.

لقد أتاح «أسبوع المغرب في موريتانيا» لحظة صافية من لحظات التلاقي، حيث تحكي الخيام المنصوبة قصص الأجداد، وتصدح الموسيقى المختلطة بحنين الأرضين، وتلمع في العيون ذات الرغبة العتيقة في العبور نحو الغد معا.

في ظلال «أسبوع المغرب في موريتانيا»، تلاقت النظرات، وتشابكت الأيادي في صمت واثق. هناك، بين الخيام والأسواق والأمسيات المضيئة، كُتبت صفحة أخرى من سفر العلاقات بين المغرب وموريتانيا، صفحة لا تقوم على المجاملة العابرة، بل على رغبة عميقة في بناء مسار مشترك. فالتاريخ الذي جمع بين الضفتين لم يكن يوما ذكرى جامدة، بل كان وعدا متجددا بأن تنسج الشعوب حاضرها ومستقبلها بخيوط الأخوة والمصلحة المتبادلة. وعلى وقع هذه اللحظة، بدا واضحا أن الطريق نحو الغد قد لا يكون سهلا، لكنه طريق يفتح أبوابه لأولئك الذين يحسنون قراءة نداء الأرض والزمان معا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى