شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

ابن سليمان.. مدينة المشاريع المعلقة

سوء تقدير الكلفة المالية وعدم التزام المجالس المعنية يحولان مشاريع إلى خراب

بالرغم من وجود إقليم بنسليمان من بين المدن التي ستحظى بمجموعة من المشاريع الملكية الخاصة باحتضان فعاليات كأس العالم 2030 لكرة القدم، وموقعها الاستراتيجي بين العاصمتين الإدارية والاقتصادية، إلا أن مدينة بنسليمان لازالت تعيش على وقع مجموعة من المشاريع المعلقة منذ سنوات بسبب عدد من الاختلالات، منها مشاريع اجتماعية ومرافق حيوية على غرار مشروع السوق المركزي المغلق وحديقة لالة مريم والمسبح الأولمبي والمسبح البلدي محطة الطاكسيات…

 

مصطفى عفيف

 

مرت الآن قرابة ثلاث سنوات على انتخابات 2021 التي حاز خلالها محمد اجديرة رئاسة المجلس الجماعي لمدينة بنسليمان وهي الولاية الثانية بعد ولاية 2015/2021. وبالرجوع إلى البرنامج الانتخابي الذي قدمه وكيل لائحة حزب «الاستقلال» خلال الانتخابات، نجد أن اجديرة قدم نفسه للسكان على أنه «المهدي المنتظر» الآتي لإخراج المدينة من الركود الذي عاشه سكانها لسنوات بالرغم من كونه كان على رأس المجلس السابق. لكن الواقع الحالي يؤكد أن حزب الاستقلال من خلال وكيل لائحته المحلية فشل في تنزيل برنامج التأهيل الحضري للمدينة والذي تمت المصادقة عليه خلال الولاية السابقة، بحيث يقف أبناء مدينة بنسليمان وزوارها أثناء تجولهم بكافة أرجاء المدينة على مشاريع طالها الإهمال وأخرى ما زالت تنتظر من «جديرة» الوفاء بالوعود التي قدمها للسكان. فالعديد من المشاريع تحولت اليوم إلى أطلال، بالرغم من أنها كانت ضمن البرنامج الانتخابي للحزب، واخرى طالها النسيان بسبب مشاكل مالية نتيجة اختلالات في تقدير الكلفة المالية للمشاريع التي حكم عليها بالفشل.

 

سوء تقدير المجلس الإقليمي للكلفة المالية يوقف «السوق النموذجي»

 

يطرح الشارع السليماني مجموعة من علامات الاستفهام ويتساءل عن المشاريع التي أصبحت تشكل نقطة سوداء في ملفات مسؤولي تدبير الشأن المحلي والمسؤولين الترابيين، منها ملف المشروع الملكي «السوق النموذجي» بحي لالة مريم الذي توقفت به الأشغال منذ أزيد من خمس سنوات تقريبا بسبب عدم توفر المجلس على السيولة لإتمام الأشغال به لأسباب لازالت مجهولة، بعدما رصدت له أموال طائلة سنة 2018، في إطار اتفاقية شراكة بين مجلس جهة الدار البيضاء – سطات واللجنة الإقليمية للتنمية البشرية لإقليم بنسليمان والمجلس الإقليمي وجماعة بنسليمان، وهو المشروع الذي أصبح يشكل نقطة سوداء في مسار مدبري الشأن المحلي للمدينة، بسبب سوء تقدير كلفة المشروع من طرف المجلس الإقليمي، بحيث أن المبلغ الذي صرف لم يكف لإنجازه وهو المبلغ الذي قدر بسبعة ملايين درهم (700 مليون سنتيم) بعد المصادقة عليه في إحدى الدورات العادية (شهر مارس 2022)، قبل أن يتفاجأ الرأي العام المحلي، بعد مرور أزيد من سنة ونصف، بأنه تحول إلى أطلال ومأوى للمشردين في غياب أي تدخل من السلطات الوصية.

 

 

عدم التزام المجلس الجماعي يعطل مشروع محطة الطاكسيات

 

بالإضافة إلى فشل مشروع آخر بالمدينة يتعلق بمحطة سيارات الأجرة (الطاكسيات)، والتي تم إنجازها من قبل وزارة التعمير ولم يبق منها سوى بعض المرافق التي تدخل ضمن التزامات المجلس البلدي، على غرار المراحيض ومركز الحراسة، وهو المشروع الذي لم يكتب له الخروج إلى حيز الوجود حيث كان موضوع مراسلة إدارية بعثها رئيس المجلس الإقليمي قبل سنة ونصف إلى رئيس المجلس الجماعي، وكشف من خلالها عدم التنسيق بين المصالح التقنية للمجلسين بخصوص محطة (الطاكسيات) من أجل مباشرة مسطرة التسليم النهائي مع المقاولة، إلا أن المجلس الجماعي لم يقم وقتها بمسطرة حيازة المحطة، منذ فترة كورونا، بسبب ضيق المكان وعدم ربطه بشبكة الكهرباء والماء وقتها، بالإضافة إلى توقف الأشغال بمشروع السوق المركزي الجديد لمدينة بنسليمان الذي لم يفتح بعد رغم اكتمال الأشغال منذ ما يزيد على سنتين تقريبا.

 

انسحاب المقاولة يحول حديقة لالة مريم إلى مرعى للمواشي

 

مشروع حديقة لالة مريم بمدينة بنسليمان من بين المشاريع التي لازالت عالقة وأصبحت مرعى للمواشي، وهو من بين المشاريع المنجزة في إطار شراكة بين المجلس الإقليمي ووزارة التجهيز بميزانية تقدر بحوالي مليار سنتيم، حيث تم إطلاق الصفقة التي رست على مقاولة تنحدر من مراكش والتي تسلمت مبلغ 300 مليون سنتيم منها 80 مليونا ضريبة على القيمية المضافة وبداية الأشغال التي توقفت خلال جائحة «كوفيد» وبعد فترة التوقف وعودة الحياة إلى طبيعتها عادت المقاولة نفسها لاستئناف الأشغال، إلا أنها صادفت عدة إكراهات بعد الجائحة أولها ارتفاع أسعار مواد البناء وألعاب الحديقة الخاصة بالأطفال والمصابيح، مما دفع المقاول إلى طلب فسخ العقد وهو الطلب الذي بررته المقاولة بعدم قدرتها على إنهاء المشروع الذي أعلن عنه قبل تنصيب الحكومة الحالية، ما أخر توصله بالشطر المالي، وهي إكراهات واجهت المقاولة التي لم تلتزم بإتمام أشواط البناء، فضلا عن إكراه آخر يتمثل في عدم تمكينه من التزود بالماء بسبب مذكرة الداخلية حول ترشيد استعمال الماء بسبب الجفاف، كل هذه المشاكل التي رافقت المشروع جعلت المقاولة تدخل في مشاكل مع مستخدميها بسبب عدم تسديدها لمستحقاتهم.

جاء ذلك في وقت لم يستطع المجلس البلدي والإقليمي، لحد الساعة، أن يتصدى للإهمال الذي يعرفه منتزه للا مريم، ويبتدئ الإهمال الذي طال الحديقة من قضبان سياجها الحديدي، ويمتد إلى داخل الحديقة حيث موت الأشجار لغياب العناية بها مقابل ما تعرفه من تخريب، لتجد أشباه كراس إسمنتية مهترئة وممرات تفصلك عن أحواض لا وجود للعشب فيها، بل وأصبحت مرتعا للكلاب الضالة وبعض الدواب والمواشي والأبقار التي تقتات مما بقي من عشب فيها .

 

اختلالات بنيوية تحرم سكان المدينة من المسابح

 

سجل سكان مدينة بنسليمان، كذلك، مجموعة من الاختلالات التي عرفها المسبح الأولمبي التابع لوزارة الشباب والرياضة والذي لازال مغلقا لما يزيد على خمس سنوات بعد تعطل إحدى مضخات المياه، وهو المسبح الذي بات عبارة عن بناية مهجورة. إضافة الى مشاكل أخرى رافقت عملية افتتاح المسبح البلدي ببنسليمان عقب اكتشاف مجموعة من العيوب بهذه المنشأة بعد أسبوع من افتتاحه في وجه العموم، وهو المشروع الذي استغرق إنجازه أكثر من ثلاث سنوات، ناهيك عن مشكل تصفية الوعاء العقاري الذي بني فوقه المسبح لكون الأرض ليست في ملكية الجماعة.

أمام كل هذه الاخفاقات في إخراج عدد من المشاريع العالقة ببنسليمان التي أصبحت تعرف بمدينة «الأشباح»، دخل مسؤولو الإدارة الترابية بإقليم بنسليمان في صراع مع الزمن من أجل وضع مجموعة من المشاريع المقترحة في إطار مواكبة التحول الذي يعرفه المغرب تزامنا مع احتضان فعاليات كأس العالم 2030 لكرة القدم. وتهم هذه المشاريع المقترحة تأهيل تراب إقليم بنسليمان، والتي تتزامن مع الأشغال الجارية لبناء ملعب الحسن الثاني، فضلا عن مشاريع طرقية وسككية ومقترح برنامج التأهيل الحضري الذي يهم تأهيل عدد من الشوارع الرئيسية والساحات العمومية.

إلى ذلك حاولت «الأخبار» الاتصال بالجهات المعنية بالمشاريع المتأخرة، بما فيها السلطات الوصية والمجلس الإقليمي والجماعي، لكن لم تتلق أي جواب بجميع وسائل الاتصال المتاحة، فقط رئيس المجلس الإقليمي ترك رسالة، منذ أسبوع، عبر تطبيق «الواتساب» مفادها أنه سيهاتف الجريدة قريبا لعقد لقاء ومناقشة كل هاته الأمور بما فيها أمور أخرى، ولم يتم الأمر لحدود كتابة هذه السطور، فيما اتصلت «الأخبار» برئيس المجلس الجماعي ونائبه دون تلقي أي جواب منهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى