
النعمان اليعلاوي
بخلاف السنوات السابقة، مرّ عيد الشغل (فاتح ماي) في العاصمة الرباط هذا العام وسط أجواء باهتة ومشاركة محدودة من النقابات والهيئات المهنية. وبدت شوارع وسط المدينة، التي كانت في الماضي تحتضن حشوداً ضخمة من العمال والمتظاهرين، شبه خالية صباح أمس الخميس، حيث لوحظ غياب شبه كلي للمسيرات الكبرى، بينما اقتصرت بعض النقابات على وقفات رمزية أو تجمعات محدودة العدد.
والملاحظ أن عدد النقابات المشاركة عرف تراجعاً لافتاً مقارنة مع السنوات الماضية، فيما غاب التنافس التقليدي بين المركزيات النقابية في الحضور والاستعراض، وهو ما اعتبره بعض المتابعين مؤشراً على أزمة تمثيلية عميقة تعيشها الحركة النقابية بالمغرب، إلى جانب فتور متزايد في علاقتها بقواعدها بسبب تواتر ما يُوصف بـ«ضعف نتائج الحوار الاجتماعي» و«تبخر الوعود الحكومية».
ورغم هذه الأجواء، استغل وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، المناسبة لتجديد التأكيد على التزام الحكومة بتنزيل بنود الاتفاق الاجتماعي، مؤكداً، في كلمة له، أن الحكومة قامت بعدة خطوات لفائدة الشغيلة المغربية، في إطار «مجهود متواصل طيلة سنتين ونصف»، حسب تعبيره.
من جانبه، قال يونس فيراشين، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن «الكونفدرالية أحيت فاتح ماي هذه السنة بنبرة احتجاج قوية، باعتباره محطة نضالية ضمن مسلسل الغضب الاجتماعي»، مؤكداً أن «الطبقة العاملة تعاني من تدهور حاد في أوضاعها في ظل موجة الغلاء وعودة التضخم»، مضيفا أن الاحتجاج كان على الطريقة التي تم بها تمرير مشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي وصفه بـ«القانون غير الشرعي»، معتبراً أنه «يكرس تقييد الحق في الإضراب بدل حمايته»، ومشدداً على ضرورة مراجعته بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وانتقد فيراشين «الضرب الممنهج للحريات النقابية»، مذكراً بأن المغرب «لا يزال لم يصادق على الاتفاقية الدولية رقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية»، وهو ما ينعكس، بحسبه، على التضييق في ممارسة العمل النقابي بالقطاعين العام والخاص، مشيرا إلى غياب تنزيل فعلي لميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي، داعياً إلى تحويله إلى قانون إطار يُلزم جميع الأطراف، ويُفعل الحوار على المستويات المركزية والقطاعية والترابية بدل الاكتفاء بالشعارات.