
محمد اليوبي
مرة أخرى، تتصدى مصالح الأمن الوطني بولاية أمن فاس للشبكات الإجرامية الخطيرة المتخصصة في التزوير والسطو على الملايين من خلال عمليات تدليسية، تستعمل فيها الوثائق المزورة، والأختام والمعدات التكنولوجية المتطورة.
وأعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، أول أمس الاثنين، عن تفكيك عناصر الأمن الوطني والاستخبارات لشبكات إجرامية وصفت بالخطيرة تتكون من 15 شخصا، متخصصة في إنشاء شركات ومقاولات وهمية، من أجل استصدار فواتير وقروض والقيام بمعاملات تجارية ومالية مزورة، جنى من خلالها أفراد العصابة الإجرامية مبالغ مالية كبيرة.
وأكدت مصادر أمنية رسمية أن تنسيقا أمنيا محكما بين عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة فاس ومصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، مكن، أول أمس الاثنين، من إيقاف خمسة عشر شخصا ينشطون ضمن شبكات إجرامية متخصصة في التزوير واستعماله في خلق شركات وهمية، واستغلالها في تنفيذ أنشطة مالية وتجارية مشبوهة.
وحسب المصادر ذاتها، أكدت المعطيات الخاصة بالبحث تورط المشتبه فيهم، الذين ينشطون ضمن شبكات إجرامية مختلفة، في خلق شركات ومقاولات وهمية واستعمالها في إصدار فواتير وبيعها لفائدة الغير، فضلا عن تورطهم في إنجاز معاملات مالية واستصدار قروض مشبوهة، وذلك قبل أن تقود الأبحاث المنجزة إلى تحديد هويات المتهمين الرئيسيين واعتقالهم بمعية عدد من الوسطاء والسماسرة المتورطين في هذا النشاط الإجرامي.
وحسب المصادر نفسها، فقد مكنت عمليات التفتيش المنجزة في إطار هذه القضية من حجز مجموعة من الوثائق الخاصة بتأسيس هذه الشركات الوهمية، فضلا عن حجز العشرات من الفواتير ودفاتر للشيكات والوثائق التجارية ووثائق التعريف في اسم الغير، علاوة على حجز مجموعة كبيرة من الأختام والمعدات الإلكترونية التي تحتوي آثارا رقمية لهذه الأنشطة الإجرامية.
ويجري إخضاع جميع الموقوفين للأبحاث القضائية التي تشرف عليها النيابة العامة المختصة، وذلك قصد رصد كافة الامتدادات المحتملة لهذه الأنشطة الإجرامية، وتحديد باقي المتورطين المفترضين فيها.
وكانت المديرية العامة للضرائب قد وضعت لائحة سوداء لشركات متخصصة في بيع الفواتير الوهمية، وأكدت المصادر وجود شبكات تعمل على تأسيس شركات متخصصة في بيع الفواتير الصورية، التي تستعمل في التهرب الضريبي من طرف شركات أخرى، حيث تمت إحالة عدد من الملفات على النيابة العامة لتحريك المتابعات القضائية في حق المتلاعبين بالفواتير.
وسبق للوزير الـمـنـتـدب الـمـكـلـف بـالـمـيـزانـيـة، فوزي لقجع، أن كشف أثناء مناقشة قانون المالية، أن إجـمـالـي الشركات غير النشيطة المعروفة بـ”النائمة” بـالـمـغرب يصل إلى 225 ألفا و906 شركات، حيث يلجأ أصحابها إلى تركها على هذا الوضع من أجل التهرب الضريبي، وكشف الوزير أن هناك من رجال الأعمال من يمتلك شركات كبرى أو “هولدينغ” يتوفر 8 أو 10 شركات نشيطة، بينما يتوفرون كذلك على 30 شركة نائمة لأنهم لم يعدوا في حاجة إليها، ولكونهم يستفيدون من التهرب الضريبي.
وطالب برلمانيون بالتشطيب على الشركات غير النشيطة، وتفعيل الإجراءات الزجرية المنصوص عليها في مشروع قانون المالية لمحاربة الغش الضريبي باستعمال الفواتير المزورة، وحسب مقتضيات مدونة الضرائب، يجب أن تكون عمليات شراء السلع والخدمات التي يقوم بها الخاضع للضريبة لدى بائع خاضع للرسم المهني منجزة فعليا ومثبتة بفاتورة قانونية لها قوة الإثبات تحرر في اسم المعني بالأمر، وعندما تعاين الإدارة أنه تم تحرير فاتورة مم قبل او باسم مورد مخل بالتزاماته المتعلقة بالإقرار وأداء الضرائب المنصوص عليها في مدونة الضرائب، وعدم وجود نشاط فعلي، فإن الخصم المطابق لهذه الفاتورة لا يتم قبوله، كما وضعت إدارة الضرائب رهن إشارة الخاضعين للضريبة على موقعها الإلكتروني قائمة لأرقام التعريف الضريبي للموردين المخلين، تعدها وتحينها بصورة منتظمة.
وتم تدقيق الحالات التي تستوجب تطبيق الجزاءات الجنائية والتنصيص على استثناء الشكايات المتعلقة بإصدار الفاتورات الصورية من الإحالة على لجنة المخالفات الضريبية، مع إعطاء الصلاحية للوزير المكلف بالمالية لإحالة هذه الشكايات مباشرة إلى النيابة العامة، وكشفت المصادر، أنه رغم إقرار هذه التعديلات، مازالت هناك عدة ممارسات مخلة بالقانون، من قبيل إقدام بعض الأشخاص على تأسيس شركة أو شركات متخصصة في إصدار الفواتير الصورية.
وأكد تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات وجود شركات وهمية لا تُمارس أي نشاط فعلي، فيما يتخصص أصحابها في بيع الفواتير الوهمية التي تستعمل في التملص الضريبي، وأكد التقرير أن معظم المديريات الإقليمية للضرائب لا تقوم بوضع خطة فعالة لحل إشكالية الشركات غير النشيطة (المشطب عليها وغير المشطب عليها، والتي لم تعد تزاول نشاطا مهنيا لعدة سنوات)، وأفاد التقرير أنه في حال اختيار المديرية عدم تطبيق التضريب، فإن ذلك يتم دون التأكد من عدم استمرارية وجود هذه الشركات من خلال التحريات الميدانية، أو لدى الجهات المختصة بما في ذلك المحاكم التجارية للاستفسار عما إذا كانت الشركات المعنية قد شطب عليها من السجلات التجارية أو هي قيد التصفية القضائية، وفي غياب هذه التحريات لا يمكن اعتبار الشركات غير النشيطة غير موجودة لأنها لا تزال تتمتع بوجود قانوني، ويمكنها بعد ذلك أن تشرع في تقديم إقراراتها بعد استفادتها لفترة طويلة من عدم التضريب، ومن جهة أخرى، فاستمرار التضريب التلقائي لهذه الشركات من شأنه أن يضخم من الباقي استخلاصه مع ضآلة أو انعدام فرص تحصيل هذه الفئة من الديون.