
تم قبل أيام إيقاف رئيس الفليبيني السابق «رودريغو دوتيرتي»، وذلك بناء على مذكرة توقيف صادرة في حقه عن المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الحرب التي شنها ضد تجار المخدرات، حيث أمر بعدم محاكمة كل من له علاقة بالمخدرات، سواء كانوا تجارا أو وسطاء أو مدمنين، بل شكل شرطة خاصة منحها صلاحيات الإعدام المباشر لهؤلاء دون محاكمة، فإلى جانب الإعدامات الميدانية تتهم الجنائية الدولية «دوتيرتي» بممارسات تصفها بـ«الوحشية» في حق 1400 مواطن فليبيني، بعضهم تم إلقاؤهم من الطائرات المروحية دون محاكمات.
إلقاء المتهمين من الطائرات المروحية
ولد في 28 مارس 1945 رودريغو دوتيرتي، المعروف أيضا باسم «روا وديغونغ»، وهو محام وسياسي فليبيني، والرئيس السادس عشر للفليبين. وأول رئيس للبلاد من جزيرة مينداناو، والرابع الذي يعود أصله إلى شعب «فيسايا». تولى دوتيرتي المنصب بعمر 71 عاما، ليكون هو أكبر من تولى رئاسة الفليبين سنا؛ حمل هذا اللقب سابقا الرئيس سيرخيو أوسمينيا في سن 65 عاما.
يعود نجاحه السياسي إلى دعمه الكبير لقتل متعاطي المخدرات والمجرمين الآخرين خارج نطاق القضاء، حيث قامت جماعات حقوق الإنسان بتوثيق أكثر من 1400 جريمة قتل يُزعم أنها ارتكبت خارج نطاق القانون في دافاو بين عامي 1998 وماي 2016، وكان الضحايا أساسا من متعاطي المخدرات والمجرمين الصغار وأطفال الشوارع. وكثيرا ما أكد دوتيرتي ونفى تورطه في عمليات القتل. وفي يناير 2016، أصدر مكتب أمين المظالم تقريرا بشأن فرقة الموت المزعومة في «دافاو» في الفترة بين عامي 2005 و2009، ولم يجد أي دليل يدعم عمليات القتل المنسوبة أو يحتمل نسبها إلى فرقة الموت في دافاو، أو مشاركة العمدة رودريغو دوتيرتي في الأمر. وقد أعيد فتح القضية منذ ذلك الحين. وقد أكد دوتيرتي مرارا أنه قتل شخصيا ثلاثة مشتبهين بعملية خطف، بينما كان عمدة على دافاو في عام 1988.
في 9 ماي 2016، فاز دوتيرتي في الانتخابات الرئاسية الفليبينية بنسبة 39.01 في المائة من الأصوات، وهزم خصمه الليبرالي مارس روكساس. وعد دوتيرتي خلال حملته الانتخابية بأن يخفض الجريمة، بقتل عشرات آلاف المجرمين. وقد ركزت سياسته الداخلية على مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات، عن طريق بدء حملة لقتل التجار. وبعد انتقادات خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان بأن عمليات القتل خارج القانون قد ازدادت منذ انتخابه، هدد دوتيرتي بسحب الفليبين من الأمم المتحدة وتشكيل منظمة جديدة مع الصين والدول الإفريقية. وأعلن أيضا عزمه على اتباع «سياسة خارجية مستقلة»، وسعى إلى إبعاد الفليبين عن الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وإقامة علاقات أوثق مع الصين وروسيا.
وفي 2016 اعترف دوتيرتي بإلقاء شخص من الطائرة، لكونه تورط في جريمة اغتصاب، قائلا: «إذا كنت فاسدا سأجلبك بطائرة هليكوبتر إلى مانيلا وسألقي بك منها، فعلت ذلك من قبل، فلماذا لا أفعله مرة أخرى؟». وأضاف: «بعيدا عن أي دراما، سأسحب مسدسا وأرديك قتيلا إذا لم يفعل شخص آخر ذلك». ويأتي التهديد الأخير، بعد اعترافه بقتل أشخاص عندما كان رئيسا للمجلس المحلي لمدينة دافاو على مدى 22 عاما، وقال إنه فعلها أحيانا باستخدام دراجة نارية.
الرئيس يفخر بقتله للمجرمين
رأى دوتيرتي أن ما أقدم عليه من قتل كان في إطار عمليات مشروعة للشرطة، من بينها واقعة تضمنت احتجاز رهائن، وقال الرئيس الفليبيني السابق حينها إن 6 أشخاص اعتقلوا في مانيلا، ومعهم نصف طن من مادة الميثامفيتامين المخدرة، المعروفة محليا باسم «شابو»، كانوا محظوظين لأنه كان هو خارج العاصمة، وقال: «كانوا محظوظين لأنني لم أكن في مانيلا في ذلك الوقت، لو كنت وعلمت بوجود هذه الكمية الكبيرة من «شابو» داخل منزل، لكنت حتما قتلتهم». ولم يتضح على الفور متى وأين وقع حادث الهليكوبتر الذي تحدث عنه، لكن المتحدث باسم الرئيس إرنستو أبيلا أشار إلى أن هذا ربما لم يحدث فعلا، وقال للصحافيين: «فلنصفها بأنها أسطورة حضرية».
وقرر الرئيس فرديناند ماركوس الابن، الذي خلف دوتيرتي سنة 2022 وتورط في نزاع سياسي مرير مع الرئيس السابق، عدم الانضمام إلى الجنائية الدولية، لكن حكومته قالت إنها ستتعاون إذا طلبت المحكمة من الشرطة الدولية اعتقال دوتيرتي. وقالت الحكومة الفليبينية إن الشرطة ألقت، الثلاثاء، القبض على الرئيس الفليبيني السابق رودريغو دوتيرتي، في مطار مانيلا الدولي، بناء على أمر من المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية. وقال مكتب الرئيس فرديناند ماركوس في بيان إن دوتيرتي اعتقل بعد وصوله من هونغ كونغ، واحتجزته الشرطة بأمر من الجنائية الدولية التي تحقق في عمليات القتل الجماعي التي وقعت، خلال الحملة الشرسة التي شنها الرئيس السابق على تجارة المخدرات.
وجاء في بيان الحكومة: «فور وصوله، قدم المدعي العام إلى الرئيس السابق إخطارا بمذكرة الاعتقال التي أصدرتها بحقه الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية. وهو الآن في عهدة السلطات».