قم بتنزيل تطبيق الأخبار بريس: App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

الصحراء.. قصيدة السيادة التي أنشدها العالم

نعيمة لحروري

 

 

في مساء من مساءات الوطن التي تكتب بماء الفخر، كان المغرب على موعد مع لحظة أممية تشبه انتصارات التاريخ.

أقرّ مجلس الأمن القرار الذي كرس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وبارك للعقل الدبلوماسي المغربي رشده وثباته. لحظة لم تكن عابرة، بل تتويجا لمسارٍ طويل من الحكمة والصبر والعمل الهادئ خلف الأبواب المغلقة، حتى صار الحق ينطق باسم المغرب لا عنه.

لم يكن هذا المساء كسائر المساءات، فقد ارتفعت في القلوب رايات غير منظورة، وشعر المغاربة أن رمل الصحراء الدافئ يضيء أكثر، وأن المسيرة الخضراء ما زالت تمشي فينا بخطاها التي لا تكل.

القرار الأممي الأخير ليس مجرد تصويت سياسي، بل إعلان اعتراف عالمي بعدالة قضية دافع عنها الملك وشعبه بإيمان لا يعرف الوهن، وحكمةٍ تدرك أن الصراخ لا يصنع نصرا، وأن الدبلوماسية حين تكون صادقة، تنتصر.

إن فخرنا بهذا القرار ليس فخرا عابرا ولا مجرد نشوة لحظة، بل امتداد لذاكرة وطنية كتبتها الأجيال بالعرق والدم والوفاء. هو شهادة بأن المغرب لم يخطئ الطريق، وبأن الصحراء لم تكن يوما ورقة في مهب السياسة، بل كانت وستظل جزءا من الروح التي لا تباع ولا تساوم.

وها نحن نرى البهجة تنتشر كضوء من الشمال إلى الجنوب، من الرباط إلى العيون والداخلة، ترفعها زغاريد النساء وابتسامات الرجال، ودموع الفخر في عيون من عاشوا سنوات من التشكيك والإساءة. اليوم أنصفهم التاريخ، ونطقت العدالة بلسان أمميٍ واضح: الصحراء مغربية، والمغرب هو صاحب الكلمة الأخيرة.

ننظر اليوم نحو الأفق بثقة من يعرف طريقه، فالوطن الذي ربح معركة الكلمة لن يخسر رهان التنمية. وكما انتصرت الدبلوماسية في قاعات الأمم، ستنتصر الإرادة في ميدان البناء، في مدن الجنوب التي تُراد لها أن تكون منارات للتقدم، وأذرعا تمتد لتصل حاضر المغرب بمستقبله. الصحراء ليست نهاية الخريطة، بل بدايتها، ومنها سيكتب فصل جديد من نهضة تشبه شموسها التي لا تغيب.

إن هذا النصر لم يُهدَ إلينا صدفة، بل صنع بعرق الرجال والنساء الذين آمنوا أن المغرب فكرة قبل أن يكون حدودا، وروح قبل أن يكون خريطة. وها نحن اليوم نقطف ثمرة الصبر الطويل، ونسقيها بوعد جديد، أن نحمي الوطن لا بالشعارات، بل بالأفعال، وأن نرفع رايته بالعلم والعمل، لا بالصوت وحده.

أيتها الصحراء المغربية، يا نبض الجنوب وعنوان العزة، إننا لا نراك مجرد أرض، بل ذاكرة وطن بكامله، تنادي أبناءها كل صباح أن كونوا كما كنتم دائما، حراس الوحدة، وسفراء الأمل. فسلام عليك ما دامت فينا روح المسيرة، وما دام في هذا الوطن قلب يخفق باسمك، وصوت يقول بثبات لا يلين: من طنجة إلى الكويرة.. وطن واحد، علم واحد، ومصير واحد.

قم بتنزيل تطبيق الأخبار بريس: App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى