حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةخاصسياسية

الصناعة الجوية المغربية.. نموذج رائد برؤية ملكية وطموح عالمي

رؤية ملكية ترسخ الريادة الصناعية والقطاع حقق 26 مليار درهم من الصادرات سنة 2024

تجسد صناعة الطيران بالمغرب، اليوم، أحد أبرز النماذج الناجحة في مسار التنمية الصناعية الوطنية، بفضل الرؤية المتبصّرة والتوجيهات السديدة لجلالة الملك محمد السادس. فقد تحوّل هذا القطاع إلى ركيزة استراتيجية في السياسة الصناعية للمملكة، وواجهة مشرّفة للخبرة المغربية التي تجمع بين التفوق التكنولوجي والابتكار، والاستدامة وتكوين الكفاءات.

 

لمياء جباري

 

من الدار البيضاء إلى طنجة تواصل صناعة الطيران المغربية تعزيز حضورها العالمي، خصوصاً مع إطلاق جلالة الملك أشغال بناء المركب الصناعي لمحركات الطائرات التابع لمجموعة «سافران» بالنواصر، والذي يشكل مرحلة جديدة في مسار التطور الصناعي للمملكة. هذا المشروع يأتي ليؤكد مكانة المغرب كشريك موثوق به عالمياً، قادر على مواجهة تحديات قطاع الطيران المستقبلية، بفضل بنياته التحتية الحديثة وكفاءاته الوطنية المؤهلة. ولا يقتصر تميز الصناعة الجوية المغربية على أدائها الإنتاجي، بل يمتد إلى انسجامها الكامل مع التوجهات الاستراتيجية للمملكة في مجالي الاستدامة والابتكار. فقد تبنى القطاع مبادئ الصناعة 4.0 عبر رقمنة سلاسل الإنتاج، وتحسين الإجراءات وتقليص البصمة الكربونية، ما جعله جزءاً من التحول الصناعي العالمي نحو نموذج أكثر كفاءة واحتراماً للبيئة.

 

تحقيق 26 مليار درهم عام 2024

قص الملك محمد السادس، بداية الأسبوع الماضي، شريط إطلاق أشغال إنجاز المركب الصناعي لمحركات الطائرات التابع لمجموعة «سافران»، والذي يعزز مكانة المغرب في مجال صناعة الطيران على الصعيد العالمي.

يضم المركب الصناعي الواقع ضمن المنصة الصناعية المندمجة المخصصة لمهن الطيران والفضاء «ميد بارك» بالنواصر، مصنعين أحدهما مختص في تجميع محركات الطائرات لمجموعة «سافران» واختبارها، والثاني مهيأ لأنشطة صيانة محركات الطائرات من الجيل الجديد LEAP وإصلاحها.

ويتميز المصنعان الجديدان بالكفاءة والابتكار والاستدامة، ويمتن الشراكة الاستثنائية القائمة بين المغرب و«سافران»، في ظل إرادته القوية للنهوض بقطاع الطيران وإيصاله إلى أعلى درجات التنافسية التكنولوجية.

وانطلق الحفل بعرض شريط مؤسساتي يظهر التطور الذي شهده مجال الطيران في المغرب خلال السنوات الأخيرة، وإلقاء رياض مزوار، وزير الصناعة والتجارة، كلمة أكد فيها تحول المغرب إلى وجهة عالمية لا محيد عنها في القطاعات المتطورة، وتمكنه من إرساء صناعة طيران من الطراز العالمي في غضون عقدين.

وأوضح مزور أن رقم معاملات القطاع عند التصدير سجل قفزة نوعية، إذ انتقل من أقل من مليار درهم سنة 2004 إلى أزيد من 26 مليار درهم عام 2024. وأشار مزور إلى أن هذا القطاع يتضمن في يومنا هذا أكثر من 150 فاعلا، من بينهم أكبر المصنعين العالميين، ويمثل واجهة حقيقية للخبرة الصناعية الوطنية.

وشدد الوزير على أن مجموعة «سافران»، الشريك التاريخي للمملكة منذ 25 عاما، تجدد، اليوم، ثقتها في منصة المغرب، استنادا إلى إقامة مركب مندمج للتصنيع والاختبار والصيانة، وإصلاح محركات الطائرات من مستوى عالمي.

وتبلغ القيمة الإجمالية لإنشاء مصنع لصيانة وإصلاح محركات الطائرات 1.3 مليار درهم، وتصل قدرة صيانته إلى 150 محركا في السنة، ويخلق 600 منصب شغل مباشر بحلول عام 2030. في حين تعادل الكلفة الإجمالية لتطوير مصنع خاص بتصنيع واختبار محركات الطائرات التجارية من طراز LEAP 1-A،  2.1 مليار درهم، التي يتم توظيفها على الخصوص في طرازات الطائرات «إيرباص A320 Neo». وتساوي طاقة تجميعه 350 محركا في السنة، وتشير الأرقام إلى توفيره 300 منصب شغل بمؤهلات عالية في أفق عام 2029.

ولفت المتحدث نفسه إلى أن هذا المشروع يعد ثاني موقع لإنتاج المحرك LEAP-1A  على الصعيد العالمي، ويخول للمغرب ترسيخ قدمه ضمن سلسلة القيمة العالمية لمصنعي محركات الطائرات، بقدر ما يتيح له جذب مصنعين جدد إلى المنظومة الوطنية.

 

من البدايات إلى الريادة

في أقل من ربع قرن، استطاع المغرب، بفضل الرؤية الملكية الطموحة، بناء منصة طيران ذات مستوى عالمي، مكّنته من الالتحاق بنادي الدول الرائدة في هذا المجال. وتعود جذور هذه الصناعة إلى عام 1958، حين أنشأت الخطوط الملكية المغربية ورشاتها لصيانة الطائرات بالدار البيضاء، ما وضع اللبنة الأولى للخبرة الوطنية في مجال الصيانة الجوية.

وفي 1999 انطلقت مرحلة جديدة من خلال شراكة استراتيجية بين الخطوط الملكية المغربية وشركة «سنيكما» (المعروفة اليوم بـ«سافران»)، تمخض عنها إنشاء شركة «سنيكما المغرب لخدمات المحركات (SMES)»، التي أصبحت لاحقاً «سافران لخدمات محركات الطائرات بالمغرب».

بعد عامين فقط، تأسست شركة «ماتيس أيروسبيس» بصفتها مشروعا مشتركا بين «سافران» و«بوينغ» والخطوط الملكية المغربية، لتدشن دخول المملكة مرحلة الإنتاج في مجال الطيران، من خلال تصنيع الأحزمة وأنظمة الأسلاك، ما مكن المغرب من الاندماج في سلاسل توريد كبريات الشركات المصنعة عالمياً.

 

مخطط إقلاع وتحول هيكلي

عام 2004 مثل نقطة تحول رئيسية بإطلاق مخطط إقلاع، الذي صنّف صناعة الطيران ضمن «المهن العالمية للمغرب»، ورسخ مكانة المملكة كشريك صناعي موثوق به لدى كبار المانحين الدوليين. وبعد سنتين أُحدثت مجموعة «الصناعات المغربية للطيران والفضاء (GIMAS)»، لتواكب تطوير وهيكلة المنظومة الصناعية الوطنية للطيران.

وفي السياق ذاته، عززت مجموعة «سافران» حضورها بالمغرب عبر إطلاق عدة فروع:

  • «سافران إلكتريك آند باور المغرب» (الرباط – عين عتيق)، المتخصصة في صناعة الأحزمة الكهربائية.
  • «سافران ناسيل المغرب» (النواصر)، المتخصصة في الهياكل المركبة للطائرات.
  • «سافران للخدمات الهندسية المغرب» (الدار البيضاء)، التي تساهم في تطوير قدرات الهندسة والتصميم.

 

تكوين الكفاءات وبناء المنظومات

مع إطلاق الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي عام 2009، تم تعزيز مكانة القطاع كرافعة استراتيجية للتنمية الصناعية. وشهد عام2011 تأسيس معهد مهن الطيران بالدار البيضاء، كثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص لتكوين تقنيين مؤهلين وفق معايير دولية. وفي 2013 دشن المعهد المتخصص في مهن الطيران ولوجستيك المطارات، تزامناً مع افتتاح منطقة «ميد بارك الدار البيضاء»، أول منطقة تسريع صناعي مخصصة للطيران، التي أصبحت نموذجاً يحتذى به عالمياً وتحتضن اليوم شركات كبرى مثل «إيرباص»، «سافران»، «هيكسل»، «برات آند ويتني» و«تاليس»..

 

تسارع صناعي وشراكات كبرى

أطلق مخطط تسريع التنمية الصناعية عام 2014 دينامية جديدة، عبر هيكلة المنظومات الصناعية حول ستة تخصصات: المحركات، الأسلاك، التجميع، الهندسة، الصيانة والإصلاح، والمركبات، بهدف رفع القيمة المضافة وتعزيز التكامل المحلي. وواصلت «إيرباص» توسعها الصناعي في المغرب، خصوصاً عبر فرعها «إيرباص أتلانتيك»، الذي يعزز إنتاج المكونات عالية القيمة بموقع النواصر.

وفي 2016 تحقق إنجاز نوعي بتوقيع اتفاق تاريخي، برئاسة جلالة الملك، مع شركة «بوينغ» لإحداث منظومة صناعية متكاملة في المغرب، تهدف إلى جذب مزودي الشركة الأمريكيين الرئيسيين نحو المملكة.

 

تنوع استثماري وفاعلون جدد

شهدت السنوات اللاحقة استقرار مجموعة من الفاعلين الجدد، من بينهم: «تاليس 3D  المغرب»، «تي دي إم أيروسبايس»، «هيكسل»، «سبيريت إيروسيستمز»، «سابكا ماروك»، «هوتشينسون»، «فيجياك أيرو»، «أتشيتوري» و«تريلبورغ».
وفي 2021 أبرمت «سابكا» و«بيلاتوس» عقداً لتجميع هياكل الطائرات لطراز PC-12  بالدار البيضاء، وهو إنجاز يعزز موقع المملكة في تصنيع المكونات المتقدمة. وفي 2022 وقّعت «كولينز إيروسبيس» اتفاقاً لتطوير منظومة توريد بالمغرب، في خطوة رسمية على هامش معرض فارنبورو الدولي للطيران.

 

صناعة محركات بطموح عالمي

عام  2023شهد مرحلة جديدة في الشراكة المغربية- الفرنسية من خلال إنشاء منظومة «سافران»، التي تهدف إلى تطوير سلسلة توريد مغربية تنافسية، وتحفيز البحث والتكوين ودعم الكفاءات الوطنية. وتوجت هذه الدينامية بتوقيع اتفاق حكومي بين المغرب وشركة «سافران»، برعاية جلالة الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لإحداث موقع لصيانة وإصلاح محركات الطائرات، ما يعزز تموقع المملكة في الصناعات عالية التكنولوجيا.

 

إنجازات رقمية وصناعية غير مسبوقة

اليوم تترجم الجهود في أرقام قوية: أكثر من 150 شركة عاملة في القطاع، وأكثر من 24 ألف وظيفة عالية التأهيل ونسبة اندماج محلي تفوق 40 بالمائة. فيما بلغ رقم معاملات صادرات القطاع 26,4 مليار درهم سنة 2024، ليؤكد المغرب بذلك مكانته كمنصة صناعية رائدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وقوة صاعدة في عالم صناعة الطيران.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى