
طاطا: محمد سليماني
اندلع حريق مهول، مساء أول أمس الخميس، بواحة “إيمي أوكادير” بجماعة فم الحصن التابعة إداريا لعمالة إقليم طاطا. وبحسب مصادر من عين المكان، فقد حولت النيران أشجار النخيل ومساحات شاسعة من المزروعات الكلئية إلى رماد، إذ لم تتم السيطرة على الحريق إلا بعد أن أتى على مساحات كبيرة، وخلف خسائر مادية جسمية.
واستنادا إلى المصادر، فقد اندلع الحريق في ظروف غامضة لم تتكشف بعد، إذ لم تلاحظ ألسنة اللهب إلا بعد تصاعد الأدخنة في السماء، وامتدادها عبر مئات أشجار النخيل التي تشكل مصدر عيش للسكان. كما أدى الحريق الذي استمر لساعات إلى إتلاف عشرات أشجار نخيل الواحة، الأمر الذي زاد من معاناة السكان.
وقد هب السكان المحليون إلى الواحة لإطفاء الحريق والحد من سرعة اتساعه وانتشاره، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلا أن محاولاتهم كانت محدودة جدا، ولم تعط أكلها على أكمل وجه، كما هرعت إلى مكان الحريق عناصر الإطفاء وشاحنة الوقاية المدينة، لتتم بعد تضافر جهود السكان والوقاية المدنية والسلطات المحلية والقوات المسلحة، والقوات المساعدة، وآليات جماعات مجاورة، السيطرة على الحريق، رغم أن النيران واصلت امتدادها، بعد تزامنها أيضا مع هبوب رياح “شركي” قوية بالمنطقة، ثم انعدام المياه قرب الواحة، إضافة إلى انعدام المسالك والمسارات داخل الواحة لعبور الشاحنات الصهريجية والعربات المحملة بالمياه لإطفاء الحريق، حيث إن صعوبة المرور داخلها ووعورة التضاريس وغياب المسالك الداخلية يعيق التدخل السريع والفعال، الأمر الذي يدفع المتدخلين في الإطفاء للاعتماد على وسائل يدوية خلال التدخلات. وسبق أن تعرضت واحة “إيمي وكادير” بجماعة فم الحصن لحريق مماثل قبل سنتين، أدى إلى احتراق ما يقارب نصف نخيل هذه الواحة.
إلى ذلك، فقد أصبحت الحرائق التي تندلع بمختلف واحات إقليم طاطا كابوسا مزعجا للسكان وللسلطات المحلية والإقليمية على حد سواء، خصوصا وأن النيران أضحت تتكرر بشكل مستمر. ومع حلول كل موسم صيف، تتجدد المخاوف من اندلاع الحرائق في واحات إقليم طاطا، الأمر الذي يتطلب البحث عن حلول ناجعة للتصدي لهذه الآفة.
وكان مجلس جهة سوس- ماسة قد صادق، خلال أشغال الدورة العادية لشهر أكتوبر 2023 على مشروع اتفاقية شراكة للحماية من الحرائق وتهيئة وتأهيل واحات طاطا. وقد خصص لهذه الاتفاقية اعتماد مالي يصل إلى 112 مليون درهم، منها 30 مليون درهم مساهمة من مجلس الجهة، فيما الباقي مساهمة من مجموعة من المتدخلين الآخرين، حيث ستهدف إلى اعتماد وسائل في إطار مهيكل لحماية واحات إقليم طاطا من آفة الحرائق، ودعم الأنشطة الاقتصادية بهذه المجالات القروية.
وخلال يونيو الماضي، بإقليم طاطا، أطلق رئيس الحكومة، رفقة وفد وزاري، مشروعا للتدبير المستدام للمنظومات البيئية الواحية، قصد تأهيل واحات طاطا ومواجهة الحرائق التي تهددها. وقد خصص لهذا المشروع مبلغ إجمالي يصل إلى 42 مليون درهم، بهدف تأهيل النظم الإيكولوجية للواحات واستدامة الموارد الطبيعية، ودعم الأنشطة المدرة للدخل، والرفع من قدرة تأقلم واحات طاطا لمواجهة التغيرات المناخية. ويمتد هذا المشروع الذي يستهدف بداية واحات ستة دواوير بجماعتي أقا وسيدي عبد الله بن مبارك، على مدى ثلاث سنوات.
ونظرا لأن واحات طاطا تعرف اندلاع حرائق بصفة مستمرة، تهدد مستقبلها ووجودها، فإن هذا المشروع سيعرف تهيئة 10 كيلومترات من الممرات والمسالك داخل الواحات لتسهيل التدخلات، وتجهيز الواحات بأعمدة إخماد الحرائق، وتوفير 10 آليات خاصة بالتدخل السريع لإخماد الحرائق، وخلق نقط مجهزة للماء.