الرئيسيةالملف السياسي

تداعيات انتشار جائحة فيروس «كورونا»

هكذا تعاملت الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
يمر المغرب على غرار كل بلدان العالم من مرحلة عصيبة بسبب تداعيات انتشار جائحة فيروس «كورونا» المستجد، ستكون لها بكل تأكيد انعكاسات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، هذا الوضع دفع بكل مكونات المجتمع المغربي إلى إجماع غير مسبوق لمواجهة المخاطر المحدقة بالبلاد، وتجندت الحكومة والبرلمان لاتخاذ تدابير وإجراءات استعجالية للحد من الوباء وتداعياته.

الأوضاع العصيبة التي يمر منها المغرب بسبب تداعيات انتشار فيروس «كورونا»، كشفت عن الروح التضامنية للمغاربة بجميع فئاتهم، فبمجرد إعلان الحكومة إحداث صندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس «كورونا»، تنفيذا للتعليمات الملكية، ونشر مرسوم بالجريدة الرسمية يتعلق بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم «الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس «كورونا» «كوفيد -19»، بدأ الصندوق يتلقى التبرعات من مختلف الفئات المجتمعية والشركات الوطنية، الكل يساهم بالقليل أو الكثير من أجل الوطن والمواطنين.

كما انخرط مجلسا البرلمان بكل مكوناته السياسية، التي تركت خلافاتها جانبا، وتوحدت لمواجهة الوضع، من خلال عقد اجتماع للجنة المالية لتقديم مرسوم إحداث صندوق مكافحة الفيروس، وتقديم مجموعة من المقترحات في مذكرة مفصلة موجهة إلى رئيس الحكومة، وفي سابقة نادرة، وقعت أحزاب الأغلبية والمعارضة الممثلة داخل البرلمان، على بلاغ مشترك، عن مساندتها للحكومة ودعمها المطلق للسلطات العمومية في مختلف الإجراءات والقرارات التي اتخذتها لمحاصرة أضرار هذا الوباء.

حساب خصوصي لمواجهة الفيروس
سارعت الحكومة إلى التوقيع على مرسوم إحداث حساب خصوصي بعنوان «الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس «كورونا»« ، وذلك تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، الداعية إلى توفير شروط تمويل الإجراءات الوقائية لمواجهة الفيروس والحد من آثاره، وذكرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أنه بالإضافة إلى الميزانية العامة للدولة، سيتم تمويل الحساب المذكور أيضا من خلال مساهمة العديد من الهيئات والمؤسسات، مضيفة أنه بناء على تعليمات الملك محمد السادس، سيساهم صندوق الحسن الثاني بغلاف مالي بقيمة مليار درهم، وسجلت الوزارة في بلاغ لها أن تنامي أشكال التضامن التي تم التعبير عنها من قبل أشخاص معنويين سواء في القطاع العام أو الخاص وكذا من قبل الأشخاص الذاتيين، سيمكن من تعبئة موارد مالية إضافية مهمة على شكل تبرعات، وأبرز البلاغ أنه سيتم تخصيص هذا الحساب، الذي رصدت له اعتمادات مالية بمبلغ 10 مليارات درهم، بشكل رئيسي من أجل تحمل تكاليف تأهيل الآليات والوسائل الصحية، سواء فيما يتعلق بتوفير البنية التحتية الملائمة والمعدات والوسائل الإضافية التي يتعين اقتناؤها بكل استعجال، وذلك من أجل علاج الأشخاص المصابين بالفيروس في ظروف جيدة، كما سيتم تخصيص هذا الحساب، وفقا للبلاغ، لدعم الاقتصاد الوطني لمواجهة تداعيات هذا الوباء من خلال التدابير التي ستقترحها لجنة اليقظة الاقتصادية (CVE) والتي تم إحداثها لهذا الغرض.
وصدر مرسوم إحداث الصندوق بالجريدة الرسمية، وقدمه وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، يوم الأربعاء الماضي، أمام لجنة المالية بمجلس النواب، بحضور عضوين عن كل فريق برلماني فقط، وأوضح المرسوم، أنه نظرا للطابع الاستعجالي والضرورة الملحة وغير المتوقعة، وبعد إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان، وبعد المداولة في مجلس الحكومة، المنعقد الاثنين الماضي، فإن وزير المالية هو الآمر بقبض موارد الصندوق وصرف نفقاته، ويتضمن الحساب في الجانب الدائن، المبالغ المدفوعة من الميزانية العامة، ومساهمات الجماعات الترابية، والمؤسسات والمقاولات العمومية، والقطاع الخاص، بالإضافة إلى مساهمات المنظمات والهيئات الدولية، والهبات والوصايا، كما يتضمن العقوبة المالية التي أصدرتها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بناء على القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، في حق شركة اتصالات المغرب، والمتعلقة بالأفعال المخلة بمبادئ المنافسة في قطاع الاتصالات، وتبلغ قيمة هذه العقوبة مبلغ 330 مليار سنتيم.
وسيتم تخصيص نفقات الصندوق، حسب المرسوم، في النفقات المتعلقة بتأهيل المنظومة الصحية، و المتعلقة بدعم الاقتصاد الوطني من أجل مواجهة آثار انتشار جائحة فيروس «كورونا»، والنفقات المتعلقة بالحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية للجائحة، والمبالغ المدفوعة لفائدة المؤسسات العمومية أو الهيئات العمومية أو الخاصة، و للجماعات الترابية، والمبالغ المدفوعة إلى الميزانية العامة.

تدابير استعجالية
بمجرد ظهور الحالات الأولى للمصابين بالوباء، تم تشكيل لجنة اليقظة الاقتصادية، التي عقدت اجتماعها الأول لمناقشة التدابير المقرر اتخاذها من أجل حماية الوضعية الاقتصادية بالمغرب في مواجهة الفيروس المستجد، وقال وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، في تصريح للصحافة قبيل بدء هذا الاجتماع، إن هذه التدابير تتجلى، بالخصوص، في دراسة تعليق المساهمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة للمقاولات في وضعية صعبة والتي قد تتقدم بطلب بهذا الخصوص، وتدارس وضعيات المقاولات التي قد تواجه أيضا صعوبات في سداد ديونها، كل حالة على حدة، وذلك إلى حين انتهاء هذه الأزمة، وأبرز أن هذه التدابير تروم مواكبة هذه المقاولات والأخذ بعين الاعتبار أثر تباطؤ النشاط الاقتصادي على المواطنين والأجراء والعمال الذين قد يتأثرون بالوضع.
كما أشار إلى أن الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس «كورونا»، الذي أعطى الملك محمد السادس تعليماته السامية بإحداثه، والذي ستوفر له اعتمادات بمبلغ عشرة ملايير درهم، سيصبح عمليا ابتداء من الاثنين الماضي، وأضاف بنشعبون أن الغرض من هذا الصندوق هو معالجة كل ما يتعلق بالصحة العامة، مشيرا إلى أنه سيكون هناك مجهود استثماري للارتقاء بالبنيات التحتية اللازمة لاستقبال المرضى أو المصابين بهذا الفيروس والحصول على الوسائل اللازمة للتكفل بهم في أحسن الظروف، من جهة أخرى، أكد الوزير أن مختلف الدول اتخذت عددا من التدابير الصارمة لوقف انتشار فيروس «كورونا»، مشيرا إلى أن هذه التدابير تتراوح بين إغلاق الحدود وحتى إلزام السكان بعدم مغادرة منازلهم، «وهذا الأمر له انعكاسات جد قوية على أداء الاقتصاد في مجمله (تباطؤ عدد من الأنشطة الاقتصادية وتوقف بعضها)».
وقررت اللجنة وضع خطة عمل، تستمر حتى نهاية يونيو، وستسري إجراءاتها الأولية اعتبارا من يوم الاثنين 23 مارس، وذكرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في بلاغ، أنه سيتم، في هذا الصدد، تنفيذ حزمة أولى من الإجراءات تهم تعليق أداء المساهمات الاجتماعية (مساهمة صندوق الوطني للضمان الاجتماعي)، وتأجيل سداد القروض البنكية لفائدة المقاولات، وأوضح البلاغ أنه تم، لهذه الغاية، إحداث لجنة تقنية لإعداد دليل يشرح آليات وشروط الاستفادة من هذه التدابير، بناء على كل حالة على حدة.
وأشارت الوزارة إلى أنه تقرر عقد اجتماع ثان للجنة، مبرزة أن أعضاء اللجنة سيسهرون على المتابعة اليومية لتطور الوضع الاقتصادي مع إيلاء اهتمام خاص للبعد الاجتماعي وآليات تدبير تكلفته، من جهة أخرى، سجلت الوزارة أن المناقشات بين أعضاء اللجنة مكنت من تسليط الضوء على التداعيات السلبية المتوقعة على قطاعات عديدة، مؤكدة أن قطاعي السياحة والنسيج هما الأكثر تأثرا في المرحلة الراهنة. وذكر البلاغ بأن اللجنة تتكون من ثمانية أعضاء من الحكومة، وبنك المغرب، والمجموعة المهنية لأبناك المغرب، والاتحاد العام لمقاولات المغرب وفدرالية غرف التجارة والصناعة والخدمات وفدرالية غرف الصناعة التقليدية.
ويوم الخميس الماضي، عقدت لجنة اليقظة الاقتصادية (CVE) اجتماع عملها الثاني  بمقر وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، واتخذت حزمة من التدابير الاستعجالية لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لانتشار فيروس كورونا، وذلك بعد إغلاق العديد من المرافق والمقاولات التي تشغل آلاف المستخدمين.
وقد أعطيت الأولوية في هذا الاجتماع الثاني، من جهة لاتخاذ الإجراءات على المستوى الاجتماعي لفائدة الأجراء الذين توقفوا عن العمل، ومن جهة أخرى لاتخاذ تدابير لفائدة المقاولات الأكثر تضررا من الأزمة، وأخيرا لتحديد حزمة تدابير على المستوى الجبائي، وهكذا، قرر أعضاء اللجنة اتخاذ سلسلة من الإجراءات لفائدة المستخدمين والمقاولات، وستظل هذه الإجراءات سارية المفعول حتى نهاية يونيو 2020. وبخصوص التدابير المتخذة لفائدة المأجورين، سيستفيد جميع المأجورين المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في فبراير 2020، المتوقفون عن العمل من طرف مقاولة في وضعية صعبة، من تعويض شهري ثابت وصافي قدره 2000 درهم، بالإضافة إلى التعويضات العائلية وتلك المتعلقة بالتأمين الإجباري عن المرض (AMO)، وسيتمكن هؤلاء الأجراء أيضا من الاستفادة من تأجيل سداد القروض البنكية (قروض الاستهلاك وقروض السكن) إلى غاية 30 يونيو 2020.
أما التدابير المتخذة لفائدة المقاولات والمقاولات المتوسطة والصغرى والمقاولات المتوسطة والصغيرة جدا والمهن الحرة التي تواجه صعوبات، تقرر تعليق أداء المساهمات الاجتماعية إلى غاية 30 يونيو 2020 ، وتأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الإيجار (leasings) حتى 30 يونيو المقبل بدون أداء رسوم أو غرامات، وتفعيل خط إضافي للقروض تمنحها البنوك ويضمنها الصندوق المركزي للضمان CCG.
كما اتخذت اللجنة كذلك عدة تدابير ضريبية لفائدة المقاولات، حيث يمكن للمقاولات التي يقل رقم معاملاتها للسنة المالية 2019 عن 20 مليون درهم، الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى 30 يونيو 2020، إذا رغبت في ذلك، بالإضافة إلى تعليق المراقبة الضريبية والإشعار لغير الحائز (ATD) حتى 30 يونيو 2020. وتقرر عقد الاجتماع المقبل للجنة اليقظة الاقتصادية، اليوم الاثنين، وسيخصص لدراسة سلسلة جديدة من الإجراءات التي سيتم اتخاذها لفائدة المأجورين  لغير المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل.
وتضم لجنة اليقظة الاقتصادية، التي يتولى وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة تنسيق أشغالها، بين أعضائها كلا من وزارة الداخلية، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الصحة، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، ووزارة الشغل والإدماج المهني، وبنك المغرب، والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وجامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات، وجامعة غرف الصناعة التقليدية. ويعمل مختلف أعضاء اللجنة كل في مجال تدخله، على وضع آليات رصد قطاعية، وذلك بتنسيق مع جميع الفرقاء المعنيين.

محاربة الاحتكار والمضاربات
تفعيلا لتعليمات عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، شهدت مقرات الولايات والعمالات بكل جهات المملكة، حالة استنفار قصوى، بعقد اجتماعات مع مختلف المتدخلين لاتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وتشكيل لجنة إقليمية لليقظة والتتبع.
ومن بين القرارات المتخذة على مستوى جميع العمالات والأقاليم، تنزيل الإجراءات الحكومية المتخذة بخصوص تعزيز المراقبة الصحية، ومنع التجمعات، وضمان تموين الأسواق، ومحاربة المضاربات في المواد الاستهلاكية. وطالب الولاة والعمال جميع المتدخلين بضرورة الانخراط في تنفيذ التدابير الضرورية لتحسين ظروف الصحة والسلامة داخل الأسواق والفضاءات العمومية، مع خلق لجان للمراقبة والتحسيس على مستوى المرافق المفتوحة للعموم، وإشراك المنتخبين والمجتمع المدني في توعية السكان لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي الإصابة بالعدوى، وكذلك مواجهة المضاربة والاحتكار وكل الممارسات «المشينة» التي تستهدف المواطنين.
وبعده، أصدر محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، قرارا بتقنين أسعار المطهرات الكحولية، بعد تسجيل ارتفاع مهول في أسعارها، بسبب الإقبال الكبير على هذه المواد من طرف المواطنين، منذ الإعلان عن تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا بالمغرب، كما نفدت هذه المواد من الصيدليات بسبب ممارسات بعض المضاربين. وصدر القرار بالجريدة الرسمية، باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار المطهرات الكحولية، بعد استشارة مجلس المنافسة، الذي أصدر رأيه حول الطلب، الذي يندرج في إطار أحكام المادة 4 من القانون رقم 12.104 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، والتي تنص على أنه يمكن للإدارة بعد استشارة مجلس المنافسة، اتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية، أو كارثة عامة، أو وضعية غير عادية بشكل واضح في السوق بقطاع معين، ولا يجوز أن تزيد مدة تطبيق التدابير المذكورة على ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة من طرف الإدارة.
وأشار المجلس إلى أنه يستفاد من مضمون طلب الرأي وكذا المعطيات الموضوعية للسوق، وجود مضاربة في أسعار الكمامات والمطهرات الكحولية، نظرا لازدياد الطلب الوطني والدولي عليهما جراء انتشار جائحة كورونا،  وبالتالي، فإن الشرط الأول المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون قد تم استيفاؤه؛ وحيث إن المشرع قد حدد بشكل حصري وليس على سبيل الاستدلال قائمة الأسباب التي من شأنها إضفاء طابع الشرعية للجوء إلى التدابير المؤقتة المنصوص عليها في المادة نفسها، وهي ظروف استثنائية، أو كارثة عامة، أو وضعية غير عادية بشكل واضح للسوق المعني. وأضاف المجلس أنه يمكن تعريف الظروف الاستثنائية على أنها أحداث غير عادية وغير متوقعة من شأنها المساس بالسوق، مما يستلزم التدخل الفوري للسلطات العمومية قصد وضع حد لأي مسلسل تضخمي كخصاص في المواد أو ارتفاع فاحش في أسعارها، وحيث إنه يمكن تعريف الكارثة العامة كأي حدث ذي أصل طبيعي أو إنساني يتسم بطابع الخطورة القصوى الاستثنائية والحدة غير المتوقعة من شأنه أن يؤدي إلى خسائر فادحة. وأكد المجلس أنه بالنظر إلى السياق الدولي والوطني المرتبط بانتشار الفيروس، والذي انتقل من صفة وباء إلى جائحة، حسب وصف منظمة الصحة العالمية بتاريخ مارس11 الجاري، وكذا الخسائر البشرية والمادية الوخيمة الناجمة عن هذه الجائحة، فإن الشرط الثاني المذكور في القانون قد تم استيفاؤه أيضا.

انتشار وباء كورونا يستنفر قرارات احترازية للمصالح الرسمية

ظهرت أول حالة من الجائحة العالمية لمرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، والذي يحدثُ بسبب فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (SARS-CoV-2) في المغرب في 2 مارس 2020، وفي الخامس من مارس 2020، أعلنت وزارة الصحة المغربية عن تسجيل ثاني حالة إصابة بالفيروس، أكدت مخبريا، لمواطنة مغربية قادمة من إيطاليا، تم في العاشر من مارس 2020، أُعلن عن أول حالة وفاة، وارتفاع عدد الإصابات لثلاث إصابات، وفي 11 مارس 2020، أعلن أن زوجة وابنة السائح الفرنسي كانت إيجابية أيضا. مما رفع إجمالي الحالات إلى 5 إصابات.
وتواصل الإعلان عن الحالات المؤكدة للاصابة بالفيروس، حيث أعلن عن حالتين جديدتين إحداهما لرجل مغربي يبلغ من العمر 39 عاما عاد من إسبانيا، وامرأة فرنسية تبلغ من العمر 64 عاما في اليوم نفسه، أعلنت وزارة الصحة المغربية عن شفاء المريض الأول، لتتواصل تطورات الحالة الوبائية ففي 14 مارس 2020، أعلنت وزارة الصحة عن تسع حالات جديذة، في وقت لاحق أعلن عن حالة الوزير عبد القادر اعمارة، مما رفع الإصابات إلى 18 إصابة. وفي 15 مارس 2020 أعلنت وزارة الصحة عن 10 حالات جديدة، ليرتفع عدد الحالات المُؤكدة لـ28 حالة.
في 16 مارس 2020، أُعلن عن تسع حالات مؤكدة، ليصبح عدد الحالات المُؤكدة 37، وفي 17 مارس 2020، أعلنت وزارة الصحة في المغرب عن حالة الوفاة الثانية بسبب الفيروس، وأثبتت إصابة مُواطنٌ مغربيٌ قدم من فرنسا، في اليوم نفسه، فيما أعلنت ست حالاتٍ جديدة، ليصل إجمالي المصابين 44 شخصا. وتواصل ارتفاع الحالات، ففي 18 مارس 2020 صباحا، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 5 حالات إصابة جديدة وفي نهاية اليوم، سجلت 5 حالاتٍ أخرى، ليرتفع العدد إلى 54 حالة مؤكدة، وفي 19 مارس 2020، أُعلن عن تسجيل 7 حالات إصابة جديدة، ليرتفع العدد إلى 61 حالة مؤكدة. وفي نهاية اليوم نفسه، أعلنت وزارة الصحة المغربية عن حالتين إصابة جديدتين وحالة شفاء واحدة، ليصبح عدد حالات الإصابة المؤكدة هو 63 حالة، بينما عدد حالات الشفاء هو حالتين.

حظر السفر
في 13 مارس 2020، أعلنت الحُكومة المغربية أنها توصلت إلى اتفاق لتعليق جميع رحلات الركاب ومعابر العبارات من إسبانيا والجزائر حتى إشعار مستقبلي، في 14 مارس 2020، عُلِّقت الرحلات الجوية من وإلى 25 دولة إضافية. وبحلول ذلك التاريخ، عُلِّقت الرحلات الجوية من/ وإلى الصين وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا والجزائر، بعد ذلك، توقف السفر الجوي قريبا بين المغرب والنمسا والبحرين وبلجيكا والبرازيل وكندا وتشاد والدانمارك ومصر وألمانيا واليونان والأردن ولبنان ومالي وموريتانيا وهولندا والنيجر والنرويج وعمان والبرتغال والسينغال وسويسرا والسويد وتونس وتركيا والإمارات العربية المتحدة، في 15 مارس 2020، أعلن عن تعليق جميع الرحلات الدولية مع باقي الدول.

توقيف التعليم
في 13 مارس 2020، قررت الحُكُومة المغربية إغلاق جميع المدارس مؤقتا، وذلك ابتداء من الاثنين 16 مارس 2020، وكشفت وزارة التربية الوطنية حينها أن القرار يشمل جميع مدارس التعليم بكل مستوياتها، بالإضافة إلى مراكز التكوين المهني ومؤسسات التعليم العالي العمومية والخاصة، حيث يشمل القرار جميع القطاعات التعليمية، فيما أكدت حينها الوزارة الوصية أنه ستتم مواكبة القرار من خلال التعليم عن بعد عبر عدد من المنصات الإلكترونية وعبر قناة الرابعة، وقد حددت الوزارة برنامجه على أن تتم عمليات الإعداد المتواصل للمحتوى الرقمي.

حالة الطوارئ الطبية
في 19 مارس 2020، أعلنت المملكة المغربية حالة الطوارئ الطبية، لتكون سارية في 20 مارس 2020 في الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي وتظل سارية حتى إشعار آخر، يتطلب هذا التوجيه تفويضا من مسؤولي الدولة المحليين للممواطنين بمغادرة منازلهم، مع استثناءات العاملين في محلات الأسواق الممتازة والصيدليات والبنوك ومحطات الوقود والعيادات الطبية وشركات الاتصالات والوظائف المستقلة الأساسية. وفي السياق ذاته، أشارت الوزارة الوصية إلى أن «حالة الطوارئ الصحية لا تعني وقف عجلة الاقتصاد، ولكن اتخاذ تدابير استثنائية تستوجب الحد من حركة المواطنين، من خلال اشتراط مغادرة مقرات السكن باستصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السلطة، وفق الحالات التي تم تحديدها في التنقل للعمل بالنسبة إلى الإدارات والمؤسسات المفتوحة، بما فيها الشركات والمصانع والأشغال الفلاحية، المحلات والفضاءات التجارية ذات الارتباط بالمعيش اليومي للمواطن، الصيدليات، القطاع البنكي والمصرفي، محطات التزود بالوقود، المصحات والعيادات الطبية، وكالات شركات الاتصالات، المهن الحرة الضرورية، ومحلات بيع مواد التنظيف، حيث إن التنقل سيقتصر على الأشخاص الضروري وجودهم بمقرات العمل، شريطة أن يتم تسليمهم شهادة بذلك موقعة ومختومة من طرف رؤسائهم في العمل».

ثلاثة أسئلة محمد زين الدين أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية : «إجراءات مواجهة كورونا إيجابية جدا ويجب تثمين روح التضامن لدى المغاربة»

1 – كيف يمكن تقييم التعاطي السياسي للحكومة مع أزمة وباء كورونا؟
إن التدبير الذي تعاملت به الجهات الرسمية مع موضوع انتشار وباء كورونا، يمكن وصفه بالتدبير الاستباقي، حيث إن الجهات المسؤولة استحضرت مختلف جوانب هذه الأزمة، سواء في بعدها الصحي أو الاقتصادي أو الأمني، من خلال سن مجموعة من التدابير الاستباقية غير المسبوقة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، حيث كانت في الخطوات الأولى قرارات لحظر الرحلات الجوية من وإلى البلدان التي كانت تعرف انتشارا لهذا الداء، وهو القرار الذي تبعه قرار آخر بإغلاق الأجواء. وكانت هناك إجراءات أولية منذ البداية، ونستحضر، أيضا، التعبئة الاجتماعية والمشاركة الفعالة لمكونات المجتمع، حيث لاحظنا انخراطها الكبير، ولعل هذه اللحمة هي مؤشر قوي على بناء مجتمع المواطنة، والذي هو مسؤولية تشاركية بين الدولة والأحزاب ومكونات المجتمع المدني، فالكل يتحمل المسؤولية في الحرص على سلامة وأمن الوطن. هذا بالإضافة إلى عنصر مهم لا يمكن تغييبه، وهو المبادرات الخاصة التي قام بها الملك من خلال الإعلان عن إحداث صندوق خاص لمواجهة جائحة فيروس كورونا، وهذا الأمر لاقى استجابة كبيرة جدا من مختلف الشرائح المغربية، وخصوصا من قبل المقاولات المغربية التي أبانت عن أنها مقاولات مواطنة، ونذكر هنا مساهمة العديد من المقاولات والمؤسسات العمومية، ورجال الأعمال والقطاعات الخاصة، وكل هذه المكونات ساهمت في ضخ ميزانية هائلة من أجل دعم هذا الصندوق، وهذا الأمر من شأنه أن يترجم عنصر التكافل الاجتماعي بين المغاربة في وقت الأزمة، والجانب المضيء في الحفاظ على لحمة المجتمع المغربي، من خلال الرؤية التشاركية بين المجتمع والدولة للحد من انتشار الوباء.

2- كيف واكبت المؤسسة التشريعية جهود محاربة الوباء؟
ما يمكن تسجيله هو أن هناك انخراطا مسؤولا من طرف البرلمان المغربي من خلال العديد من المبادرات، كانت أولاها المساهمة بشهر من التعويضات البرلمانية لصالح صندوق مكافحة جائحة كورونا، وهي مبادرة محمودة لقيت تجاوبا وترحيبا من طرف الرأي العام، وهو التوجه الواعي والمسؤول الذي عبر عنه البرلمان وكان فيه تغييب للنزعة السياسوية التي كانت تهيمن على الحقل السياسي المغربي. ولاحظنا كذلك أن نقاشات لجنة المالية كانت استحضارا لكيفية الحفاظ على السلم الاجتماعي، واستمرارية المقاولة المغربية من خلال المقترحات التي تقدمت بها الأغلبية والمعارضة، وكان فيها تغليب لمصلحة المواطنين ومصلحة الوطن، وهذا هو المحفز الذي أدى إلى صدور قرارات يمكن أن نصفها بأنها جريئة واستثنائية لصالح المواطن والمقاولة المغربية، من قبيل دعم المستخدمين بمبلغ 2000 درهم أو إرجاء أداء القروض الاستهلاكية وقروض السكن لثلاثة أشهر، بالإضافة إلى المزيد من الإجراءات التي كانت لصالح المقاولات والأفراد. وكان الهدف من كل هذه الإجراءات هو المساهمة في الحفاظ على السلم الاجتماعي، والبعد المقاولاتي أيضا من خلال إرجاء الضرائب المفروضة على المقاولات التي هي صمام الأمان، على اعتبار أن 90 في المائة من النسيج الاقتصادي المغربي يتشكل من المقاولات الصغرى والمتوسطة. وبالتالي كان هناك إدراك عميق من خلال لجنة اليقظة الاقتصادية، ومن خلال هذه القرارات التي تضمن استمرارية ودعم هذه المقاولات، التي تتعرض لهزات اقتصادية صعبة جدا، وهذا الأمر لا يهم المغرب فقط، بل إن هناك تحركا على مستوى العالم من أجل دعم القطاع الاقتصادي الذي سيتضرر بشكل كبير من هذه الأزمة. هذا دون إغفال الجانب الأمني على اعتبار عدد من السلوكات التي تحاول تقويض جهود الدولة في الإجراءات المتخذة من أجل محاصرة الوباء، والأمر هنا مرتبط بمحاربة الشائعات والأخبار الزائفة التي يروج لها بعض منعدمي الضمير. وعملت الحكومة على إصدار القانون الذي يحارب الشائعات وهذا النوع من الأخبار، وتابعنا تدخلات الأمن من أجل اعتقال المخالفين وناشري هذه الأخبار، حيث تم إيقاف أزيد من 14 حالة من مروجي الإشاعات، وهذا الأمر يدخل في اليقظة والحزم في تنزيل القانون الجنائي، والفصول 445 و446 المتعلقة بهذا النوع من الجرائم.

3- كيف يمكن استغلال هذه الروح الإيجابية في تخليق الحقل السياسي؟
من الظواهر الإيجابية التي تميز المواطن المغربي، بعد التكافل والتضامن وانتفاء الحزازات السياسية والحزبية وحتى العرقية، في اللحظات التي يكون فيها الوطن محط الحاجة إلى التضامن والتعاضد، وهو الأمر الذي لاحظناه في عديد من المناسبات، وهذا الأمر إيجابي جدا ويطبع الحقل السياسي بنوع من الانسيابية وانتفاء الصراعات في لحظات الشدائد. وبالتالي لابد من تثمين هذه اللحظة التاريخية، التي كشفت عن المعدن النفيس للمواطن المغربي، وهذا فيه، كذلك، احترام حتى للنص الدستوري الذي ينص على ضرورة التضامن المادي والمعنوي في مواجهة المخاطر التي تهدد البلاد، عموما يمكن القول إنها روح إيجابية تؤكد الامتياز المغربي والتكافل والقيم الإيجابية التي يتحلى بها المجتمع بمختلف عناصره.

مجلس النواب اقترح 44 تدبيراً لمواجهة تداعيات فيروس كورونا

عقدت لجنة المالية بمجلس النواب، الأربعاء الماضي، اجتماعا بحضور وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، ورفعت مذكرة تتضمن 44 مقترحا لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لانتشار فيروس كورونا.
واقترحت اللجنة مجموعة من الإجراءات والتدابير لتأهيل القطاع الصحي ودعم الاقتصاد الوطني، والمحافظة على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لجائحة كورونا.

مواكبة الفئات الهشة

من بين المقترحات التي رفعتها اللجنة تقديم دعم مالي لمؤسسة محمد الخامس للتضامن لمواكبة الفئات الهشة، باعتبار تجربتها وخبرتها في هذا المجال، وكذا لمؤسسة التعاون الوطني لضمان فعالية مساعدة هذه الفئات، واعتماد الدعم المباشر للفئات الهشة من خلال تخصيص تعويض شهري يعادل 2000 درهم لكل أسرة، وصرف الإعانات للأسر والمواطنين المتضررين في القطاع غير المنظم، وتهييئ مؤسسات الرعاية الاجتماعية ودور العجزة لاحتضان الأشخاص دون مأوى والمتشردين والأطفال في وضعية الشارع، واتخاذ التدابير الاحترازية والإجراءات الاجتماعية للحيلولة دون انتشار الفيروس فيها، وتفعيل وتسريع وتبسيط صرف المساعدات الاجتماعية المرتبطة بصندوق دعم التماسك الاجتماعي: برنامج تيسير وبرنامج دعم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وبرنامج الدعم المباشر للنساء الأرامل في وضعية هشة، وصندوق التكافل العائلي وبرنامج نظام المساعدة الطبية (راميد).
ودعت المذكرة إلى اعتماد الدعم المباشر للفئات الهشة، من خلال تخصيص تعويض شهري يعادل 2000 درهم لكل أسرة، وصرف الإعانات للأسر والمواطنين المتضررين في القطاع غير المنظم، وإلى القيام بإحصاء شامل لجميع المقاولين الذاتيين والمستخدمين في القطاعات غير المهيكلة التي تم إغلاق أنشطتها للاستفادة من الدعم المالي العمومي المباشر، بالاعتماد على إفادات السلطات المحلية والهيئات المهنية.
واقترحت مذكرة لجنة المالية بمجلس النواب توسيع وتبسيط المساطر وتسريع وتيرة صرف التعويض عن فقدان الشغل، وإعفاء الأسر المعوزة من أداء فواتير الماء والكهرباء، داعية، في السياق ذاته، إلى تعميم مجانية الأنترنيت بالنسبة للتلاميذ من أجل متابعة الدراسة عن بعد، وتمكين الأسر من الأجهزة التي تمكنهم من متابعة الدروس بالعالم القروي، ودعت إلى معالجة وضعية الأسر الهشة بتعليق مستحقات قروض الاستهلاك وقروض السكن، ولاسيما تلك المتعلقة بالسكن الاجتماعي، فضلا عن تعليق تنفيذ الإجراءات الخاصة بقطع الماء والكهرباء والهاتف عن الأسر التي لم تؤد فواتيرها، وكذا تعزيز نظام الإنعاش الوطني لتوفير العمل للفئات المشتغلة بالقطاعات غير المنظمة٠
وبخصوص تأهيل المنظومة الصحية، دعت المذكرة إلى ضرورة مواصلة الإجراءات الشجاعة التي اتخذتها كل السلطات الوطنية في مجال الوقاية من الوباء وتوعية المواطنين، داعية إلى مواصلة دعم ميزانية قطاع الصحة من أجل تقوية العرض الصحي، وبالأخص تجهيز مختلف المستشفيات بآلات التنفس الاصطناعي الضرورية لمعالجة ضحايا وباء كورونا المستجد، وإحداث مستشفيات جهوية مؤقتة ومتنقلة بالمناطق النائية بالعالم القروي والمناطق الجبلية. وشددت المذكرة على ضرورة تأهيل مستعجل لبنيات الاستقبال في المراكز الصحية الاستشفائية، وتوفير المعدات الصحية والوسائل اللوجيستيكية بجميع المؤسسات الصحية، وخاصة بالمراكز الصحية للقرب.
وطالبت المذكرة بتوسيع الطاقة الاستيعابية لمصالح الإنعاش والأمراض التنفسية، وإحداث وتجهيز المختبرات، خاصة بالمستشفيات الجهوية والجامعية، وتحسين ظروف اشتغال وتحفيز نساء ورجال الصحة والعناية بأطفالهم، بما في ذلك توفير أماكن خاصة للحضانة ومتابعة الدراسة، مع صرف التعويضات الخاصة بالحراسة والساعات الإضافية لفائدة الأطر الصحية، ودعم وتشجيع البحث العلمي.

دعم الاقتصاد الوطني

تقدمت اللجنة، أيضا، بمقترحات لدعم الاقتصاد الوطني، واقترحت مستوى دعم المقاولات والتجار والمهنيين بالقطاعين المنظم وغير المنظم، ووضع مخططات استعجالية لإنقاذ القطاعات المتضررة، بالإضافة إلى دعم وحماية المهن البسيطة وغير المهيكلة ومواكبتها من أجل تجاوز الظرفية الحالية، فضلا عن التعجيل بإخراج البرنامج الاستعجالي لمكافحة آثار الجفاف ودعم الفلاحين والمزارعين ومربي الماشية المتضررين من آثار الجفاف. وطالبت المذكرة، كذلك، بتفعيل مقتضيات القوة القاهرة على مستوى الصفقات العمومية للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، وتفعيل مقتضيات القوة القاهرة في العمليات بين التجار، وتوقيف كل الإجراءات الإدارية والبنكية والقضائية المرتبطة بحالة عدم الوفاء بأداء الشيكات والكمبيالات في هذه الفترة.
ودعت لجنة المالية، في مذكرتها، إلى إلغاء الذعائر المترتبة على الشركات في الصفقات العمومية المترتبة على التأخيرات في الإنجاز، وإلى تسهيل حصول المقاولات وتبسيط المساطر البنكية للحصول بشروط ميسرة على القروض وعلى تسهيلات الأداء من طرف الأبناك، إلى جانب الرفع من السيولة النقدية الوطنية من خلال تخفيض السعر المرجعي للفائدة وتخفيض نسبة الاحتياط الإلزامي للبنوك.

إجراءات اقتصادية استثنائية وتمويل للسوق الوطني

إلى جانب الإجراءات الميدانية التي اتخذها المغرب قبل بداية ظهور أول حالة إصابة بفيروس «كورونا»، واكبت السلطات الاقتصادية والمالية تلك الإجراءات بإجراءات اقتصادية موازية لتجنب التبعات السلبية الكبيرة لانتشار الفيروس على الاقتصاد الوطني، وقد تجلت تلك القرارات في الإعلان عن إحداث لجنة لليقظة الاقتصادية، وهي اللجنة التي باشرت لقاءاتها، حيث أعطيت الأولوية لاتخاذ الإجراءات على المستوى الاجتماعي لفائدة الأجراء الذين توقفوا عن العمل، واتخاذ تدابير لفائدة المقاولات الأكثر تضررا من الأزمة، وأخيرا لتحديد حزمة تدابير على المستوى الجبائي، حيث قرر أعضاء اللجنة اتخاذ سلسلة من الإجراءات لفائدة المستخدمين والمقاولات. وستظل هذه الإجراءات سارية المفعول حتى نهاية يونيو 2020.

الإجراءات والتدابير المالية
توزعت التدابير التي أقرتها اللجنة بين الإجراءات والتدابير لفائدة المأجورين، إذ سيستفيد جميع المأجورين المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في فبراير 2020، المتوقفون عن العمل من طرف مقاولة في وضعية صعبة، من تعويض شهري ثابت وصافي قدره 2000 درهم، بالإضافة إلى التعويضات العائلية وتلك المتعلقة بالتأمين الإجباري عن المرض (AMO)، كما سيتمكن هؤلاء الأجراء أيضًا من الاستفادة من تأجيل سداد القروض البنكية (قروض الاستهلاك وقروض السكن) إلى غاية 30 يونيو 2020.
وبالإضافة إلى التدابير المتخذة لصالح الأجراء أقرت اللجنة تدابير لفائدة المقاولات والمقاولات المتوسطة والصغرى والمقاولات المتوسطة والصغيرة جدا والمهن الحرة التي تواجه صعوبات، تمثلت في تعليق أداء المساهمات الاجتماعية إلى غاية 30 يونيو 2020، وتأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الإيجار (leasings) حتى 30 يونيو بدون أداء رسوم أو غرامات؛ تفعيل خط إضافي للقروض تمنحها البنوك ويضمنها الصندوق المركزي للضمان CCG، وأيضا التدابير الضريبية، حيث يمكن للمقاولات التي يقل رقم معاملاتها للسنة المالية 2019 عن 20 مليون درهم، الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى 30 يونيو 2020 إذا رغبت في ذلك؛ بالإضافة إلى تعليق المراقبة الضريبية والإشعار لغير الحائز (ATD) حتى 30 يونيو 2020.

مخزون الإنتاجات الوطنية
بدورها أكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أنه في إطار تدابير التتبع واليقظة التي تخص الأسواق الفلاحية، التي باشرتها الوزارة بالتنسيق مع المهنيين، وبالنظر إلى السياق الصحي الدولي والوطني الذي اتسمت به أزمة كوفيد-19، فإنها تشير إلى “عدم وجود أي انقطاع في الإنتاج وتؤكد على السير العادي والمنتظم لتموين السوق الوطنية بالمنتوجات الفلاحية والسمك”، وأوضحت الوزارة، أنه إلى حدود 14 مارس الجاري، فإن مخزون القمح الموجه للمطاحن الصناعية الذي تتوفر عليه هيئات التخزين يمكنه تغطية 3 أشهر.
وستصل التغطية إلى أكثر من 4 أشهر بحلول نهاية أبريل، مضيفة أن المستوى الحالي من المخزون المتاح سيغطي الاحتياجات الوطنية، بفضل المخزون من الإنتاج الوطني 2018 /19 والواردات التي تمت، أوالتي سيتم إجراؤها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، أما بالنسبة للخضر، يضيف المصدر، فإن إنتاج الطماطم البكرية سيغطي احتياجات السوق حتى شهر ماي، بالنظر إلى السير الجيد لموسم البواكر، مشيرا إلى أن الإنتاج المتوقع من الطماطم الموسمية كاف أيضا لتغطية احتياجات الاستهلاك الوطني، وينطبق الشيء نفسه على البطاطس والبصل.
ومن جانبه أعلن المجلس الأعلى للقضاء عن وقف الجلسات في مجمل المحاكم المغربية باستثناء الملفات الاستعجالية، وأشارت رئاسة النيابة العامة بدورها إلى اتخاذ إجراءات احترازية من خلال تقييد ولوج المواطنين للمحاكم، وإمكانية اللجوء إلى تقديم الشكايات عبر الأنترنت، فيما قررت وزارة التجهيز والنقل تمديد العمل بالتراخيص والبطائق المتعلقة بالنقل مثل وثائق الفحص التقني للسيارات والبطائق الرمادية ورخص السياقة التي استوفت أجلها، كما أعلنت عن إجراءات احترازية في مجال الطرق السيارة، وبدوره شدد بنك المغرب على تمويل الأبناك والشبابيك الأوتوماتيكية بالسيولة المالية الضرورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى