
النعمان اليعلاوي
كشف تقرير للمرصد الوطني للتنمية البشرية حول قياس رضا المستفيدين من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي أطلقته الحكومة ضمن التوجيهات الملكية عن مؤشرات إيجابية من حيث الأثر الاجتماعي والاقتصادي للبرنامج، مقابل استمرار عدد من التحديات المرتبطة بسلاسة الولوج إلى خدماته وآليات تواصله.
وأبرز البحث أن نسبة الرضا العام وسط المستفيدين بلغت حوالي 87,46 في المئة، وهي نسبة تعكس قبولا واسعا لدى الفئات المعنية بخصوص الدعم المالي الذي تم تقديمه، خاصة من حيث مساهمته في تحسين شروط العيش وتخفيف الأعباء اليومية عن كاهل الأسر. وقد أكد 95 في المئة من المشاركين في الدراسة أن عملية التسجيل وتدبير الطلبات اتسمت بالشفافية، كما عبر أغلبهم عن رضاهم عن وضوح المعلومات المتعلقة بالبرنامج وشروطه، في الوقت الذي سجلت فيه معطيات البحث أثرا إيجابياً ملموسا في مجالات الأمن الغذائي، وتحسين مستوى المعيشة، ودعم تمدرس الأطفال.
ورغم هذه النتائج المشجعة، فإن التقرير سلط الضوء على صعوبات حقيقية تواجه عددا من المستفيدين، خاصة في ما يتعلق بإجراءات التسجيل الرقمية، حيث اعتبرت نسبة كبيرة أن الولوج إلى المنصة الرقمية يتطلب مساعدة خارجية، وهو ما يعكس هشاشة المهارات الرقمية لدى فئات اجتماعية واسعة، خصوصا في المناطق القروية والمهمشة. فالتعقيد النسبي في عملية التسجيل دفع نحو طلب تدخل أفراد الأسرة أو المجتمع المدني، ما يطرح ضرورة تقوية آليات الدعم الاجتماعي للقرب، وتحسين جودة التواصل مع المرتفقين. وفي هذا الصدد، لم تتجاوز نسبة الذين وصفوا إجراءات التسجيل بالسهلة خمسة في المئة فقط، فيما رأى أكثر من ثلثي المستجوبين أن الشروط كانت واضحة، رغم الصعوبات التقنية، وهو ما يُظهر فجوة بين نجاعة الفكرة وتحديات التنزيل العملي على الأرض.
وكشف المرصد الوطني للتنمية البشرية أن مؤشرا وطنيا للرضا الاجتماعي خصص لقياس رضا المستفيدين من مختلف برامج الدعم، قد منح لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر تنقيطا بلغ 71 نقطة من أصل 100، مستندا إلى خمسة أبعاد أساسية تشمل سهولة الولوج والأثر والجدوى والملاءمة والشفافية. وبينما سجل البرنامج أداء جيدا في مجالات الأثر والملاءمة، فإن تحديات الولوج ظلت إحدى أضعف الحلقات، ما يدفع إلى ضرورة العمل على تبسيط المساطر الرقمية وتعزيز الدعم الاجتماعي المحلي، خاصة أن الولوج لا يقل أهمية عن الدعم نفسه.
ويخلص التقرير إلى أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، في صيغته الأولى، نجح في بلوغ شريحة واسعة من المواطنين المستحقين، وترك أثرا ملموسا على حياتهم اليومية، سواء من حيث تحسين شروط المعيشة، أو دعم القدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية، غير أن استمرار هذا النجاح يتطلب معالجة الإشكالات المتعلقة بالولوج والاستفادة، وتطوير أدوات التواصل، وضمان عدالة الاستهداف، بما ينسجم مع الخطاب الملكي حول تعميم الحماية الاجتماعية، باعتبارها دعامة أساسية للنموذج التنموي الجديد.
كما شدد المرصد في توصياته على ضرورة مواصلة الجهود لتجويد هذا الورش الوطني، من خلال إرساء منظومة تتبع وتقييم مستمرة، وتعزيز التقائية برامج الدولة الاجتماعية، وتحقيق تناغم أكبر بين المعايير النظرية للتأهيل والحاجيات الفعلية للأسر على الأرض، حتى يتحول البرنامج من مجرد آلية للمساعدة إلى أداة فعالة في سبيل الإدماج الاجتماعي والكرامة الإنسانية.