
النعمان اليعلاوي
تعيش مدينة سلا الجديدة، في الآونة الأخيرة، على وقع حالة من السخط الشعبي المتصاعد، بعدما تفاجأ السكان بانطلاق أشغال عمومية طالت عدداً من الشوارع والمرافق الحيوية، دون سابق إنذار أو توضيحات من الجهات المعنية. هذه الأشغال، التي وُصفت من قبل عدد من المتابعين بـ”العبثية” و”العشوائية”، خلفت استياءً عارماً بسبب ما اعتُبر مساً مباشراً بجودة عيش السكان وتشويهاً للفضاءات التي كانت، إلى وقت قريب، متنفساً حضرياً مهماً للساكنة.
وما أثار حفيظة السكان هو انطلاق هذه الأشغال بشكل مفاجئ ودون أي إشارات توضيحية، إذ شُرع في تكسير الأرصفة واقتلاع الأشجار وإزالة الحدائق والمناطق الخضراء، في مشاهد وصفتها الساكنة بـ”الصدمة الحضارية”، حيث تحولت أحياء بأكملها إلى مساحات مهجورة تُشبه مناطق متروكة، في ظل غياب أي رؤية واضحة، أو تفسيرات رسمية تبرر هذا التغيير الجذري.
إلى جانب ما ترتب عن هذه الأشغال من تشويه بصري، حيث عرفت عدد من المحاور الطرقية اختناقات حادة في حركة السير، بفعل غياب أي خطة بديلة لتنظيم المرور خلال فترة الأشغال، ما أدى إلى ارتباك كبير في تنقل السيارات والمارة، خصوصاً بعد تعطل الإشارات الضوئية في ملتقيات رئيسية، وازدياد الحوادث المرورية خلال ساعات الذروة.
ولم تقف تداعيات هذه الفوضى عند حدود الفضاء العام، بل امتدت لتطول البنيات التحتية الرقمية، حيث اشتكى عدد من السكان من انقطاعات متكررة في خدمات الإنترنت، مما أثر سلباً على الطلبة والمستخدمين الذين يشتغلون عن بُعد، وسط تجاهل تام من الشركات المعنية التي لم تُصدر أي توضيح بشأن أسباب هذه الأعطاب ولا موعد حلها.
ما عمق هذا الاحتقان الاجتماعي، الغياب شبه التام للتواصل المؤسساتي، حيث لم تصدر أية بلاغات رسمية تشرح طبيعة الأشغال أو أهدافها أو مدتها الزمنية، في وقت بدأت بعض الفرق الميدانية تعيد تهيئة ما سبق هدمه، ما أثار تساؤلات مشروعة حول ما إذا كان الأمر يتعلق بتصحيح لأخطاء ارتُكبت، أم بفصول من مشروع مرتجل لم تُدرس تبعاته بشكل جيد.
في ظل هذه الأوضاع، تعالت أصوات المجتمع المدني وعدد من الفاعلين المحليين للمطالبة بفتح تحقيق حول هذه الأشغال، والكشف عن الجهات التي تقف وراءها، ومدى احترامها للمعايير التقنية والتخطيط الحضري، مع دعوة السلطات المحلية إلى التفاعل الجدي مع مطالب الساكنة، وتقديم تفسيرات واضحة لما يجري، في سبيل إعادة الثقة وحماية الحق في بيئة سليمة ومرافق اجتماعية لائقة.





