الافتتاحيةالدوليةالرئيسيةسياسية

توتر بمخاطر دولية

يحبس العالم أنفاسه خوفا من غزو روسي لأوكرانيا، وفشلت كل محاولات الوساطة والزيارات المكوكية التي قام بها، الأسبوع الماضي، قادة الدول الكبرى، لبعث الحياة في اتفاقية «مينسك»، بين روسيا وأوكرانيا، والتي ولدت شبه ميتة، وباتت اليوم شبه مستحيلة وسط دق طبول الحرب.

ويبدو أن مصلحة بوتين تقتضي إبقاء العالم معلقا على أعصابه، بلا حلول أو تنازلات، مع ترك كل السيناريوهات محتملة.

وأمام هذا المشهد الجيوستراتيجي الذي يعيدنا إلى فترة الحرب الباردة، سيكون من الوهم الاعتقاد أن طبول الحرب التي تدق في أقاصي شمال أوروبا، هي مجرد نزاع تقليدي إقليمي بين دولتين جارتين، فانطلاق شرارة الحرب سيؤدي لا محالة إلى نتائج كارثية على العالم بأسره، وستصل مداها إلى المغرب ومحيطه، ويكفي أن نعلم أن أوكرانيا تعتبر المورد الرئيسي للقمح بأسواقنا، حيث بلغ حجم وارداتنا من هذه المادة الحيوية على مائدة المغاربة رقما قياسيا بلغ 6.5 ملايين طن من القمح خلال الموسم الزراعي 2021، أي ما يزيد بنحو 35 في المائة عن واردات 2020.

تداعيات الأزمة العسكرية إذن ستكون قاسية على المغرب بطبيعة الحال، على اعتبار أن كلا الدولتين روسيا وأوكرانيا من المصدرين الرئيسيين للقمح والمحروقات، ودخولهما في الحرب يعني فقدان بلدنا لأسواق تزويد مهمة، هذا دون الحديث عن المعضلة الاجتماعية التي سيعيشها عشرات الآلاف من المغاربة، الذين يتابعون دراستهم بالجامعات الأوكرانية والروسية. وقد بدأت ملامحها تظهر مع بلاغ السفارة المغربية في كييف، الذي أوصى كافة المواطنين المغاربة بمغادرة أوكرانيا، وذلك في أعقاب وجود تحذيرات دولية من هجوم روسي وشيك على البلاد.

بطبيعة الحال من المفروض على الحكومة المغربية، في ظل حالة اللاحرب واللاسلم، البحث عن بدائل أخرى للأمن الغذائي والطاقي في السوق العالمية، وأساسا من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وكندا، قبل أن تشتد الأزمة ويدخل العالم في دوامة التوتر والاصطفافات الجيوستراتيجية، التي سينتج عنها ارتفاع صاروخي في أسعار المحروقات والمواد الغذائية وتضخم اقتصادي، والذي لا يمكن أن تتحمله الكثير من الدول ذات الموارد المحدودة.

إننا إذن أمام توتر عالمي بمخاطر إقليمية، أما أولئك الذين يعتقدون خلاف ذلك، فهم يتجاهلون واقع أنه خلال الحروب العالمية، أو حتى خلال الحرب الباردة، كانت عدد من دول العالم قد وصلت في أكثر من مناسبة إلى شفير الهاوية والتوترات الاجتماعية الداخلية، بسبب مشاكل عالمية لا تنتمي إلى مجالها الوطني.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى