شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

جحيم غزة

بقلم: خالص جلبي

مقالات ذات صلة

 

لم تنطلق المظاهرات في المدن المغربية من فراغ، فغزة تحولت إلى جحيم على وجه الأرض. راسلت اثنين من الإخوة هناك، أولهما أبو رتيمة أسأله عن نفسه إن كان على قيد الحياة، فقد خسر ابنه وبيته وبعضا من أهله. أضع بين يدي القارئ المراسلات المتقطعة بيننا.

سألته عن الوضع فأجاب: الوضع مأساوي والإبادة مستمرة. الحمد لله، أنا بخير.

سألته: ما هي توقعاتك لمصير غزة؟ فأجاب: غزة الآن ركام. وخطة الاحتلال التهجير، وخطة مصر السيطرة السياسية عليها، بالتوافق مع ترامب، وخطة ترامب تحويلها إلى مشروع عقاري، وربما كل هذه المشاريع تلتقي في الجوهر، وكان جوابي كما جاء في محكم التنزيل: ثلاثة رابعهم كلبهم..

أما الأخ أبو رحمة فراسلته أسأله عن الأوضاع، فأجاب:

حياكم الله دكتور.. الحمد لله على الصعيد الشخصي ما زلنا في الدنيا بلا حياة.. الأخ أبو رتيمة التقيته، قبل أسبوعين تقريبا. كان بخير وتبدو عليه آثار الهم والحزن.. بشكل عام الوضع يزداد سوءا، بالأمس تم اجتياح منطقة تل السلطان في وسط رفح. وحسب شهود عيان، كانت هناك إعدامات ميدانية لعشرات الشباب، ولم يسمح لذويهم بنقل الجثث. يبدو أن إسرائيل الآن تتجه عمليا إلى القضاء على حكم حماس المدني بشكل كامل، فقد تم استهداف مديري تعليم ونوابهم مع ذويهم، ممن كان لهم دور في عودة العملية التعليمية بشكل جزئي، خلال فترة الهدنة.. كما تم استهداف سبعة من أعضاء المكتب السياسي لحماس مع ذويهم، خلال يومين فقط، أحدهم أثناء وجوده داخل غرفة العمليات في مستشفى ناصر الحكومي، حيث أصيب باستهداف سابق وتم اغتياله، مع إصابة مجموعة من طاقم التمريض والأطباء داخل المشفى. على صعيد الأمور الحياتية، الوضع يزداد سوءا بشكل يومي، مع زيادة حدة الحصار وإغلاق المعبر.

وكان تحليلي كالتالي:

المكرم أبو رحمة غزة: نحن ندعو لكم، لكن الحل في رياح القدر.. بنو صهيون علوا وركبوا رقبة ترامب. سوف يصل الأمر إلى نقطة ما. قد يهاجر نصف أهل غزة ويتوزعوا في «دياسبورا»، كما حصل لليهود من قبل، فدمروا مرات بدون أن يعقلوا ونقلوا إلى معسكرات الاعتقال على يد الآشوريين، ثم جرى تدمير القدس على يد تيتوس، القائد الروماني، عام 72 م، ثم كان الانتحار الجماعي في قلعة الماسادا لاحقا، ثم الإبادة على يد هتلر والنازيين.. ولا تنس تآمرهم على رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم. وفي معركة الخندق، كانت الإبادة الكاملة للمسلمين في الانتظار، بفعل خيانة اليهود.. يتم حاليا التخلص من فرافيط اليهود بإرسالهم إلى أرض المقتلة، في حملة صليبية خائبة ثامنة. كما ترى لعب بهم الغرب، كما جاء في قصة الثعلب والبراغيث وقطعة الجلد الجافة، فهي طريقة ذكية للثعلب بالغوص التدريجي في النهر، فتهرب البراغيث وتحتشد على قطعة الجلد اليابسة في فمه، فيرسلها إلى الماء، فتغرق كما فعل الغرب الخبيث مع براغيث اليهود. معظم اليهود اليوم يسكنون في أمريكا وكندا وسواهما لا يبرحون ويرضون المقرودين بالتبرعات مع الخلاص من نقيقهم، ومن يذهب إلى أرض غير آمنة هم من المناكيد المحفوفين بالخطر.

وأكرر دوما في مقالاتي أن من يغفل عن سنن الله، فإن سنن الله لن تغفل عنه. بإمكان اليهود الزاعمين للهولوكوست الذين يمارسونه اليوم على العرب، بناء دولة مواطنة تجمع اليهود والعرب، ويبقى العدل أرخص من الظلم والرحمة أعظم من الانتقام. ما يحدث في غزة منحنى بئيس في خط الحضارة الإنسانية يرسمه قلم صهيوني فيختم على مصيره ويحفر قبره المستقبلي بيده، كما جاء في محكم التنزيل «يخربون بيوتهم بأيديهم».. فمقدار الاحتقان ضده تسونامي هادر، سوف يرتد عليهم بسوء المآل.

أنتم الآن في جهنم أرضية تتطهرون، قلوب الشعوب معكم، لكن الحكومات ضعيفة عميلة ضد شعوبها، وهذا لن يستمر. يراقب الله من عليائه هذه الفظائع، ويمد لهم مدا، فكيده كبير ومكر أولئك هو يبور.

من الغريب على هؤلاء كيف تجرعوا كأس المذلة عبر التاريخ ويغدقونهم اليوم على العرب كأسا دهاقا، كما يفعل الجبان الخسيس فينتقم ليس من جلاده، بل يلبس ثوب الجلاد ليعوض عن نفسه الهزيمة التاريخية؛ كما يفعل اليهود كل عام فيحتشدون في قلعة الماسادا في جمع من الشبيبة اليهودية المنعمة من أمريكا وأوروبا، ثم يبدؤون بالزعيق في مكبرات الصوت لأشباح الجنود الرومان، الذين دخلوا القلعة، قبل ألف سنة، وينسون أو يتغافلون عمن أنزل بهم الويل والثبور من الأوروبيين.

سينتهي الأمر في تحليلي قريبا مع انتخابات بني صهيون المقبلة، وستكون نهاية النتن نتن وعفن خلف القضبان، مثل صديقه أولمرت.

الويل لمن لا يقرأ التاريخ، فلسوف يدفع الثمن مع الفوائد المركبة.

لك مني الدمع الهتون على أننا ولدنا في وقت الانحطاط العربي، ولن يدوم، فهي مطبات التاريخ. أبشر فمن ظلمات الليل ينبثق نور الصباح الجميل، وإذا اشتدت حلكة الليل فهي مقدمة انبلاج الفجر. وتلك الأيام كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان، وهؤلاء الصهاينة يظنون أنهم ملكوا مفتاح التاريخ، كما زعق يوما هتلر أن الرايخ الثالث سوف يبقى ألف عام، فانتهى في 13 سنة. وكما انتهى بينيتو موسوليني، مع عشيقته كلارا بيتاتشي، معلقين في الساحة العامة في روما عرايا منكسين، مثل خرفان المسلخ البلدي.

 

 نافذة:

ما يحدث في غزة منحنى بئيس في خط الحضارة الإنسانية يرسمه قلم صهيوني فيختم على مصيره ويحفر قبره المستقبلي بيده كما جاء في محكم التنزيل «يخربون بيوتهم بأيديهم»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى