
النعمان اليعلاوي
تستعد الحكومة والنقابات للجلوس إلى طاولة الحوار في جولة جديدة من الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وذلك في إطار التحضير لعيد الشغل، ووسط تصاعد الأصوات المطالِبة بتحقيق مكاسب اجتماعية ملموسة، خاصة في ظل السياق الاقتصادي والاجتماعي الضاغط، حيث تأتي هذه الجولة بعد تأجيل جلسة شتنبر 2024، وما رافقها من انتقادات لعدم احترام مأسسة الحوار، إضافة إلى تمرير القانون التنظيمي للإضراب الذي اعتبرته أطراف نقابية «انفرادياً» وغير متوافق عليه.
وبحسب مصادر نقابية، فإن هذه الجولة ستشهد عقد اجتماعات منفصلة بين رئاسة الحكومة والمركزيات النقابية، بالإضافة إلى الاتحاد العام لمقاولات المغرب، من أجل مناقشة عدد من القضايا الحارقة، في مقدمتها الزيادة في الأجور، ومراجعة الضريبة على الدخل وتحسين شروط العمل.
وفي هذا السياق، قال يونس فراشين، القيادي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح لـ«الأخبار»، إن «الحوار الاجتماعي الحقيقي ينبغي أن يفضي إلى نتائج ملموسة، لا أن يكون مجرد تمرين شكلي لربح الوقت»، مضيفاً أن «الطبقة الشغيلة تنتظر من الحكومة التزامات واضحة وقابلة للتنفيذ، وليس فقط وعوداً معلقة على وقع المناسبات». وشدّد فراشين على ضرورة «إعادة الثقة في الحوار الاجتماعي، من خلال تفعيل ما تم الاتفاق عليه سابقاً، والرفع الفوري من الأجور بما يتماشى مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور القدرة الشرائية».
وكان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أجرى اتصالات مع الأمناء العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، إلى جانب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، استعدادًا لجولة أبريل 2025. إلا أن هذه الجهود قد تواجه مقاومة قوية من قبل النقابات التي قد تقاطع الجولة، في حال اعتبرت أن الحكومة خالفت التزاماتها بموجب ميثاق الحوار الاجتماعي.
ورغم أن النقابات تؤكد التزامها بمبادئ ميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي، إلا أن تمرير الحكومة لقانون الإضراب دون مراعاة مطالب الشغيلة زاد من حجم الاحتقان الاجتماعي، مما يجعل الجولة المقبلة في أبريل مشحونة بأجواء غير مواتية للتفاهم. وفي حال استمرار الوضع الحالي قد تجد الحكومة نفسها أمام تحديات كبيرة في إيجاد حلول مرضية لجميع الأطراف، خاصة إذا تم طرح إصلاح قانون التقاعد كمحور رئيسي للجولة.
ويُذكر أن آخر اتفاق اجتماعي، تم توقيعه في أبريل الماضي، أقرّ زيادة عامة في الأجور بقيمة 1000 درهم لفائدة موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية، إلى جانب رفع الحد الأدنى للأجر بنسبة 10 في المائة، مع وعود بمراجعة الضريبة على الدخل، وترتقب النقابات أن تشكل الجولة المقبلة محطة حاسمة في مسار التفاوض، وسط دعوات إلى تغليب منطق الشراكة والتوافق على حساب المقاربات الأحادية.