شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

خوسي موخيكا.. أفقر رئيس في العالم

عرف عالميا ببساطته وتقشفه، وذلك منذ انتخابه رئيسا للأوروغواي، حيث لازم قيادة سيارة مهترئة، قدمت إليه عروض مالية ضخمة من طرف أثرياء لشرائها، إلا أنه رفض بشكل قاطع تلك العروض، كما أنه استغنى عن العيش في القصر الجمهوري، وفضل دوما البقاء في منزله الريفي البسيط. وأصبحت تصريحات وخطب موخيكا الذي توفي، قبل أشهر، أهم الأخبار في أمريكا اللاتينية، وتنشر صحف ومجلات البلدان الرائدة أقواله على الصفحات الأولى من الصحف، منها رفضه تلقي العلاج من سرطان المريء والكبد، إيمانا منه بأن سنه التي تجاوزت 90 عاما تعني أن الشعب أولى بالأموال التي ستصرف في علاج مرضين مزمنين.

 

انخراط أسطوري في قضايا شعبه

عاش منذ توليه الرئاسة عام 2010، في بيت ريفي متواضع بمزرعته، قرب العاصمة، مع زوجته لوسيا توبولانسكي، العضو بمجلس الشيوخ، والتي تتبرع هي الأخرى بجزء من راتبها، تاركا القصر الرئاسي للقاءات الرسمية، كما أنه لا يتمتع بحراسة أمنية مشددة كبقية رؤساء العالم. نظرا إلى ارتباطه بالفقراء، سبق أن عرض على حكومته عام 2014 استعمال بعض أجنحة القصر الرئاسي بمونتيفيديو لإيواء المشردين، بعد اطلاعه على عدم كفاية طاقة استيعاب المراكز المتوفرة بالبلاد. وقام موخيكا بالمشاركة بنفسه في عمليات التنقيب عن جثث المعارضين، الذين تعرضوا لأعمال قمع النظام الديكتاتوري في بلاده، خلال سبعينيات القرن الماضي.

هو رئيس الأوروغواي لفترة واحدة، انتهت في مارس 2015. مقاتل ثوري يساري سابق، اشتهر بشعبيته الكبيرة وسط طبقة الفقراء، وزهده في مظاهر السلطة، تطبيقا للمبدأ القائل «من يعشق المال لا مكان له في السياسة». ولد يوم 20 ماي 1935 بالعاصمة مونتيفيديو، من أب ينحدر من أصل إسباني باسكي وأم من أصل إيطالي. وتوفي والده عندما كان في الثامنة من العمر، واضطر إلى الاشتغال بمهن صغيرة لمساعدة أسرته على تغطية نفقاتها، تزوج من لوسيا توبولانسكي، زميلته بجماعة «توباماروس» الثورية اليسارية المسلحة، التي انضم إليها في شبابه. وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمونتيفيديو، وتابع دروسا في مدرسة القانون التابعة لمعهد ألفريدو باسكيث إسيبيدو، لكنه انقطع لاحقا، ومارس رياضة سباق الدراجات الهوائية منذ سن الـ13 إلى الـ17 من العمر، حيث مثل العديد من النوادي الرياضية.

عمل في فترة شبابه لدى إنريكي بلانكو آرو، مؤسس حزب الوحدة الشعبية، والتقى الزعيم الثوري تشي غيفارا في كوبا بعد الثورة، وانضم إلى جماعة «توباماروس».

رغم قناعاته وماضيه اليساري الثوري، اعتمد خلال ولايته الرئاسية بالمجال الاقتصادي على قطاع الأعمال والاستثمارات الأجنبية، خلافا لسابقيه الذين تبنوا منهجا اشتراكيا، معتبرا أنه رغم مجهوداته الكبيرة في محاربة الفقر، فإنه لم يستطع القضاء عليه بشكل كامل في البلاد.

بدأ حياته متمردا ومقاتلا ثوريا بالفترة ما بين 1960 و1970، كعضو سابق بالجماعة -التي استلهمت فكرها من الثورة الكوبية- وشارك بعمليات مسلحة، وتعرض لإصابات مختلفة بالرصاص. اعتقل عام 1971 وقضى بالسجن 14 عاما حتى 1985، بعد عودة البلاد إلى النظام الديمقراطي، واستأنف حينها العمل السياسي السلمي، وساهم عام 1989 في تأسيس «حركة المشاركة الشعبية» وانتخب عام 1999 عضوا بمجلس الشيوخ، وعين وزيرا للزراعة في الفترة ما بين 2005- 2008.

 

أوصى بدفنه مع كلبته

ترشح عام 2009 في الانتخابات الرئاسية، باسم حزبه «الجبهة العريضة»، تحالف يساري، وفاز في الدورة الثانية وأعلن رئيسا للبلاد في الأول من مارس 2010. وعلى المستوى الاجتماعي، وافق عام 2013 على إقرار قانون يبيح الإجهاض، وآخر يقنن بيع القنب الهندي. وصنفت الأوروغواي في عهده من قبل منظمة الشفافية الدولية على أنها البلد الأقل فسادا بأمريكا اللاتينية.

يؤمن بأهمية الاستثمار في التعليم لتحقيق تطور الشعب، قائلا إن «الشعب المتعلم لديه أفضل الخيارات في الحياة، ومن الصعب أن يتعرض لمكائد أو خداع الفاسدين». أما خارجيا، فحظي بالتقدير بعد إعلانه في ماي 2015، وفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، عن استعداد بلاده لاستقبال مئة يتيم سوري ممن أجبروا على اللجوء إلى البلدان المجاورة لسوريا برفقة بالغين من ذويهم، وذلك بمنزله الصيفي.

يتميز بصراحة في خطبه، حيث انتقد علانية عام 2012 بمؤتمر «ريو +20» النزعة الاستهلاكية المتفشية بالبلدان الغنية، وطالب في الأمم المتحدة بـنيويورك عام 2013 ممثلي الدول بالكف عن الذهاب إلى مؤتمرات القمة المكلفة والمسرفة التي لا تحقق شيئا.

يصنف «أفقر رئيس بالعالم»، لكونه لا يحتفظ سوى بـ10 في المئة من راتبه، الذي يبلغ شهريا 12 ألفا وخمسمائة دولار أمريكي، ويتبرع بالباقي لفائدة الجمعيات الخيرية، وتفيد وسائل الإعلام الدولية بأنه لا يتوفر في المقابل على أي حسابات مصرفية ولا ديون، وأغلى شيء لديه، وفق تصريحه، هو سيارته القديمة من طراز «فولكسفاغن بيتل» التي تقدر قيمتها بـ1945 دولارا.

وكان آخر لقاء إعلامي قال: «ما أريده هو أن أقول وداعا لمواطني بلدي ولمن عرفوني في الخارج. من السهل أن نحترم الذين يفكرون مثلنا، لكن علينا أن نتعلم بأن أساس الديمقراطية هو احترام الذين يفكرون بشكل مختلف. فالفئة الأولى هي أبناء وطني وأنا أقول لهم وداعا، مع عناق للجميع»، وفق تعبيره، والدموع «تكاد تسقط من عينيه»، ثم أنهى كلامه بأنه يرغب في أن يموت بمزرعته، وأن يكون مثواه الأخير تحت ترابها، «بجانب كلبتي مانويلا»، كما قال.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى