
محمد اليوبي
أثار الدعم الذي خصصته الحكومة، خلال سنتي 2023 و2024، لاستيراد الأغنام والأبقار جدلا كبيرا في أوساط الرأي العام، بسبب تضارب الأرقام المعلنة من طرف قادة أحزب سياسية في الأغلبية والمعارضة، حيث تحول هذا الموضوع إلى ورقة انتخابية تستعملها الأحزاب السياسية. وفي هذا الصدد، حصلت «الأخبار» على وثيقة رسمية صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، تتضمن الأرقام الرسمية المخصصة للدعم.
وتتضمن الوثيقة معطيات وبيانات بخصوص عدد المستفيدين من الدعم الذي خصصته الحكومة لاستيراد الأغنام بمبلغ 500 درهم عن كل رأس، وكذلك الكلفة المالية للتدابير الخاصة بوقف استيفاء الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المفروضة على واردات المغرب من الأبقار والأغنام والقمح بمختلف أنواعه، وذلك برسم سنوات 2021 و2022 و2023 و2024.
وتؤكد الوثيقة أن مجموع الدعم يفوق 1300 مليار سنتيم، ويتضمن الدعم المباشر مبلغ 500 درهم عن كل رأس بالنسبة إلى استيراد الأغنام، بالإضافة إلى الإعفاءات من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة بالنسبة إلى استيراد الأغنام والأبقار، وبلغ عدد المستفيدين من الدعم ما مجموعه 277 مستوردا، ومنهم أشخاص استفادوا بأكثر من شركة مسجلة بأسمائهم أو بأسماء مقربين منهم.
وأوضحت الوثيقة أنه في إطار التخفيف من آثار الجفاف، الذي عرفته البلاد في المواسم الفلاحية الفارطة، والذي تزامن مع أزمة جيوستراتيجية عالمية ترتب عليها اضطراب في سلاسل الإنتاج والتموين على مستوى العالم، وارتفاع في الأسعار العالمية للمواد الأولية، والتي أثرت سلبا على القدرة الشرائية للمواطن، تم وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على الأبقار الأليفة خلال الفترة الممتدة بين 21 أكتوبر 2022 و31 دجنبر 2023، وقد تم تمديد هذا الإجراء إلى غاية 31 دجنبر 2024، وذلك في حدود مائة ألف رأس.
غير أنه نظرا إلى استمرار ارتفاع أسعار لحوم الأبقار، ولضمان مواصلة تموين السوق المحلي من اللحوم الحمراء، وكذلك أخدا بعين الاعتبار الظروف المناخية، تبين أن حصة مائة ألف رأس المذكورة آنفا ليست كافية لتغطية الطلب على هاته اللحوم، وعليه تم رفع هذه الحصة إلى مائة وعشرين ألف رأس، وقد ترتب على هذا الإجراء منذ تطبيقه وإلى غاية 22 أكتوبر 2024، نقص في موارد رسم الاستيراد يقدر بـ7.3 ملايير درهم.
وفي السياق نفسه، تضيف الوثيقة، وللحد من وقع ارتفاع الأسعار العالمية لبعض المنتجات الفلاحية على المستهلك المغربي، تحملت الميزانية العامة للدولة الضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأبقار الأليفة المستفيدة من وقف استيفاء رسم الاستيراد منذ 03 فبراير 2023، وفي حدود مائة ألف رأس، وعلى غرار ما تم بالنسبة إلى رسم الاستيراد، فقد تم رفع الحصة المستفيدة من هذا الإجراء إلى مائة وعشرين ألف رأس، وقد ترتب على هذا الإجراء منذ تطبيقه وإلى غاية 22 أكتوبر 2024 تحمل ميزانية الدولة ما مجموعه 744 مليون درهم، وبلغ عدد المستفيدين من هذين الإجراءين 133 شركة منذ 21 أكتوبر 2022 إلى غاية 22 أكتوبر 2024.
وحسب الوثيقة، فإنه بالنسبة إلى الأغنام، وقصد مواجهة الجفاف الحاد الذي عرفه المغرب مما ترتب عليه ارتفاع كبير في أسعار أعلاف الماشية، ومن أجل إعادة تكوين القطيع المحلي، تحملت الميزانية العامة للدولة رسم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأغنام الأليفة منذ فبراير 2023، وقد ترتب على هذا الإجراء تطبيقه وإلى غاية 18 أكتوبر 2024 تحمل ميزانية الدولة لما يعادل 5,03 ملايير درهم، منها 3,87 ملايير درهم بالنسبة إلى رسم الاستيراد و1,16 مليار درهم بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة.
وابتداء من 19 أكتوبر 2024 وإلى غاية 31 دجنبر 2024 تم وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على الأغنام الأليفة، والذي ترتب عليه نقص في موارد رسم الاستيراد يقدر بـ15.7 مليون درهم، وتحمل الميزانية العامة للدولة لـ1.6 مليون درهم برسم الضريبة على القيمة المضافة عند استيراد هذه الأغنام، وبلغ العدد الإجمالي لرؤوس الأغنام التي تم استيرادها بمناسبة عيد الأضحى لسنة 2024، 474.312 رأسا، مستفيدة من الدعم المباشر الجزافي الذي حدد في 500 درهم للرأس، مما يجعل الغلاف المالي المخصص لهذه العملية يصل إلى 237 مليون درهم، كما بلغ عدد المستفيدين من هذه الإجراءات 144 شركة منذ 10 فبراير 2023 إلى غاية 22 أكتوبر 2024.
وكانت الحكومة قد خصصت في السنة الماضية دعما بمبلغ 500 درهم لكل رأس غنم مستورد، وكان الهدف المعلن هو توفير القطيع بأثمان معقولة، خلال عيد الأضحى، لكن «المضاربين» قاموا بإخفاء هذه الأغنام داخل الضيعات، وأعادوا بيعها بأسعار مرتفعة بعد العيد. وحسب الأرقام المعلنة من طرف أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري، فقد تم استيراد 480 ألف رأس في السنة الماضية، بدعم عمومي قيمته 240 مليون درهم، لكن مباشرة بعدما تم الإعلان عن دعم استيراد الأغنام الموجهة للأضاحي، تمت إضافة 500 درهم أخرى في المنبع، أي عند المنتجين، فلم يكن للعملية تأثير على خفض الثمن.
ومن جهة أخرى، خصصت الحكومة دعما ماليا لإنتاج اللحوم الحمراء، حيث تم توقيع عقد برنامج لدعم سلسلة اللحوم الحمراء، خلال فعاليات الدورة الخامسة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، المنعقدة خلال شهر ماي 2023، بين الدولة والفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، وتصل التكلفة الإجمالية لتنزيل مضامين العقد إلى ما يناهز 14.45 مليار درهم، منها 6.7 ملايير درهم كمساهمة من المهنيين، و7.75 ملايير درهم كمساهمة من الدولة، لكن لماذا لم يظهر أثر هذا الدعم في تخفيض أسعار اللحوم الحمراء؟